الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحذاء لا يبني وطن!

كامل كاظم العضاض

2008 / 12 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


منذ شهدنا ذلك المشهد المقزز عبر شاشات التلفاز في 12 الجاري، كتب كثيرون، مستنكرين ومشمئزين من حادث رمي الحذاء مصحوبا بشتيمة ثقيلة، بالمفهوم اللغوي العربي والعراقي، على الرئيس الأمريكي بوش والى جانبه رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، اثناء عقد مؤتمرهما الصحفي.
كما كتب كثيرون، أيضا، مشيدين بهذا العمل الذي قام به صحفي مغمور؛ وهو، بالتأكيد، ناقص الأهلية بالنسبة لعمله كصحفي، بل إن مظاهرات كثيرة ظهرت لتشيد بعمله ولتطالب يإطلاق سراحة؛ وسمعنا منظمات وفضائيات وشخصيات ثرية، تدافع عنه وتتطوع حتى لشراء حذاءه بالملايين! وأقول بصراحة، بأني وقفت مندهشا، بل ومذهولا، ليس إزاء هذا الحادث، إنما حول دلالاته ومضامينه لمستوى النضج الفكري والأخلاقي الحضاري، لقطاعات واسعة من شعبنا ومن الشعوب العربية الأخرى، قطاعات أو نخب تتصدر ما يسمى بالطبقة المثقفة و المتوسطة التي يقال عنها إنها عجلة التحوّل الحضاري!
الغريب العجيب إن العملية بذاتها تبدو منظمة ومدروسة، ومدفوعة من قبل جهات تعادي الإستقرار في العراق، جهات مرتبطة، أما بأنظمة شمولية، أو بقوى سلفية، او بفلول النظام الدكتاتوري السابق.

فإذا كانت هذه الجهات تستطيع، بتجنيد هكذا إمعات لخلق مشهد له تداعيات إعلامية، لخلق إنطباع إن الوجود الأمريكي والإتفاقية الموقّعة مع الولايات المتحدة، هي مرفوضة من قبل الشعب العراقي، وإنها مفروضة عليه بقوة السلاح، وإن الرفض الشعبي، كما جرى التعبير عنه بحذاء هذا الصحفي او عقله الطائر، (لا فرق)، فرب سائل يسأل، هل عدمتم من وسائل نضالية أكثر حضارية؟ وسائل ترتقي الى مستوى غاياتها الإنسانية النبيلة.
إذ حتى النضال من أجل الحق إذا جرى بوسائل كيدية غير شريفة، لا يمكن أن يفرز بديلا حضاريا وأخلاقيا أكثر رقيا وسموا.
فبدلا عن الحوار تستخدم الأحذية، وبدلا عن مقارعة المحتل، حينما تفشل السياسة، بالعمل العصياني المنظم، أو بالسلاح، عندما تلزم الضرورة القصوى. لكنهم يتوسلون بوسائل غادرة لإغتيال الشعب البريء، ولتدمير موارد البلاد، ويستخدمون كل الوسائل الدنيئة لإيذاء الأبرياء، بدلا عن مجابهة المحتل نفسه.

ولسنا هنا في معرض الدفاع عن بوش، ولا عن الوجود الأمريكي، و لا عن الإتفاقية مع الولايات المتحدة، فقد كتبنا الكثير عن كل ذلك، ولسنا بحاجة لمزايدة، ولكن وسيلة نضالنا، كانت وستبقى حضارية عقلانية، سلمية وديمقراطية، تقوم على التحليل الموضوعي الذي لا يجانب العلم والحقيقة، ويقف بتماسك الى جانب الحق الإنساني المشروع لشعبنا برمته وبكافة عناصره، كما يقوم على الواقعية والموازنة الدقيقة بين الإمكانيات الذاتية والموضوعية المتاحة مقابل إمكانيات القوى المحتلة.
أما المسرحيات والأكاذيب والوسائل المنحدرة، فإنها لن ولن تبني وطن! كيف يمكن لكذّاب ولمخادع وسافك دماء الأبرياء أن يبني وطن يليق بالناس الشرفاء؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نشاز النغمات
حسام العبيدي ( 2008 / 12 / 17 - 20:45 )
وكاني بك تعزف على نفس الوتر الذي صنعه الديمقراطيون الجدد عام 2003 (وهابي صدامي تكفيري مقابر جماعية ....)هذا الوتر لم تعد نغماته كلها تطرب اذاننا المرهقة من سمفونيات القائد الضرورة


2 - حسد
شيماء ( 2008 / 12 / 17 - 20:47 )
لم يبق شريف الا وصفق لبطولة منتظر ولكن الحسره والحسد تعمي الابصار
مجدوا الطغاة على حساب الوطن وابنائه الشجعان والله يازمن!


3 - العقل لا الحذاء
كامل كاظم العضاض ( 2008 / 12 / 17 - 21:21 )
كل الذي دعوت له هو إستخدام العقل لا الحذاء. فإذا كان هناك من يعتقد بأن رمي الأحذية سيحرر العراق، او يخرجه من هوة الضياع والموت والبؤس، فمرحى له، فالمِدس كثيرة ورخيصة والحمد لله، فسيروا من نصرالى نصر، واسقطوا عقولكم، لأن الحذاء سيتدبرها لكم، وثقافة القندرة تغنيكم عن علوم الحياة!! و يا لوعة العقلاء


4 - عيب
جورج حداد ( 2008 / 12 / 17 - 22:58 )
يا استاذ كامل العضاض المحترم
من هو الكذاب وسافك دماء الابرياء، هل هو هذا الشاب العراقي الذي قذف المجرم بوش بحذائه، وهذا اقصى ما استطاعه؟
ما هذه النخوة -الحضارية- التي يظهرها امثالك من المثقفين المعقدين والمقعدين، حينما -كشفكم- هذا الشاب، الذي برهن ان الانسان حينما يريد ان يناضل فسيجد الشكل المناسب كي يناضل؛
اما الذي يريد التعايش مع الاحتلال فهويعتقد انه بهذه -الحضارية- الزائفة يمكن ان يستر موقفه الحقيقي في انه يريد بقاء الاحتلال. ولكن يا سيد كامل انت تعرف تماما ان الاحتلال قد اباد مليون عراقي، بمختلف الاشكال؛ كما انه هجر اكثر من خمسة ملايين عراقي. ولكن الاحتلال لن يدوم، فماذا سيكون مصير المدافعين عن الاحتلال بعد ذهابه. ان الاحذية -المنتظرية- تنتظرهم، وسيداسون بالنعال؛ وعلى نفسها جنت براقش


5 - غير قادرين على الحوار
الدكتور صادق الصراف ( 2008 / 12 / 17 - 23:21 )
يا أخ كامل
انهم غير مؤهلين وعاجزين عن الحوار . لذا تراه يلجئون الى مثل هذه الاساليب اللامهنية المشينة


6 - ليس غريبا
خالد عبد الحميد العاني ( 2008 / 12 / 18 - 02:46 )
ليس غريبا من يدافع عن جرائم النظام السوري كجورج حداد أن يكتب مدافعا عن ثقافة الحذاء


7 - تاييد
haithamhakmat ( 2008 / 12 / 18 - 07:25 )
ان كل من ياييد هذا الصحفي يعتبر فاشلا ولا اقول غير ذلك

اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف