الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أصداف ولآليء – 8 – ( أساطير الأولين - 2 - )

عبدو أبو يامن

2008 / 12 / 18
الادب والفن


1- قال الحكيم : كان المعلم وتلاميذه مسافرين عندما نفد منهم الطعام في الطريق. طلب المعلم من بعضهم أن يذهب ليحضر طعاما فعادوا في آخر اليوم ومع كل منهم ما استطاع أن يجمعه من إحسان الآخرين:
كان هناك فاكهة معطوبة وخبز يابس ونبيذ قارب على الفساد.
كان بين التلاميذ من جاء بتفاح ناضج وهو يقول :
لقد فعلت المستحيل لكي أساعد معلمي وزملائي. قال ذلك وهو يقتسم التفاح معهم.
قال المعلم : ومن أين لك هذا التفاح؟
قال التلميذ : سرقته مضطرا لأن الناس كانوا يعطونني طعاما فاسدا بالرغم من أنهم يعرفون أننا هنا لنشر كلمة الله.
قال المعلم : اذهب بتفاحك ولا تعد. إن من يسرق من أجلي سيسرق مني!!)). ( مكتوب، لباولو كووليو )
فكم من المتاجرين باسم الدين، والآكلين حقوق الناس باسم الدين، والذين يكنزون الذهب والفضة باسم الدين، والمتسلقين على ظهره، والوالغين في دمه، والمتخمين على مائدته!!
فهذا بنك إسلامي، وهذه جمعية مسيحية، وهذا منتدى إسلامي،وذلك حزب شيعي وهذه مدرسة دينية، وتلك قناة دينية وكأن الدين بوابة عبور يمر من خلالها كل أنواع المحظورات والممنوعات، وكأن الدين غطاء يلبس به على الضعفاء والمساكين والبسطاء، وكأن الدين – أخيرا – قناع يتستر به كل صاحب مأرب ومصلحة، حتى أصبح أهل الدين والتقوى والصلاح مظنة شبهه، وحتى أضحى الدين متهما إلى أجل غير معلوم – ولا أقول برئيا حتى تثبت إدانته - .


2- قال الحكيم : يقول المعلم : هناك إلهان. الإله الذي علمونا عنه وذلك الذي يعلمنا. الإله الذي يتكلمون عنه عادة‘ وذلك الذي يكلمنا. الإله الذي تعلمنا أن نخافه وذلك الذي يحدثنا عن الرحمة. هناك إلهان: الإله الذي في السماء وذلك الذي يشاركنا حياتنا اليومية. الإله الذي يأمر وينهى ويطلب منا ويثقل علينا وذلك الذي يعفو عن ذنوبنا ويغفر لنا شكوكنا. الإله الذي يهددنا بالويل والثبور والجحيم، وذلك الذي يهدينا إلى الطريق المستقيم. الإله الذي يسحقنا تحت خطايانا وذلك الذي يحررنا بحبه!! ( مكتوب، مرجع سابق ).
فالطفل عندنا - حين لا تزال تسيطر عليه مخاوف الطفولة وأوهامها - نحفر في سويداء قلبه ونزرع في نخاع عظامه صورة ذلك الإله المنتقم الجبار شديد العقاب الذي لا يرحم، صاحب النار وجهنم والسعير التي لا يكاد ينجو منها مذنب أو عاص..
وإلى أين المفر أيها المسيكين من سؤال منكر ونكير، وضمة القبر وظلمة المصير، وعناء المسير، وقلة الزاد وبعد الشقة وفقدان الاتجاه؟!!
حتى ينشا الناشئ فينا وصورة جهنم لا تكاد تفارقه، والموت والثبور وعظائم الأمور لا تبرح مخيلته، حتى أصبحت عبادتنا وصلاتنا وقيامنا وشعائرنا كلها قائمة على الخوف، فلولا النار ما صلينا ولا صمنا ولا تصدقنا، ولولا الخوف ما آمنا ولا صدقنا، وحتى أضحت طبائعنا طبائع العبيد لا طبائع الأحرار، نعبده خوفا لا رجاء، ونعبده طمعا لا محبة، نعبده ليطعمنا ويسقينا ويرزقنا ويحمينا.
فأين العبادة القائمة على الطاعة والتسليم ، وأين العبادة القائمة على المحبة والرضا ، وأين العبادة القائمة على الاقتناع والإقرار؟
ولا تسل بعد ذلك عن نتائج هذه التنشئة : فكم من إنسان خرج من حظيرة الدين ولم يرجع، وكم من إنسان عاش في جحيم المخاوف وفقدان الثقة والتردد، كائنات هائمة وجلة مضطربة متذبذبة حائرة قد فقدت كل قابلية في الحياة؛ لأن ينابيع الحياة قد جففت لديها مذ كانت غضة يانعة طرية الإهاب، تسرب من بين أناملها كل رجاء وأمل في حاضر أو مستقبل، تغشاها السواد وتبطنها حتى أضحى الوجود كلها لديها سوادا.. كائنات هامشية سلبية اتكالية جبرية، سحقها الواقع المر الأليم من تحتها وأطبقت عليها التعاليم من فوقها.
فهل الإله منتقم عزيز جبار مقتدر متكبر فقط أم أنه قبل ذلك محبة ورحمة وحنان وتحنان ومغفرة؛ إذا كان كذلك فلم لا ينشئون الشبيبة على ذلك ، لم لا يوازنون بين وجهي الصورة على الأقل، أم أن ( رهبوت خير لك من رحموت ) أي : أن يقوم احترامك على الرهبة خير لك من أن يقوم احترامك على الرحمة والمعاملة الحسنة؟!! كما يقول المثل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة