الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهى وجلسة المقهى........!

مازن فيصل البلداوي

2008 / 12 / 20
الادب والفن


عندما تنظر اليها ينتابك شعور غريب بالراحة والهدوء ،ولاأدري ان كان لملامح وجهها تأثير على المقابل أم هي تلك الطاقة المغناطيسية المنبعثة من داخلها تحيطك بهالة من الراحة وألأسترخاء عندما تتحدث اليها،جلست نهى على كرسيّها الخشبي تحت شجرة السدر المغروسة منذ زمن بعيد في باحة الدار الذي كان ايضا عمره يقارب عمر تلك السّدرة وهي تنظر اليّ عندما طرقت باب الدّار وفتحت لي أختها الأصغر علياء الباب فدخلت الى باحّة الدار كما هي عادتي عندما أزور بيت صديقي أحمد.
كان عمرها لايتجاوز السادسة عشر عاما لكنها كانت من قرّاء الكتب النهمين الذين يدمنوا القراءة كي يطّلعوا أكثر على تجارب الآخرين او من تجود به نفسه لكتابة تطلّعاته المستقبلية، كانت صامتة تقريبا لاتكاد تسمع لها صوتا ورغم أنّي قد تجاوزت الخامسة والثلاثين من العمر فقد كانت تلك الفتاة تشدّني الى أن أراقب تصرّفاتها من الهدوء الى تعابير الوجه حينما تنطق بأجابة لسؤال قد يسألها اياه أحدهم.
أبوهم كان رجلا موظفا عاديا في احدى دوائر الدولة وأمّها قد أحيلت على التقاعد مبكرا بسبب وضعها الصحي المتدهور، ونهى كانت تقوم بمسؤلية البيت الداخلية تقريبا أضافة الى أنها كانت طالبة في المرحلة الثانوية أو تكاد، كانت طبيعية ليس فيها شيء يخالف البنات الأخريات ،عيناها، وجهها ، شعرها كلّها كانت طبيعية وعادية جدا!
جلست على ألأريكة التي وضعت في باحة الدار أنتظر أحمد ...صديقي، لأصطحبه الى أحد المقاهي في شارع المكتبات،لأننا كنا ننتظر انعقاد جلسة لمثقفي المقهى قد تمّ الأتفاق على موعدها قبل شهرين، لذا كان لزاما علينا الذهاب للأستماع الى المحادثات التي ستجري هناك بين كتّب وشعراء ومثقفين آخرين قد يشتركوا في الجلسة،وصلنا الى المقهى الذي كان عبارة عن دار قديمة قد تم تصليح بعض اجزاء جدرانها وصبغها لتلبس حلّة جديدة أحتفاءا بانعقاد الجلسة لأنها كانت جلسة استثنائية قياسا بمستوى الوضع العام السائد في البلد، دخلنا وأخذنا مقعدين في زاوية من زوايا الباحة الداخلية للدار بأنتظار القادمين فقد قاربت الساعة العاشرة على الأنتهاء لتعلن بداية الجلسة.
توافد ألمشاركون والمهتمّين وأستراح كلّ منهم على كرسيّه وبدأ منظّم الجلسة بالقاء كلمة الترحيب بالحاضرين ومن ثم قراءة فقرات الجلسة، وبدأ أحد ألأخوة في الحديث عن أهمية التحاور في أشاعة جو التمدّن والتأسيس لمناخ مناسب لجعل الأنسان بأعتباره خلية المجتمع الأساسية من الأبداع والتطور وهكذا تم تداول الموضوع والمقترحات التي طرحت من قبل الأخوة الحاضرين الى أن تمّ التدرّج الى أهمية القراءة للكتب الأدبية أو العلمية أو الثقافية العامة للمرء وكيف أنّ هذه القراءات تساهم وبشكل فعّال في تشذيب النفس وتهذيب الشخصية والأرتقاء بصاحبها الى مستويات أعلى كي تجعله مطّلعا ومترابطا مع محيطه الداخلي أو الأقليمي أو ألعالمي عندما يقوم بتنويع مصادره وقراءاته كي لايجعل نفسه حبيس زاوية الفكر الأحادي ذو الأتجاه الواحد ولاسبيل لمعرفة ماللأخرين من افكار وبهذا سيعزل الشخص نفسه ولن يعرف مالدى الآخرين وليعتمد فيما بعد على مايقال فقط دون أكتشاف مايوجد حقا وهذا من شأنه أن يجعل الشخص يعاني من شحة المعلومات قد تكون حادة في كثير من المواضع التي يتطلّب فيها ان يكون المرء على دراية أوسع وأشمل كي يتم التعاون بسهولة مع الآخرين لتجاوز المراحل الصعبة التي قد يصادفها المجتمع أثناء دورات حياته المستمرة.كان للجلسة طعما آخر غير الذي تعوّدناه في جلسات أخرى! لاأدري قد يكون لأنها أنعقدت في خضمّ الظروف الأستثنائية التي يمرّ بها البلد ومدى الحاجة لتداول مثل هذه المواضيع ولأنعقاد مثل هذه الجلسات، أضافة الى أنها (الجلسة) قد أعطتني شعورا بالأرتياح من ناحية أن المجتمع لازال حيّا بوجود أبنائه الذين هم أقدر على تشخيص مواقع الخلل ومن ثم السعي لأصلاحها.

أنتهت الجلسة بعد مرور ساعتين ونصف من الوقت ونحن لانعلم كيف مرت تلكم الدقائق الطويل قصارا، احتسينا بعدها الشاي وعدنا ادراجنا نتمشى على الرصيف باتجاه بيتينا انا وأحمد............وأذا بنا نصادف نهى أمامنا! أندهشت وتسمّرت في مكاني بينما راح أحمد يسألها عما اذا كان هنالك مكروها قد حصل! فأجابت لا لا لا، بالطبع ليس من مكروه ولكني سمعت أن ثمّة جلسة ثقافية تعقد اليوم في ذلك المقهى، ووددت لو أستطيع أن أسمع جزءا مما سيتم تداوله والحديث عنه! فأستغرب أحمد أستفسارها هذا وسألها ، وكيف عرفت بذلك ؟ فأجابت بأن أحدى صديقاتها أخبرتها عن تلك الجلسة لأن أخيها كان مشتركا فيها.
فأخبرها أحمد با، الجلسة قد فظّت وانتهت وهو مستعد لكي يخبرها بما جرى بعد العودة الى البيت........! انتشيت فرحا لما لهذه البنت من عقل وفكر وشخصية وتمنيّت لو أن الكثير من أصدقائي يحذون حذوها بدل ان يبقوا حبيسي النظرة المباشرة الى الأمور والتحليل القاصر الذي يصدر نتيجة هذه النظرة السريعة أو نتيجة الفكر الأحادي الأتجاه.............لاأدري ان كان لأمنياتي من سبيل كي تتحقق!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا


.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور




.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين