الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وسائل الاحتجاج والنصر المؤزر..!!

كريم كطافة

2008 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


أذكر أن أغرب وسيلة احتجاج على سياسات الرئيس الأمريكي (بوش) جاءت من سيدة أمريكية، من الناقمين على مشاريع الجمهوريين. إذ أرسلت تلك السيدة على عنوان الرئيس مغلفاً فارغاً إلا من شعر عانتها..!! في تورية أُريد لها الاحتجاج أو الازدراء أو الإهانة أو أي هدف آخر، الأمر متوقف على ماذا يعني شعر العانة لأحدهم. ليس بالضرورة الجميع يعتبرون هذا الكثيب المشعر نجساً أو رمزاً للشر، على العكس منهم من يضفي عليه القدسية باعتباره مصنع الحياة. وكان مصدر التورية متأت من أن اسم (بوش) كذلك يطلق على شعر العانة في الدارج من الإنكليزية. حينها اكتفت الصحف والوسائل الأخرى للإعلام بإيراد الخبر مع مسحة خفيفة من السخرية. دامت الضجة أياماً ثم عاد كل صحفي إلى سابق عهده في البحث عن الغريب والمشوق والعجائبي من الأخبار. حتى أن أحداً لم يتقدم لشراء خبيصة الشعر تلك وأكيد لم تُعتقل تلك السيدة أو تُرفع عليها دعوة قضائية. جرى التعامل مع الأمر على أنه مزحة. لعل تلك السيدة لم تكن محظوظة بما فيه الكفاية، على الرغم من الخيال المبدع الذي كان خلفية فعلها.
أما ما حدث في بغداد يوم الأحد الفائت، فأنه أمر يفوق الخيال نفسه؛ إذ نجح صحفي شاب يعمل لقناة فضائية مغمورة بتفجير أكبر قنبلة إعلامية في الشرق الأوسط والعالم..!! قنبلة لم تكلفه أكثر من فردتي حذاء قياس 10 حسب تأكيد الضحية، رماهما على التوالي بشكل حر باتجاه الرئيس بوش خلال مؤتمر صحفي وأمام أنظار العالم. أظن شخصياً، أن حظ هذه القنبلة الإعلامية من الرواج والضجة أكبر بكثير من شعر عانة تلك السيدة الأمريكية غير المحظوظة، لأسباب تاريخية وغير تاريخية. لكن المشكلة؛ أن حظ فاعلها هو الأسوأ لأن المسكين دخل السجن ومن المحتمل أن يحكم عليه وفق القوانين النافذة في البلد بعقوبة قاسية. ومن العوامل الأخرى التي ستزيد من محنة هذا الشاب ورداءه حظه، هو كونه صحفي، تقف وراءه قناة فضائية يقودها (مجلس قيادة قناة)، عمل على تحويل هذا الفعل من فعل فردي لمواطن عراقي غاضب (وهل في العراق الآن عراقي غير غاضب..!!) إلى ما يشبه انقلاب عسكري. إذ أصدر بيان رقم 1 تلاه كبير المذيعين موجه للأمتين العربية والإسلامية، ثم أردفه بقطع برامج القناة والدخول في خلية أزمة يقودها ذات المذيع الذي تذكَّر ملامحه بأحد ضباط الانقلابات العسكرية.. ثم إصرار هذا الضابط –المذيع على أن هذا الفعل هو نهاية عهد وبداية عهد.. نهاية عهد الهزائم وبداية عهد الانتصارات وتحرير الأوطان من بغداد إلى تطوان..!! ثم وكأنها ناقصة ليأتي المحامي (الشهيرة) خليل (الدين) الدليمي ويكملها، بتجميعه أكثر من 250 محامي بين عروبي وإسلامي في زمن قياسي قدره 3ساعات، متطوعين وبالمجان للدفاع عن الصحفي وكما هو واضح أن هذا المحامي مرشح قوي للدخول في دليل الأرقام القياسية العالمي، بقدرته الفذة على تجميع أكبر عدد من المحامين في أقل وقت وفي منطقة (متميزة جداً) إذ يلفظ فيها المواطن أنفاسه قهراً وقمعاً وتضييعاً قبل أن يجد له نصف محامي يدافع عنه..!! ثم أكملها الصدريون بصدرهم الظاهر والباطن بالخروج في مظاهرة (روتينية) مرددين (كلا كلا احتلال.. كلا كلا شيطان) رافعين فيها صورة الصحفي إلى جانب الحذاء.. بالطبع هؤلاء متخصصون بالمظاهرات، لديهم تقريباً نفس قدرة الدليمي على تجميع المحامين، أحياناً لا يستغرق عندهم الأمر سوى دقائق معدودة لإعداد مظاهرة (مليونية) منطلقها مدينة الثورة ومستقرها شاشات الفضائيات العربية.. يعني بالمختصر المفيد أن هذا الشاب سيذهب بستين داهية.. وأجد من الأفضل له لو يصر على فعله ويدافع عنه دفاعاً مستميتاً أمام القاضي والداني، لأن الانسحاب الآن وطلب العفو والمغفرة قد يخرجه من السجن لكنه سيحرمه من لقب البطل التاريخي (بالطبع وفق مقاييس البطولة والنصر العربية المعاصرة)، وسيصيب الأمة بنكسة جديدة والأمة كما هو معروف غير ناقصة نكسات لديها ما يكفيها ويزيد.. أدعو جماهير الأمة من الماء إلى الماء أن ترفع أيديها بالدعاء عل هذا الشاب يصمد ويدافع عن نصرها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احلى كلام
سلام العماري ( 2008 / 12 / 20 - 13:26 )
الثناء الجميل ابو حاتم, على هذا الاسلوب الادبي المتمدن الراقي
واني اشهد انه خير ما قراته حول هذا الموضوع


2 - غريب يااخي!
مازن البلداوي ( 2008 / 12 / 20 - 14:34 )
ألأخ كريم المحترم
الغريب في مثل هكذا مواضيع، أنّنا لانجد أحدا من الأخوة العرب يقوم بمثل هكذا عمل فينتصر للأمّة العربية!
لماذا ...... لاأدري ياأخي!


3 - نريد المزيد من مقالاتك
عزيزجاسب الملا ( 2008 / 12 / 20 - 18:04 )
شكرا لاسلوبك الجميل وتويصيفاتك الرائعه التي تدخل عقول الجميع
فتتجاذب معها وتغذيها لذا فما احوج قراء الحوار المتمدن للمزيد
من هكذا كتابابات مع كل الامتنان

اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو