الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حذاء منتظر والكرم العراقي

حسقيل قوجمان

2008 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


عرف الشعب العراقي بكرمه وتكريمه للضيف. فالشعب العراقي من احفاد حاتم الطائي الذي كان يقدم كل ما يملك اكراما للضيف ولذلك وصف كرم الشعب العراقي بالكرم الحاتمي.
احل بوش نفسه ضيفا على العراق. وبوش هو رئيس اقوى دولة عسكرية عرفها التاريخ، دولة وضعت شعارها الاستراتيجي احتلال العالم كله عسكريا وسياسيا واقتصاديا. أحل هذا الرئيس نفسه ضيفا على العراق يرفقه 150 الفا من جنوده و150 الفا من مرتزقته وشلة من عملائه حصرهم بين اسوار خضراء تحرسهم الدبابات الاميركية. جاء هذا الضيف وهو محمل باغلى الهدايا للشعب العراقي، هدايا كلفته عدة تريليونات من الدولارات على هيئة قنابل اليورانيوم المنضب والفوسفور الابيض والقنابل العنقودية والصواريخ الذكية والاسلحة الكيماوية والاسلحة البيولوجية. أحل هذا الضيف الثقيل نفسه منذ ما يقرب من ست سنوات عاث في ارض مضيفه الفساد والدمار والخراب والجوع والعطش وفقدان الكهرباء والنور والوقود وكل مقومات الحياة.
قدم الشعب العراقي بكرمه لهذا الضيف اعز ما يملك. قدم ما يزيد على مليون من خيرة ابنائه ضحية لهذا الضيف. وترملت خمس ملايين امرأة حبا بهذا الضيف. وتشرد الملايين من ابنائه كلاجئين في بلدهم ولاجئين في ارجاء الكرة الارضية. وتعرض اطفال العراق باجيالهم الحالية والاجيال القادمة لمئات السنين باشعة اليورانيوم التي تفتك بالطفل العراقي وبجميع الشعب العراقي وحتى بحيواناته ومزروعاته. اي كرم يقدمه شعب لضيفه اقسى وامر من هذا الكرم؟
واخيرا جاء هذا الضيف نفسه ليتفقد جيوشه وليوقع وثيقة استعباد واذلال للشعب العراقي فعقد مؤتمرا صحفيا اعترف فيه بخطأ اجتنياحه للعراق وباعتماده على معلومات استخبارية كاذبة ومع ذلك اعلن ان اجتياحه للعراق كان ضروريا لامن دولته وامن العالم كله. وكان بين الصحفيين العراقيين منتظر الزيدي يسمع اقوال هذا الضيف الفظيع وقد شاهد ما سببه من خراب للدولة العراقية والهوية العراقية والجيش العراقي والمؤسسات العراقية والمتاحف والمكاتب والجامعات والمدارس. شاهد الجوع والحرمان الذي عانى منه شعبه العراقي خلال السنوات الست الماضية. وقد شعر بان كرمه العراقي وهو من كرم الشعب العراقي ان يقدم شيئا لضيفه ولم يكن لديه سوى حذائيه فقدمهما هدية لهذا الضيف الكبير ولزميله رئيس الوزراء الذي احتفى به ووقع معه اتفاقية الذل والهوان. هل هناك كرم اكثر من ان يضحي هذا الشاب العراقي بكل ما يملك، حذاءيه العزيزين؟ حقا انه تعبير عن كرم الشعب العراقي الحاتمي.
اتفق مع من ينتقد المنتظر على مخالفته لتقاليد وسلوك واصول مهنة الصحفي. فمهمة الصحفي هي ان يصغي للترهات والاكاذيب التي يقولها بوش. يصغي بادب واحترام الى ما يتبجح به بوش وجيوشه مما قدمه للشعب العراقي من تحرير وديمقراطية واعمار ومدنية. ويكتفي الصحفي بان يوجه للضيف العزيز بعض الاسئلة وحتى بعض الاسئلة المحرجة كما يقولون. ان رمي القنادر لا يدخل في تقاليد وسلوك الصحفي. ولكن منتظر الزيدي لم يكن صحفيا عند رميه الحذاءين بل كان عراقيا. كان عراقيا عانى ما عاناه الشعب العراقي من الاحتلال خلال السنوات الست من تدمير وقصف المدن بالطائرات والمداهمات والاهانات والسجون وابشع انواع التعذيب والاغتصاب والجوع والبطالة. كان عراقيا غيورا على عراقيته وعلى شعبه الذي لا يقبل هوان الاحتلال. كان عراقيا يشعر ككل عراقي غيور على عراقيته بان الاحتلال لا يخرج الا عن طريق المقاومة بكل اشكالها من المقاومة المسلحة الى الاعتصامات والاضرابات والمظاهرات والمقاطعة وحماية المقاومين وتزويدهم بالطعام والكساء والماوى. ان المقاومة لم تستخدم القنادر في مقاومتها بل استخدمت ما توفر لديها من اسلحة وما حصلت عليه من المحتل نفسه. ان المقاومة هي التي جعلت بوش الذي تبجح بعد ايام من احتلال العراق بان الحرب في العراق قد انتهت ان يعلن في مؤتمره الصحفي بعد ست سنوات ان الحرب في العراق لم تنته. ان منتظر كان يعرف ان رمي حذاءيه سيؤدي الى معاملته معاملة ديمقراطية مستمدة من الديمقراطية التي جلبها الاحتلال للشعب العراقي. ولكنه العراقي الغيور المقاوم للاحتلال لم يجد غير سلاحه الوحيد المتوفر لديه، لم يجد سوى حذاءيه يقاوم المحتل بهما فرماهما. ان بطولة منتظر الزيدي هي انه لم يتصرف في المؤتمر كصحفي بل تصرف كعراقي.
ان مكان بوش ليس ان يكون ضيفا على العراق والشعب العراقي بل مكانه هو ان يكون في محكمة شبيهة بمحكمة نورنبرغ التي حكمت على مجرسي الحرب النازيين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا ايها العراقي العريق
علي السعيد ( 2008 / 12 / 17 - 20:08 )
ماان اراك متصدرا الحوار المتمدن حتى اكن من البادئين في قراءة موضوعك .ففيه من الموضوعية والحداثة والتمدن ,الصدق والصراحة والوضوح ,فيه من الانسانية والدراسة العميقة في مواضيعك التي تختارها .متمنين لك طول العمر والصحة والاستقرار .


2 - تحية للكاتب و تمنٍ على الحوار المتمدن
عديد نصار ( 2008 / 12 / 17 - 20:43 )
أشكر السيد علي السعيد على شكره الكاتب و أتبنى كل ما قال.
لقد رددت يا رفيق حسقيل على كل الترهات و الإساءات و التبخيس و التهزيء الذي أصاب المناضل الزيدي بما ينبغي له أن يجعل كل المتحذلقين يلوذون بالصمت إلا من تعمق بالذل و الخنوع و العمالة منهم..
لك مني كل الشكر..
ثم، تمنيّ من إدارة الحوار المتمدن أن تجعل من مقالة السيد حسقيل مقالة ثابتة في الأعداد اليومية طالما استمر الحديث منصبا على هذه القضية.
راجيا القبول.


3 - الى الشيوعي العراقي الرفيق حسقيل
ابو ذر ( 2008 / 12 / 17 - 21:06 )
اشكرك يا رفيق حسقيل فهذا هو موقف الشيوعيين القابضين على الجمر وليس الزاحفين على بطونهم من اجل كرسي الوزاره متمنيا لك العمر المديد ووافر العطاء


4 - المعارضة من أجل المعارضة
سامر إبراهيم ( 2008 / 12 / 17 - 21:08 )
المعارضة من أجل المعارضة فقط هي ميزة يمتاز بها الكثير من العراقيين، والسيد حسقيل قوجمان واحد منهم.. فعندما كا ن صدام في السلطة، كان السيد قوجمان من المعارضين لنظامه، كما كان من أكثر منتقدي ح.ش.ع بسبب دخوله في جبهة مع نظام صدام، دون أن يطرح -في حينها- أي سياسة بديلة وعقلانية يمكن تحقيقها على أرض الواقع.. وعندما زال نظام صدام أخذ أيضاً يعلن معارضته لزوال هذا النظام.. عجيب أمرك يا سيد قوجمان!! عندما يعارض المرء حالة ما، ينبغي عليه أن يقدم بديلاً عقلانياً لها.. فإذا لم يكن لديه الحل البديل، فالسكوت أو الإنتظار هو أفضل موقف يتخذه المرء العقلاني. أما إذا عارضها دون تقديم الحل البديل، فهذا ينطبق عليه عنوان التعليق : ((المعارضة من أجل المعارضة)). وما ينطبق على السيد قوجمان ينطبق أيضاً على الصحفي منتظر الزيدي، حيث كان الأخير من كارهي ومعارضي نظام صدام، وكان هو وأبناء مدينته -الثورة- أكثر من فرح بسقوط النظام الصدامي.. وأخيراً، أنا أيضاً كنت من المعارضين للحرب على العراق، لكني في نفس الوقت لا أفكر بنفس الطريقة التي تفكر فيها.. ما أفكر فيه -أنا- هو كيفية إيجاد مخرج من المحنة التي يمر فيها العراق، وليس التشفي من بوش الذي لا يقدم أي حل للمشكلة العراقية.. مع أطيب التحيات.


5 - يسلملي تمك
عبدالقادر برهان ( 2008 / 12 / 17 - 21:17 )
لم اجد احلى من اللهجة اللبنانية لكي احيي فيك هذه الروح الوطنية العراقية
المتقدة والتي كانت تؤطر دوما مقالاتك الرائعة اتمنى لك دوام الصحة والعافية
وان يجنبك فايروس التبعية للمحتل


6 - تبادل ثقافي
حسام العبيدي ( 2008 / 12 / 17 - 21:21 )
اجد كلماتك اشد وقعا من (قندرة ) منتظر على وجوه المدافعين عن بوش واذلال العراقيين وصدقني لا اجد حرجاً من ثقافة (القنادر)في الوقت الراهن اقلها في الرد على ثقافت (بساطيل العسكر الامريكي) تحياتي


7 - فليرمي المضطهدون باحذيتهم في وجوه -سادة العالم-
غسان العوني ( 2008 / 12 / 17 - 21:24 )
.الرفيق الشيخ حسقيل قوجمان تحية و احترام
لا تدري كم اتمنى ان تكون في صحة جيدة وتقوى على مقاومة الزمن حتى لا نفتقد حكمتك و سداد رايك و دقة تحاليلك في عهد اغبر عزت فيه مثل هذه الصفات و ساد الغث على السمين حتى في موقع الحوار المتمدن
دمت لنا و للانسانية خير معين
سلام


8 - ياليتهم يقرأون
smar ( 2008 / 12 / 18 - 02:54 )
هذا رأي المثقف الحقيقي والعراقي الغيور على بلده .. ياليت مثقفي وقراء مجلة ادب وفن الالكترونية يقرأون ويفهمون ماكتبت اذ انهم اعتبروا عمل منتظر الزيدي جهلا وخارج عن حدود اللياقة والادب في ردودهم على قصيدة للشاعر العراقي عيسى حسن الياسري وقد انكروا عليه وعلى من خرجوا في المظاهرات المؤيدة للزيدي ردة الفعل هذه.. لاأدري كيف سيصلون الى قلب وفكر المواطن وهم يترفعون عليه ويتهمونه بالجهل والسذاجة .. تمنياتي لك بالصحة الدائمة والعمر المديد


9 - هل حقا أن بوش ضيف العراق ؟
يحيى السماوي ( 2008 / 12 / 18 - 04:41 )
من المفارقات أن جورج بوش زاغ برأسه عن قندرة الغيور منتظر ، فسمح لها بضرب العلم الأمريكي ...

يزعم بعض المتأمركين أن جورج بوش هو ضيف العراق ـ متجاهلين أن الحكومة العراقية نفسها لم تكن تعلم بموعد هذه الزيارة ـ وليس الشعب العراقي !!! فأي ضيف هذا الذي يُفاجأ
به صاحب الدار على حين غفلة ؟

مجنون مَنْ يصدق أن المسؤولين الأمريكيين يدخلون العراق بتأشيرة مسبقة وموافقة الخارجية العراقية ... فهم يعتبرون العراق حديقة خلفية للبيت الأبيض


10 - الصحفي الناكر الجميل
haithamhakmat ( 2008 / 12 / 18 - 06:36 )
ان الصحفي الذي رشق السيد بوش بالحذاء نسى فضل بوش على العراقيين جميعا الذى خلصهم من النظام السابق وعلى الحكومة العراقية ان تحاكم الصحفى


11 - دفاعا عن صحافة الاحذية
زر يان ( 2008 / 12 / 18 - 06:52 )
ياسيدى هناك فرق بين اصول كتابة المقالا ت واطلاق شعارات التى ولت زمنهامع صدام


12 - إرفع حذاءك فإنت عربي
حسن أسد ( 2008 / 12 / 18 - 07:57 )
عناوين لواقعة الحذاء ..

1 - إرفع حذاءك فإنت عربي .


التعاطف العارم . الجارف من قبل عوام الشارع العربي وبعض مثقفيهم مع الفعل الهمجي لواحد من أقرانهم في العراق بقذف حذائه نحو الرئيس الأمريكي . أعاد للعرب وحدتهم القومية بعدما كفروا بها حين نسخوا شعاراً وطنياً , به يفضل كل مواطن منهم إنتمائه لبلده على أن يكون ضمن الوطن العربي الأكبر . فصار أبن مصر يصرخ . إرفع رأسك فأنت مصري ومصر أولاً ... والسوري . إرفع رأسك فأنت سوري وسورياً أولاً ... والاُردني ... إرفع رأسك فأنت اُردني واُردن أولاً . وهكذا سرى مفعول الشعار ليصل إلى وجدان الصومالي الذي صار يتغنى . بإرفع رأسك فأنت صومالي وصومال أولاً .. أذن صار نشيد ( بلاد العرب أوطاني ) منسوخاً .
كل شعوب الدول العربية نطقت بذالكم الشعار الذي برر فيصل القاسم وعبدالباري عطوان ومن على شاكلتهما لقائليها بالتذمر والغضب من سياسات قادتهم تجاه القضايا العربية . وقصد الهتيفة في ( تقية ) الشعار . هو تهيئة البيت الداخلي بالتخلص من حكامهم أولاً لتمسك ( الشعوب ) زمام أمرها فتعلن الوحدة العربية حينئذن !!!!! طبعاً بالمشمش .
لغايات وأسباب عدة . صفقت الغالبية للشعوب العربية التي فضلت أوطانها على فكرة الوحدة إلا العراقي الذي قال ( عراقي أنا) فإ


13 - الله يبرا نفسه من ادعاء بوش
خالد ( 2008 / 12 / 18 - 08:16 )
ادعى بوش في بداية غزوه للعراق بان الله كلفه بالذهاب لتحرير العراق ؟!!وهذا شئ رائع يعرفه من له صله قوية بالاله ويعلم انه كلام يدل على ان صاحب المهمة ذو علاقة روحية عظيمة بالاله وبالتالي سينصره في مهمته ,وظل قسم كبير مذهول فكيف للاله ان يرتضي تكليف مثل هذا الشخص الذي يخلو وجهه من اي امارة للصدق بهذه المهمة التي اجهزت على شعب من اعرق شعوب الارض وقدم اعظم ما يمكن ان يقدمه انسان لانسان وللطبيعة! كيف ييسمح الاله العادل الحكيم بكل ما جرى لشعب طيب محب للانسانية مبدع ومنبع للاخلاق؟ حتى جاء الجواب وقبل ان يغادر بوش كرسيه وكم كان بليغا وعظيما وقاسيا على الكاذبين يا رب
جاء وفيه الف دلالة ودلالة كلها تشير الى الحكمة:
الحذاء كما هو معروف للعرب اقذر ما يمكن ان يرمى به شخص واقسى اهانة توجة لشخص.ومنتظر لم يكن بيده غير هذا كما تفضل الاستاذ الكبير قوجمان ولم يضرب بوش وهو يصافح رئيس الوزراء ليكون غافلا بل ضربه عندما كان مع منتظر وجها لوجه وبوش راغ من الحذاء ليسمح للحذاء اصابة العلم الامريكي وكانه مرر الاهانة من راسه الى كل امريكا وعندما راغ وضع راسه بمؤخرة رئيس الوزراء وهذا المنظر لعمري سيبقى ماثلا شتنا ام ابينا لحقب طويلة وهو مصير الطغاة فهل هناك ابلغ من هذا البراءة وهذا الرد على كاذب مجرم

اخر الافلام

.. أبرز المرشحين الديمقراطيين لخوض انتخابات الرئاسة في حال انسح


.. مسعود بارزاني في زيارة لبغداد لحل الخلافية بين الحكومة وإقلي




.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز ما ورد في مكالمة الرئيس الأمريكي باي


.. مصطفى البرغوثي: نتنياهو يريد استمرار الحرب وجعل غزة مثل الضف




.. العلاقات البريطانية الأوروبية حاضرة بقوة في برامج انتخابات م