الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شيء من العقل .... شيء من النعال

هيبت بافي حلبجة

2008 / 12 / 20
كتابات ساخرة


لم أستغرب قط مستوى الهمجية في رمي رئيس دولة بحذاء رخيص تافه ، ولم أستغرب قط مستوى الجهل في العالم العربي لإدراك هذه الهمجية والتعامل معها ، ولم أندهش قط لإنفلات أشباه المتعلمين في التشدق والتفاخر والتباهي بهذا المستوى الرديء من التناسخ البشري ، وكنت سأستغرب لو قذف أمريكي أو فرنسي بسيط حذاءاً عالي الجودة على صدام حسين أو بشار الأسد رغم المآسي والمجازر والأغتيالات والذبح والقتل والكوارث التي سببها ويسببها السيدان ، كنت سأندهش لو تماثل المستوى الإنساني لقناة العربية مع قناة الجزيرة ، كنت سأشتاط حنقاً وأموت غيظاً لو تماثلت روح الحداثة والحضارة لإيلاف والحوار المتمدن وعراق الغد مع أشباه مراكز الإعلام الأخرى ، كنت سأنتحر حتماً لو تماثل مستوى الفكر لطيب تيزيني والعفيف الأخضر وعثمان العمير وشاكر النابلسي ورياض الحسيني ورزكار عقراوي والآخرين مع فيصل قاسم وثلته الفوضويين . يقول مثل صيني قديم ( شيء من العقل ، شيء من الحكمة ) ، ( شيء من الحكمة ، شيء من معرفة الأسباب ) ، ( شيء من معرفة الأسباب ، شيء من الحياة ) ، فما أصعب ألا يملك المرء ( شيئاً من الحياة ، شيئاً من معرفة الأسباب ، شيئاً من الحكمة ، شيئاً من العقل ) ، فلو أدرك هذا الصحافي المغمور إن علة الكوارث والمجازر في الشرق هي هذا التفكير ، هذا الخطاب المعتوه ، هذا التصرف المأفون ، هذا الحذاء الأسود كمصيرنا الأسود ، لتريث قليلاً ولقذفها على جهة أخرى . لو عرف هذا الصحفي البسيط إن سبب الإرهاب والفتن والإغتيالات والقتل الجماعي هو غياب الديمقراطية وسطوة وأستبداد النظم الشمولية ومرتع أنظمة الأستخبارات ، لكظم غيظه ولقذفه شرارة حامية في وجه هؤلاء القوم . لو وعى هذا الصحافي الضائع إن الذين يصفقون له الآن ويقرظونه بأبجل المدائح هم سبب التوقيع على تلك الأتفاقية ومآسي عائلته ونوائب أولاد عمومته ومذابح عراقه وكوارث وطنه ، لدرس التاريخ السياسي وتسلح بالعلم والمعرفة . لو فقط أدرك هذا الصحافي المهزوم إننا على دراية مطلقة إنه هو بالذات جزء من المؤامرة الكبرى ليس فقط على العراق الحبيب ، إنما أيضاً على الشقيقة السعودية ، ولبنان ، وسورية ، وفلسطين ، لما راعه الأمر ، ولا أعتوره أي خجل ، ولا خالجه أي شك . أنا لاأبكيك هذا الصحفي فسرك مفضوح هتوك مقذوف ، ولا أبكي هذا التناسخ التاريخي المقهور فهو شريد رديء يتلمظ براثن القمع والثبور ، إنما أبكي فعلاً هذا الفراغ المثلوم في الشرق ، هذه العفونة الكسيحة الكاسحة التي تكسحنا جميعاً ، هذا الليل السرمدي الطويل المقيت البغيض . ماذا لو كانت المعطيات والأمور معكوسة ، فكل ماهو موجود في الغرب ( من ديمقراطية ، وإزدهار ، وتقدم ، ورخاء ، ورفاهية ، وحرية ، وعدالة ، ومساواة ، وتكافؤ الفرص ، وسيادة القانون ) إنتقل بقوة قادر أحد إلى الشرق في غمضة طرف ، وكل ما هو موجود في الشرق ( من قمع ، وإستبداد ، وظلم ، وقهر ، وإغتيال ، وقتل ، ومذابح ، وجور ، وشظف العيش ) إنتقل بنفس الإعجوبة إلى الغرب !! ؟؟ . ماذا لو كان التفكير العلمي معكوساً ، أي كان أينشتاين من مملكة البحرين ، وكارل ماركس من جمهورية لبنان ، وهيجل من اليمن ، وفيكتور هيجو من الجماهيرية العربية الليبية العظمى ، وتوماس أديسون من سورية ، وفولتير ومولير من تونس ، وفرويد وأنجلس من الإردن ، وجان جاك روسو وجان بول سارتر من العراق !!؟؟ . ماذا لو كنا نحن أصحاب الإختراعات والإكتشافات ، البطارية ، الضوء ، الطائرات ، الكمبيوتر ، الهاتف ، الكهرباء ، السيارات !!؟؟ . ماذا لو كنا من رواد الفكر ، النظرية النسبية ، النظرية الإشتراكية العلمية ، الوجودية ، البراجماتية !!؟؟ . ماذا لو كنا أصحاب الشركات ، فورد ، مرسيدس ، بيجو ، رينو !!؟؟. ماذا لو كانت الإستخبارات السورية الآن هي الحاكمة في الولايات المتحدة الأميركية !!؟؟. ثم والغريب في الأمر ، لماذا لم يهب هذا البطل الخارق في وجه صدام حسين الذي قتل وذبح أخوته وأولاد خالته وأطفال جارته وبنات حارته ، عندها لمزقت بنفسي كل الصور إلا صورته ، ولعلمت أبناء حارتي كيف يحذون حذوه ، ولهمست في أذني نزار قباني في رمسه أن يخلده بشاعرية لامتناهية ويطلق العنان لأبديته ، ولهرعت نحو رياض السنباطي أستحلفه بفاطر الأرض والسماوات أن يلحن تلك القصيدة كآخر لحن له ، ولركضت كالبرق كارعد نحو سيدتي ، سيدة الألم والفرح ( أيظن ، متى ستعرف ، عيش معايا ، لاتنتقد ، عيون القلب ) نجاة الصغيرة ، أتوسل إليها أن تغني تلك الملحمة للمرة الأخيرة !!. لكن أن يطعن هذا الصحفي ( مثل صدام حسين ، وبشار الأسد ، وإيران ) في تاريخ الشرق الأوسط ، في ثقافته ، في كرامته ، فتلك مسألة على النقيض من الأولى ، فتلك مسألة شائنة مذمومة ، لاتستحق إلا الإهمال والإدانة . أجل ، المسائل معقدة ، وللحديث شجون ، وللشرق الأوسط هموم ، وثمة مسافة أكيدة ما بين عقلين ، ما بين رؤيتين ، رؤيتنا ( صادق جلال العظم ، نصر حامد أبو زيد ، فهمية شرف الدين ، فيصل دراج ) ، ورؤيتهم ( أشباح الجريمة ، جثمان الوهم ، أضغاث الضغينة) ، وما بيننا مسافة شاسعة على أمتداد زمنين ، زماننا نحن ، الطرف الأول ( الحوار ، القلم ، الحب ، المعرفة ، العلم ، الإبتسامة ، القانون ، نواميس الطبيعة وعلم الأجتماع ، كل الفضائل ) ، وزمانهم هم ، الطرف الثاني ( العنف ، الإرهاب ، الكراهية ، السلاح ، الغضب ، العصبية ، كل الآثام ) ، أجل المسائل معقدة ، والمسافة تتباعد فيما بيننا ، نمد إليهم أغصان الزيتون ، هم يمدون إلينا فوهات البنادق . أجل المسائل معقدة ، والمسافة بدت قاتلة فيما بيننا ، على أمتداد قبر مهدي عامل ، الذي بقول في مؤلفه – مقدمات نظرية – ( فالثورة عملية إجتماعية معقدة يستلزم تحقيقها معرفة آليتها المتميزة ، هذه المعرفة ضرورة عملية لنجاح الحركة الثورية ، فكم من ثورة في التاريخ فشلت لإن القائمين بها جهلوا تميز منطقها ، فلم يفرقوا بينه وبين منطق تطور البنية الإجتماعية داخل إطاره البنيوي ، إن الممارسة السياسية الثورية إذن هي التي تفرض علينا هذا التميز داخل حركة التاريخ الإجتماعي ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاعزاء للحمقى في التاريخ
طيف ( 2008 / 12 / 20 - 07:03 )

( شيء من العقل ، شيء من الحكمة )
( شيء من معرفة الأسباب ، شيء من الحياة )


اينشتاين , كارل ماركس , هيجل , فيكتور هيجو . توماس اديسون , فولتيير ,موليير, فرويد الخ ... و ..... جورج دبليو بوش الصغير

اسماء علماء ومفكرين وليسمح لي الكاتب ان احشر ضمنهم جورج بوش فهذا هو مايريد ان يدسه الكاتب في المقالة , علما ان الرئيس بوش لم يعرف عنه الحكمة ولايوجد من يدافع عن سياسته الحمقاء في العالم , و لا حتى بين الامريكان انفسهم , ولكن بيننا نحن العراقيون هناك من يحاول أظهار نفسه وكأنه امريكانيا اكثر من الامريكان وبوشيا اكثر من بوش نفسه و ليظهر لنا مصطلح جديد هو مصطلح ايتااااااام بوش .. في أحسن الاحوال لو هناك من يحاول وصف فعلة منتظر الزيدي بالرعونة , فالرعونة والحماقة صفة ملازمة لبوش ولن يكون يوما في التاريخ من ضمن المفكرين والعلماء ,و رغم ان حماقة منتظر الزيدي هي بنت ساعتها وفعلته ارتجالية وجاءت ردا على اهانات جيش بوش في العراق ولها مايبررها , أما حماقة بوش واعترافه امام العالم بأخطائه وحماقته في حملة الحرب على العراق وبأنه انساق وراء اكاذيب , فهذه حماقة مابعدها حماقة والتاريخ لايشفع للحمقى والاغبياء .. ولاعزاء للحمقى مهما كتبتم ونافحتم عن بطلكم بوش


2 - مفردات ناقصة في العنوان
حسام العبيدي ( 2008 / 12 / 20 - 12:52 )
اعتقد ان عنوانك تناسا بعض المفردات مثل
شيء من الديمقراطية الكاذبة
شيء من سرقات السادة المسؤلين
شيء من تزويق القبيح
شيء من اتهام الاخرين بالصدامية لمعارضتهم
شيء من انتهاك الانسانية والتعسف
ولا تنسى شيء من اقلام النفعيين


3 - مقال رائع
أمير ماركوس ( 2008 / 12 / 20 - 13:11 )
أأصبت كبد الحقيقة يا سيدي


4 - العقل العربي
OMAR AL KHIAM ( 2008 / 12 / 20 - 17:40 )
دعوة لدراسة العقل العربي والحذاء والكلب تراثيا وبنيويا وهل هناك امل ان نتجاوز التسطيح القندرائي وازدراء الكلب صديق الانسان رغم خدماته التي تتجاوز الكرش العربي

اخر الافلام

.. قضية دفع ترامب أموالا لممثلة أفلام إباحية: تأجيل الحكم حتى 1


.. بايدن عن أدائه في المناظرة: كدت أغفو على المسرح بسبب السفر




.. فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية


.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي




.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان