الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن سياسة أوباما في العراق.

محيي هادي

2008 / 12 / 19
السياسة والعلاقات الدولية


تعتبر صحيفة (الپاييس- البلد) الصحيفة الأكثر انتشارا في أسبانيا، و هي من الصحف الموالية للحزب الاشتراكي الحاكم الآن في هذا البلد، و هي أيضا من أوائل الصحف التي عارضت إسقاط النظام الديكتاتوري في العراق على أيدي قوات التحالف الدولية، و كانت تقف إلى جانب النظام البعثي في حربه ضد إيران، و هي من المدافعين عن باراك أوباما و من الناهضين لجورج بوش.
لقد نشرت هذه الصحيفة في عددها الصادر في 12/12/2008، تحت عنوان (تغير في البيت الابيض- تحويل المسار الديمقراطي في العراق) مقالا للكاتب الاسباني كارلوس مَندو، كتب فيه عن تغيير المسار الذي يقوم به باراك أوباما و حزبه الديمقراطي في سياسته تجاه العراق. و في المقال يمكن رؤية رأي الكاتب التي تتفق مع رؤية أولئك الكتاب الذين كانوا قد أعلنوا أن سياسة الولايات المتحدة الخارجية لا تتبدل مع تبدل الرئيس الأمريكي.
و لعلاقة المقال بالوضع الذي يمر في العراق، و بالاتفاقية الأمريكية- العراقية الأخيرة، أترجم هذا المقال بشيء من التصرف.
**
لا يتعلق الأمر بالنفاق السياسي، الذي أعلنه بروفسورنا العجوز، أنريكه تيَـرْنو غالبان (1)، عندما قال: "أن الوعود الانتخابية تُصنع لكي لا تتحقق". إن الأمر، و ببساطة، يتعلق بالبراغماتية. و لحد هذه الساعة فإن الرئيس المنتخب، باراك أوباما، قد أثبت منذ فوزه الانتخابي، أنه ليس بالرجل الإيديولوجي بل هو رجل براغماتي، و إن التعيينات التي يقوم بها، لتشكيل فريق عمل حكمه، تشهد على ذلك.

- ففريق عمله الاقتصادي مكون من "كلنتونيين" معتدلين، تكنوقراطيين أكثر من أن يكونوا سياسيين، و ذوي خبرة مجربة في إدارة كلنتون. و هم منشغلون الآن بالحصول على نتائج أكثر من إنشغالهم في الدفاع عن المبادئ الإيديولوجية، سواء كانت هذه المبادئ "تدخلية" (interventionist)على الخط "الكينسياني"، أو ليبرالية – محافظة على خط مدرسة شيكاغو.

- و لا نتكلم عن فريق الأمن القومي. فهيلاري كلنتون و الجنرال جيمس جونز و روبرت غيتس كان يمكن أن يكونوا، بشكل كامل، المنتخبين من قِبل جون ماكاين، لأجل قيادة دوائر الخارجية و الدفاع و مجلس الأمن القومي، إذا ما كان قد تم فوز قائمة الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية في الرابع من تشرين الثاني الماضي.

- و أيضا فإن رام أمانويل ( Rahm Emanuel )(2)، الرجل الأقوى في واشنطن بسبب قربه للرئيس المنتخب، الذي تم تعيينه الأمين العام للبيت الأبيض، معروف في أواسط الحزب الديمقراطي بـ "إمكانيته" (Possibisim) لا بأصوليته. إن السلوك الوسطي الحاد و الانتماء إلى الـ (establishment ) الواشنطوني الذي يسلكه أعضاء فريق و مستشاري أوباما المنتخبين، جعل الجناح اليساري للحزب الديمقراطي يبدأون في إعطاء إشارات عدم ارتياح و يتساءلون: أين أصبح التغيير الموعود؟ إنهم لم ينتقدوا لحد الآن التعيينات التي قام بها أوباما و هم على انتظار لتعيين بعض رجالهم في موقع ما باق ينتظر الاعلان عنه، إلا ان امتعاضهم بدأ ينعكس في العديد من المواقع (البلوكات) الالكترونية الديمقراطية.

إن العراق سيكون إحدى المسائل التي ستضع على محك التجربة مدى توافق خطاب المرشح أوباما مع خطابه كرئيس. ففي حملته الانتخابية التي قام بها أوراما، سناتور إلينويس، وعد بشكل حازم: "إنهاء حرب العراق" و البدء في انسحاب القوات منه مباشرة بعد أن يتقلد زمام الحكم. إننا نرى الآن ان تعبير "مباشرة" قد تغير فأصبح "خلال مدة 16 شهرا". و هذا يعني بـ "مسؤولية" و "مطاطية" بموجب احتياجات القواد العسكريين على الأرض. إن الانسحاب الكامل تحول إلى إنسحاب جزئي مع الاحتفاظ بوحدات عسكرية من 30.000 إلى 50.000 جندي. و يعتقد بعض الأخصائيين أن هذا الرقم سيصعد إلى 70.000 جندي من أجل حماية الموظفين المدنيين الأمريكيين المتواجدين في العراق الذين يقومون بتدريب العسكريين و أفراد الأمن العراقيين، و من أجل ضرب أية محاولة لعودة النشاط الإرهابي إلى هذا البلد. و من سخرية القدر فإن أي انسحاب سيكون منظما و مراقبا من قبل وزير الدفاع الامريكي، غيتس، و رئيس القيادة المركزية، الجنرال دافيد بترويس، المسؤول عن قوات الولايات المتحدة الامريكية في الشرق الاوسط. إن الاثنين كانا قد عينا من قبل الرئيس جورج بوش بعد توليه الرئاسة الأمريكية للمرة الثانية.
و بالتحديد فإن الاستراتيجية الجديدة المرسومة من قبل بترويس و غيتس تختلف اختلافا جذريا عن السياسة التي رسمها مسؤول البنتاغون، دونالد رامسفيلد، التي أدت إلى تحسن ملحوظ للظروف في العراق بعد أن تم انهزام الارهاب، بشكل عملي، الارهاب الذي تقوم به القاعدة كمنظمة، على الرغم من حدوث بعض العمليات الارهابية في أماكن محددة، في الموصل خاصة.

و لتعقيد مخططات الرئيس الجديد للانسحاب المتهور للقوات الأمريكية، و باقي قوات التحالف، فإن الرئيس العراقي نوري المالكي، المنتخب ديمقراطيا و المعترف به من قبل الامم المتحدة و باقي دول العالم، كان قد استطاع الحصول على موافقة برلمان بغداد على اتفاقية انسحاب القوات الأجنبية، هذا الاتفاق الذي تم على الرغم من الصعوبات التي اعترضته على مدى حوالي عام واحد. إن الفرق بين أوباما و المالكي هو أن الأخير يطلب بأن ينتهي الانسحاب التدريجي في 31/12/2011. إن الاتفاق يشكل انتصارا مهما لتأكيد السيادة العراقية، إذ أن انسحاب القوات الأمريكية سيبدأ في الصيف القادم من المدن العراقية. و أنه لن يسمح للولايات المتحدة استخدام قواعد دائمية في العراق و يمنع استخدامها لأراضي العراق في الهجوم على دول ثالثة.

لقد فاجأ المالكي الغرباء و الأقرباء عندما قام الجيش العراقي النظامي، في هذا الصيف، بضرب ميليشيات رجل الدين المتطرف مقتدى الصدر، في البصرة و بغداد. و بعمله هذا فإن المالكي قد أكد مرة أخرى استقلاليته. و إنه ليس بخائن (quisling)– كتلك الدمية -النازي الذي وضعها هتلر في النرويج خلال الحرب العالمية الثانية، بل هو وطني و شجاع مستعد للدفاع عن سيادة وطنه.

إنه ليس ممكن التنبؤ فيما إذا كان باستطاعة أوباما إزعاج المالكي و خلق مشكلة غير ضرورية بين واشنطن و بغداد في أوقات انفجارية حادة كهذه التي تمر حاليا.
**
1) رئيس أسبق لبلدية مدريد. كان هذا البروفسور الاسباني، لاجئا، يعمل في الولايات المتحدة. و قد أسس في سبعينيات القرن الماضي، و عند التحول الديمقراطي في أسبانيا، حزبا دعي بالحزب الاشتراكي الشعبي. فاز هذا الحزب بثلاث مقاعد في البرلمان. و قد انصهر الحزب في صفوف الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني الحالي. إن واحدا من النواب الثلاثة أصبح بعدئذ وزيرا للخارجية الاسبانية، و بسبب موقف هذا الوزير المعارض لانضمام بلده إلى منظمة حلف شمالي الاطلسي اقيل من منصبه و ابعد ليصبح نائبا في البرلمان الاوروبي.

2) رام أمانويل مستشار للرئيس الاسبق كلنتون. ابن لاسرائيلي ويحمل الجنسيتين: الامريكية و الاسرائيلية. مؤيد للحرب في العراق. غيرت العائلة اسمها من أفربوج إلى أمانويل تمجيدا لأمانويل، عم لرام، قتل عام 1933 في فلسطين في معركة ضد كتائب عربية.
**
من ترجمات
محيي هادي-أسبانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة