الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فروسية وثقافة النعلْ...لاتصنع بطلاً..ولاقضية..؟

طلال شاكر

2008 / 12 / 20
كتابات ساخرة


الواقع العراقي غريب بطبعه وانتمائه، والمشهد السياسي اشد غرابة منه .فكلاهما لاتحكمه قاعدة ولايخضع لمقياس، في سياق هذا المعيار كبرت حكاية منتظر الزيدي وصارت ملحمة وطنية وصار الصحفي المغمور بطلاً وطنياً وقوميا واسلامياً كيف لا وقد نال من الرئيس الامريكي ولقنه درساً تاريخياً لن ينساه كما ظن هو واعتقد مؤيدوه، كانت الغاية نبيلة والقصد شريف كما رسمتها ذهنية الزيدي ومسايروه لاحقاً.. لكنه أبى أن يصل اليها بسلاح الكلمة ورسالة الصحفي ومداد القلم فذلك لن يجلب الاثارة ولايمنح القضية بعدها الاعلامي المطلوب. ولم يعد التمسك بمبدأ شرف الغاية من شرف الوسيلة وصية اثيرة فهذه افكار غادرت معناها من زمان،المهم انه استعمل أداة قذرةهي الحذاء ليحط من شأن خصمه، وهذا ماكان وراء مغزى الانبهاروالاهتياج الذي اعقب الحدث فالحذاء كان السلاح الذي هز المشاعر وجلب الاعجاب.. في الحالة هذه ليس المهم قيمة الحدث وبعده المشحون بأحتقان الموقف ، فذلك مرهون بالزاوية التي يقف فيها المرء وينظر اليه ونوع التفسير الذي يقبله. بيد أن المثير والمحزن في الامرهو تلك الاثارة والتضخيم والمبالغة والديماغوجية والمزايدات الرخيصة التي رافقت الحدث وروجت له واستغلته والتي عكست في كل خطواتها مشهد الجدب الروحي والعقلاني لمثقفين وسياسين واعلاميين وبرلمانيين ورسميين وهو يتجلى بصورة بائسة وبوعي مثلوم يستنسخ ذاته على اكثر من صعيد ومستوى و هو عاجز عن التعامل بصورة موضوعية مع حادثة عادية استغفلت اجواء الانفتاح والحرية النسبية لتقدم نموذجاً غير حضارياً في مجال يملك خصوصيته وحضارته ورسالته .... لقد استخدمت قوى مختلفة الحادثة بصورة رخيصة ومنطق مختل وهي تراهن على فكرة ابقاء الشارع العراقي بالذات والعربي والاسلامي متوتراً مستفزاً محتقناً غير مستقراً تحيط به الفوضى والارتياب والشعور بالزهو الفارغ، فالمظاهرات والاحتجاجات التي افتعلها التيار الصدري تشير بلا مورابة الى هدف محدد هو نشرروح الفوضى والارهاب والانتقام والاعتراض العبثي لارباك الوضع ليس.. الا.. لاسيما وانتخاب مجالس المحافظات على الابواب ..؟ عندما ندقق في هويات اولئك الذين هللوا للحدث وابتهجوبه ورفعوه الى مستوى الالهام الوطني والقومي والاسلامي ستجدها ذات القوى وذات الانظمة التي ارادت للعراق أن لا ينهض ولايستقر وراهنت على سياسة المفخخات والارهاب والتخريب لافشال اية تجربة ديمقراطية محتملة فيه، فهل ياترى ان هذه التشكيلات المختلفة معنية وحريصة الى هذا الحد المريب بالتضامن مع صحفي غر قدم ريادة وطنية ملتبسة للاحتجاج على رئيس يراه ظالماً لشعبه...؟ فهل هي غيرة ونخوة يمكن الوثوق بهما..؟، وهل يصدق عاقلاً ان التيار الصدري كان وطنياً وصادقاً في موقفه الى الحد الذي يدافع فيه عن صحفي غيور وجده وطنياً عراقيا يستحق الدعم.. وهو الذي داست مليشياته المتوحشة على كرامة العراقيين وشرفهم، وذبحتهم من الوريد الى الوريد سنة وشيعة ومسيحيين وصابئة بدم بارد ولم يسلم منهم الحلاق والفنان والفقير والمسالم وكانوا هم والقاعدة وراء عمليات التهجير والقتل الجماعية والاختطاف والتسليب.. اية لافتات هذه التي يرفعونها واي نموذج وطني قدموه حتى نصدق شعاراتهم ودعواهم، لقد ألتمسوا بطولة مشكوك في جدواها في حادثة الحذاء ليفرضوا بطلاً وملحمة خارج معيار دواعيها تماماً.. ومن حقنا ان نتساءل اين هي صورة الابطال الحقيقين الذين اختاروا التضحية بأرواحهم كرامة واخلاصاً للوطن اين هي صورة ووقفة ذلك الشرطي الذي القى بنفسه على انتحاري مجرم حاول تفجير نفسه في جموع العراقيين ومثله الكثير.. لقد نال عثمان الاعظمي مايستحقه من اكرام وتقدير لانه ضحى بروحه بدافع وطني حقيقي ..لكن لا أعتقد أن قضيته كان بالامكان اختراقها واستغلالها حينذاك بثناء وتوظيف كاذب لانها حقاً.. بطلاً وقضية..وهي لاتحتاج الى رياء الدجالين والمنافقين .. لقد كان عنواناً للمواطنة الحقة وقد استحقها واستحقته بكل جدارة.. وفي هذا المجال نود أن نستفهم أيضاً عن مصير ملاحم الشهداء نساء ورجالاً الذين قتلتهم زمرالارهابين وهم يؤدون واجبات مدنية لخدمة ابناء شعبهم وكيف ذكرناهم وكيف مجدناهم أم ان ذلك لايجد رواجاً في سوق المزايدات السياسية ذات المعيارين...؟..هل بأمكاني تصديق حارث الضاري وهيئته بتضامنها مع منتظر الزيدي وهو الذي قال بكل وقاحة ان القاعدة مني....ان خلط الاوراق والصيد في الماء الوسخ هي لعبة الانتهازيين وسفلة السياسة .....لكن مايثير الاسى واللوعة أكثر ان ينبري كتاب يساريون وعلمانيون وكتاب في الحوار المتمدن التهاوي في فخ الشعارات والمزايدات السقيمة دون ادراك الغاية من كل هذه الضجة التي يتصاحب فيها حزب الله وحماس والجزيرة والبغدادية وعبد الباري عطوان وفيصل القاسم ومصطفى البكري والفلوجي والمحامي الدليمي والصداميين البعثيين والصدريين واترابهم.. ليعلوا من شان حادثة عادية ويستغلوها ليس حباً بالعراق وغيرة عليه بل لتصفية حسابات مختلفة بأجندات مريبة..لقد غابت المعادلة الوطنية الحقيقية التي ينبغي على كل عراقي حريص التمسك بها وهي بمثابة شهادة الوطنية العراقية بقيمتها الاخلاقية ، فالانتماء الوطني والمواطنة ليست دليل وحجة تؤكده وثيقة الجنسية العراقية...؟ فليس من يولد في بغداد اوغيرها من المدن العراقية.. اوان يكون من ابوين عراقيين هو.. العراقي الاصيل،... فالعراقي الاصيل... هومن يحمل الخلق الانساني السامي في علاقته مع اخيه العراقي في اسمى معانيه وتجلياته، في الرؤية والموقف والسلوك والرسالة في السر والعلن ....؟ فهل استوفى الصدريون وغيرهم مقتضيات هذا المعياروهذه القيمة ولو بحدها الادنى وهل يتذكرها ايتام النظام الدكتاتوري وهل تمثلها حارث الضاري مرة واحدة فقط وهل فهمها مقتدى الصدر...؟ أشك في ذلك؟ فكيف يصدق العراقيون نخوة هولاء ووطنيتهم الزائفة، ازاء محنة وطن بشعبه حتى يأمل منهم منتظر الزيدي وغيره روح التضامن الصادق وهو يستحضر فروسية خارج معيارها الوطني واستحقاقاتها الحقيقية.. انها حقاً فروسية النِعلْ وثقافتها التي لاتصنع بطلاً ولاقضية .....؟

طلال شاكر كاتب وسياسي عراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لسان حذاء
حسام العبيدي ( 2008 / 12 / 20 - 06:06 )
وينطق الحذاء احياناً لان للحذاء لسان ولكن ليس كل لسان ناطق مفيد
واعتقد ان منتظر استفاد من لسان حذائه


2 - ساعة الغضب لا تحسب
عوني حدادين ( 2008 / 12 / 20 - 14:17 )
اخي العزيز حادثة الحذاء ليست مجرد حادثه عابره بل هي غضب جماهيري من المحيط الى الخليج مدفون عندنا من الظلم وان العالم الغربي يكيل بمكيالين هذا تعبير الكره لسياسة امريكا ولا تعنيني ما يفكر به منتظر او غيره اذا وضفت فى سياق اخر -- تعنيني ان الشعب العربي تعاطف معه - لغضب عنده اما الطريقه فكل يفكر على طريقته الخاصه


3 - شكرا لمقالك الرائع ايها الاستاذ الفاضل
صحفي عراقي ( 2008 / 12 / 20 - 19:00 )
شكرا لمقالك الرائع ايها الاستاذ الفاضل الف شكر

صحفي عراقي

[email protected]

اخر الافلام

.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي




.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو