الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهمة الصحفي الكلمة وليس الحذاء

طلال احمد سعيد

2008 / 12 / 21
الصحافة والاعلام


وسائل التعبير عن الرأي متاحة الان بحرية كبيرة في العراق بكل انواعها ومن ضمنها حرية الكلمة , نحن نقرا ونكتب يوميا الكثير من النقد للحكومة والبرلمان والقوات الامريكية وغيرها دون مسألة , ووسائل الاعلام تقف على القمه في التمتع بحرية التعبير سواء كانت صحافه ام اذاعه ام تلفزيون بالكلمه والصوت اوبغيرهما.
لم يكن مالوفا من قبل ان يعتبر الحذاء وسيلة ليعبر الصحافي بها عن رايه في هذا الموقف اوذاك , ان اهانه الرئيس جورج بوش ليس امرا مقبولا على الاطلاق , لان هذه الاهانه موجهه الى الشعب الذي انتخبه , وفي نفس الوقت هو تصرف مبتذل يسيء الى سمعه الصحافة العراقية , كما يسيء الى سمعه الشعب العراقي بالذات . لقد كان بمقدور الصحفي ان يلقي بالاسئلة التي تدين الوجود والتصرف الامريكي في البلاد وان يكشف عن رأيه الصريح بالطريق السليم بدلا من استعمال وسيلة مرفوضة بطرح الرأي ان كان بالفعل لهذا الصحفي رأي يذكر. الم يفكر هذا الصحفي ان بتصرفة هذا قد وجه اساءة الى رئيس وزراء العراق الذي يقف جنب ضيفه الامريكي .
لقد كان مشهدا مؤلما عندما تقوم فضائية البغدادية التي تبث من ارض مصر بتحويل المساله الى مهرجان للاشادة بتصرفات السيد منتظر الزيدي ولا ندري كيف تجزم تلك الفضائية بان هذا التصرف يعبر عن رضى وقناعه الشعب العراقي ,اننا نعتقد بأن الانطلاق بتمجيد هذه العملية يمثل قمة التردي الفكري والسياسي والثقافي وهو يمثل تهريجا يبعث على الاسف .
انا لست من المدافعين عن اميركا ورئيسها , فطالما كتبت نقدا للادارة الامريكيه حول اخفاقاتها في العراق , الا ان من باب الانصاف ان نقرر ان اميركا قامت بانتشال العراق من ابشع نظام ديكتاتوري فردي ظل جاثما على صدر العراقيين طيله عقود , لقد اسقطت امريكا نظام صدام حسين ويجب ان نسجل تقديرنا لذلك العمل , ونتذكر بان ذلك النظام كان وراء الكثير من النكبات التي اصابت العراق . وبهذه المناسبه اود ان اسال الصحفي (الثائر) هل كان بوسعه ان يتصرف مثل هذا التصرف او اقل منه بكثير في عهد صدام حسين ,.واود ان اذكر الطبالة والراقصين على الحدث بأن صدام حسين طرد احد وزراءه لمجرد قيامه بالنظر الى ساعته اليدوية اثناء اجتماع مجلس الوزراء, معتبرا ذلك بمثابة عدم اهتمام الوزير باعمال المجلس !! وهنالك امثلة كثيرة يعرفها العراقيون حول مدى الديكتاتورية التي مارسها النظام السابق بحق هذا الشعب .
لقد كان كل شيئ مهيئا للانفجار خلال سنوات حكم البعث الاخيرة , حتى جاء الزحف الامريكي لينهي تلك الحقبة المؤلمة من تاريخ العراق , وقد قام الامريكان
باطلاق العنان للمجرمين والخارجين عن القانون والسجناء الذين اطلق سراحهم صدام حسين , وكان ذلك عملا غير محسوب لان اطلاق الحرية بشكل مطلق بعد تلك السنين من المعاناة ولد حالة انفجار تحولت الى فوضى وكانت تلك من اهم الاخطاء التي ارتكبتها القوات الامريكية جرت وراءها الكثير من الكوارث 0
الغريب اننا في العالم العربي نندفع بشكل عاطفي للاشادة بمواقف اقل مايقال عنها انها لاتخدم قضايانا العادلة , انه من المحزن ان نرى الصحفي المصري مصطفى بكري بوق صدام حسين الاجير والمتلبس بكبونات النفط الشهيرة يقود مجموعه من الصحفيين المصرين يرفعون (القنادر) رمزا لانتصار التيار القومي العربي في مشهد يبعث على الاشمئزاز .
الجماعات المراديكاليه اعتبرت عمل الصحفي الزيدي بطوليا وقامت بتعليق الاحذية على اعمدة الكهرباء وكأن الحذاء اصبح شعار للنضال الوطني العراقي وقيل ان احد النواب العراقيين اقترح ان يخصص يوما وعيدا وطنيا للاحذية وهذا الامر يبعث على الاسف . ان عهد الشعارات المستهلكة قد ولى وعلينا ان نتذكر صوت المهرج احمد سعيد المذيع في اذاعة صوت العرب كيف نسج الاكاذيب وكيف ضلل الشعب العربي وثم تداعى مخلفا جراحا كثيرة لم تندمل بعد .
يجب ان نقيم العملية التي قام بها الصحفي العراقي منتظر الزيدي ونقدر مدى ماتسببه من تشويه مضاف الى سمعة العرب والعراقين في العالم الخارجي , فهذا عمل لا يخدم القضية العربية على الاطلاق , وهو يعزز نظرة الغرب المعروفة اتجاهنا ويبعدنا كثيرا عن المفاهيم الديمقراطية ومعاني الحرية .
ان وسائل النضال السياسي يجب ان تكون حضارية وان عمليات التهريج و التصرفات البهلوانية لا يمكن ان تحقق هدفا ساميا ولا تبني وطنا حرا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احسنت يا استاذ
امجد العراقي ( 2008 / 12 / 21 - 07:36 )
نحن العرب يجب ان نتحلى بالعقلانية والموضوعية بعيداعن الانفعالية والشعارات البالية وان نكون في مستوىالاحداث


2 - قليل من التروي
محمد خليل عبد اللطيف ( 2008 / 12 / 21 - 13:15 )
سيدي الكريم...في البدء لم ينتخب بوش وانما اتى الحكم ولاول مرة في تاريخ الولايات المتحدة بحكم المحكمة الدستورية العليا...اوافقك في اغلب ماذكرت واشد على يديك الا انني لن اكف عن الدعوة الى التاني في الثناء على الولايات المتحدة التي اتت بالبعث الى الحكم باعترافهم هم ومساندتها للطاغية بحربه المجنونة ضد ايران...شكرا سدي الفاضل لسعة صدرك

اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر