الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ الأهواز -عربستان- منذ عهد الأفشار حتى المرحلة الراهنة ، الفصل الرابع ،الحلقة الثالثة

جابر احمد

2008 / 12 / 21
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


اسباب انهيار الحكم المشعشعي ومجيء بني كعب:
قلنا في نهاية الحلقة الثانية من الفصل الرابع انه بوفاة المولا مطلب وسقوط الحويزة على يد بني طرف يكون الستار قد اسدل على حكم دولة المشعشعيين في الحويزة والذي استمر اكثر من 500 عام وفي هذه الحلقة سنحاول تسليط الاضواء على الاسباب الكامنة وراء سقوط الحكم المشعشعي في الحويزة، حيث يرى المؤلف ان ذلك السقوط يعود الى عدة اسباب منها :
1 - الضعف السياسي الذي اصاب الحكم المشعشعي اثناء فترة حكم كل من المولا فرج والمولا عبدالله والمولامطلب.
2- الضعف الاقتصادي بسبب انحراف نهر الكرخة عن مجراه الاصلي.
3- كثرت الحروب والصراعات الداخلية .
4- انتشار امراض الطاعون والوباء الذي اضطر سكان مدينة الحويزة الى النزوح منها والسكن في المدن الاخرى مثل مدينة الاهواز والشوش والمحمرة، والذي بدوره ساهم في تدهورمكانة مدينة الحويزة سياسيا واقتصاديا وثقافيا.
5- ظهور الكعبيين بزعامة الشيخ جابر بن مردوا الكعبي كقوة سياسية لها مكانتها الجغرافية والاقتصادية والسياسية ودعمها من قبل حكام الدولة القاجارية، التي اعترفت بسيادة شيخ جابر على الاقليم وفي حال وفاته ينتقل الحكم في عربستان الى اولاده من بعده .
استقواء قبيلة بني طرف :
يقول المؤلف، وبعد انها خمسة قرون من الحكم المشعشعي على مدينة الحويزة، سميت منطقة الحويزة بديار بني طرف وذلك بعد ان استقوى بني طرف وازداد نفوذهم، وفي هذا الصدد يقول ميرزا محمد عليخان فريد الملك الهمداني في مذكراته الصفحة 151 و171 حول مدينة الحويزة مايلي "في الواقع ادى دمار مدينة الحويزة الى احياء بني طرف ... والغالبية العظمى من بني طرف تقطن في مدينتي "الخفاجية" و"البسيتين " وجلهم يعمل في زراعة وانتاج الرز ويراسهما شيخان، الاول يسمى شيخ منيشد والثاني يسمى الشيخ سبهان، وقد سمعت ان الضرائب الذي يحصلون عليها من رعيتهم قد بلغت 100 الف تومان الخ ..." وفي مكان اخر يقول " لقد وصل خبر من بوشهر يقول ان الدولة المركزية اصدرت امرا بمصادرة جميع انواع الاسلحة ومنع المواطنيين من المتجارة بها، وقد صادرت الدولة حتى الآن ما يقارب اكثر من 4000 بندقية ولكن بالنسبة للعرب فان مثل هذا المرسوم لا يرجى من وراءه نفعا، لان جميع القبائل العربية اصبحت تملك السلاح، فلا ترى عربي مهما كان وضعه المالي حتى لو كان لايملك ما يأكله، الا انواع من خبز الرز " كالطابق" و" السياح " و"الرصاع " يحمل بندقية على كتفه و يشد نطاق الرصاص على حزامه، كما ان اليوم جميع الاقاليم سواءا واقاليم العرب والترك واللر والبختيارية واهالي فارس اصبحت تمتلك السلاح وان هذا المنع يشبه المثل الفارسي القائل" تناول الدواء بعد موت سهراب" .
ويضيف فريد الملك ايضا "ان الدولة المركزية بما تمتلكه من جيش واسلحة قديمة ليس بمقدورها في الوقت الراهن موجهات هذه الاقاليم، فعلى سبيل المثال ان فيدرالية بني طرف وحدها لديها 12 الف مسلح...و بالتالي ينصح الدولة ان لاتواجه سكان هذه الاقاليم مواجهة عسكرية ومعالجة الامور بالحكمة و الروية .. الخ " .
لقد سكن بني طرف قبل ما يقارب اكثر من قرن في مدينة البسيتين بعد ان هاجموا سكانها الاصليين وهم السواري وطردوهم منها بقوة السلاح واستولوا على اراضيهم ، فلم يكن امام هذه العشيرة الا النزوح باتجاه الاراضي العراقية، وبعد مرور ثماني اعوام على هذا الهجوم عاد قسما من قبيلة السواري الى موطنهم الاصلي الا انهم بقوا خاضعين لسيطرة قبيلة بني طرف. وبعد هذه الحادثة هاجر نصف من عشيرة بيت صياح و نصف من عشيرة بيت اسعيد ونعني بهم علي بن منيشد و سندال بن عبد العزيزبن صياح وزايرعلي من بيت اسعيد الى مدينة البسيتين، اما النصف الاخر وهم كل الحاج سبهان بن عباس بن عبد الله بن محمد بن مشعل بن سعيد من بيت اسعيد ومطيلج من بيت صياح آثروا البقاء في مدينة الخفاجية والتي هي المركز الاساسي لاقامة بني طرف.
وبعد مدة على مرور هذه الاحداث تحالف كل من علي بن منيشد وزاير علي مع قبيلة الشرفة القاطنة في الحويزة ، ومن جهة اخرى تحالف كل من الحاج سبهان و الشيخ مطيلج مع قبيلة بني سالة واثر هذه التحالفات جرت مصادمات دموية بين طرفي هذا التحالف ادت الى هزيمة التحالف الذي يقوده علي بن منيشد، حيث هرب هذا الاخير يرافقه الشيخ زاير علي الى مدينة العمارة العراقية ومن هناك ذهبا الى الشيخ خزعل امير المحمرة وبعد عام استطاع تحالف زاير علي وبمساندة الشيخ خزعل ان يستعيد سيطرته السابقة على مدينة الخفاجية، الا هذه التحالفات لم تدم طويلا فبعد عامين على هروب الشيخ سبهان والشيخ مطيلج الى مدينة العمارة العراقية، تمكن الرجلين من اقناع الشيخ خزعل وحثه على مساعدتهما لاستعادة سلطتهما على بني طرف ، فاستجاب لطلبهم وساعدهم بالعودة وعلى اثرها نفي كل من علي بن منيشد من بيت صياح وزاير علي من بيت اسعيد من قبيلة بني طرف، واعيد ترتيب التحالفات القبيلية من جديد ، فتحالف الحاج سبهان من بني طرف مع قبيلة بني سالة وقفوا بالضد من قبيلة الشرفة ، هذه القبيلة التي لا ترتبط انذاك بأي علا قات ودية مع القبائل العربية الاخرى .
انتفاضة رؤساء قبائل بني طرف ضد الشيخ خزعل
رفض شيوخ بني طرف الانصياع لارادة الشيخ خزعل وذلك بفعل الظلم والضرائب الباهضة التي فرضها عليهم ، كما انه بدوره وعبر استخدام "سياسة فرغ تسد " استطاع ان يبث الفتنة والخلافات بين اوساط زعاماتهم ولهذا السبب عندما ثارت عشائر بني طرف ضده في 1908 قام بنفي عدد من زعمائهم وزج الآخرين منهم في السجن، ومن بين الشيوخ الذين ابعدوا هم الشيخ عوفي بن مهاوي والشيخ سبهان، وقد ابعد هذان الشيخان الى مدينة العمارة، كما الشيخ عاصي بن شرهان زج به في السجن، وقد عين محلهم شخصية محلية معروفة هو صالح بن غضبان الطرفي كممثل لحاكم المحمرة الشيخ خزعل في منطقة الحويزة وشط بني طرف، وكلفه العمل على الاشراف على ادارة الامور العشائرية في حدود قبيلة بني طرف واخذ الضرائب منها، كما عين هذا الاخير بدوره وجهاء من قبله مقبولين محلين وذلك من اجل ادارة الامور وكيفية جمع الضرائب، وقام بارسالهم الى القصبات والنواحي والمدن التابعة له، ولعل من بين هؤلاء الافردا يمكن ذكر الاسماء التالية :
1 - صالح الحسن الشبيبي من اهل النقرة، مندوبا عنه في مدينة الخفاجية.
2- عودة الشيوع الكناني، مندوبا عنه في مدينة الحويزة .
3- الملا نجم بن علي الجرفي مندوبا عنه في مدينة البسيتين.
كما عين لهم مستشارين يساعدونهم في ادارة الامور وجباية الضرائب وهم كل من خلف عودة الكناني وسيد حميد الموسوي و الملة نعمة الشبيبي .
ويتطرق المؤلف الى الاحداث التي شهدها اقليم عربستان ابان الحرب العالمية الاولى والصراع الدائر بين القوتين الاعظم المتواجدتين في المنطقة ونعني بها كل من بريطانيا العظمى و الامبراطوية العثمانية، حيث يرى المؤلف ان قبيلة بني طرف ونتيجة للتناقضات الحادة التي كانت موجودة بينها وبين الشيخ خزعل حاولت الاستفادة من هذه الظروف ، فاختارت ان تكون الى جانب العثمانيين ضد الانجليز، من هنا فانهم بادروا الى قبول دعوة الجهاد ضد الانجليز التي اطلقهاعلماء الدين في النجف.
وفي هذا المجال ينقل المؤلف عن المؤرخ الانجليزي ويلسن وعن كتابه " بلاد ما بين النهرين الصفحة 59 قوله "ان عشائر بني طرف وما جاورها قد استجابوا لنداء الجهاد وهبوا هبة رجل واحد لمساعدة العثمانيين" واثناءها دخول غضبان بن ابنيان والذي يعتبر عدوا تاريخيا للشيخ خزعل وبصفته رئيسا لعشائر بني لام غرب مدينة الاهواز ومقارنة مع ذلك تسلح الآلآف من بني طرف واستعدوا لمواجهة الانجليز، وقد اتخذوا من المرتفعات الواقعة على بعد 15 كيلو متر من مدينة الاهواز موقعا لهم وقد بدأت المواجهة بينهم وبين الانجليز في صبيحة " الثاني من كانون الاول " من عام 1915 و استمرت هذه الموجهة حتى منتصف الظهر .
وفي هذه المعركة وقفت عشيرة بني طرف الى جانب القوات العثمانية وابلت بلاءا حسنا في القتال وتحملت خسائر بشرية جسيمة وقد ذكر " ويلسن" في مذكراته عدد القتلى قائلا : " ان البريطانيين فقدوا في هذه المعركة " اي معركة المنجور " 62 و 127 جريحا ، بينما فقد العثمانيين ومن معهم من القبائل 200 قتيل و600 جريح " .
ونقلا عن كتاب "نبذة عن الوقائع التي شهدتها الاهواز خلال 120 سنة الاخيرة "لمؤلفه السيد محمد الموسوي الجزائري ص 23 و24 ينقل المؤلف قوله "ان القبائل العربية تصدت ببسالة للجنود البريطانيين والحقت بهم خسائر فادحة الامر الذي اضطرهم الانسحاب الى الجهة الاخرى من نهر كارون، كما ان البعض منهم ولشدة الهلع الذي اصابهم القوا بانفسهم في النهر وغرق منهم الكثير وفي نهاية الامر اعلنوا الاستلام في منطقة تسمى الامانية وكانت بناء صغير يعتبر احد قصور الشيخ خزعل ويقع هذا القصر بالقرب جسر نادري وقد تبدل فيما بعد الى نادي لعمّّال السكك الحديدية في مدينة الاهواز ... ".
اما في المعركة الاخرى والتي دارت رحاها يوم الثالث من ايار من عام 1915 والتي استمرت حتى الخامس عشر منه ، تعرضت مدينة الخفاجية و على مدار ثلاثة ايام على التوالي الى قصف مدفعي عشوائي من جانب القوات البريطانية، خلف وراءه مئات الضحايا من سكان المدينة ناهيك عن الخسائر المادية الجسيمة التي الحقت بالبيوت والممتلكات .
ويكرر ويلسن في كتابه آنف الذكر الصفحة 86 الى 92 حول بسالة بني طرف قائلا :"رغم عدم التكافؤ ورغم كون الطرف الآخر مسلح بالمدافع والرشاشات ومتفوق بشريا، ورغم الخسائر الباهضة التي الحقت بقبيلة بني طرف الا انها قاتلت ببسالة ضد القوات البريطالنية والحقت بها خسائر بشرية لا يستهان بها ... " . وبعد انتهاء الحرب بين البريطانيين و العثمانيين عادت الامور والاوضاع على ما هي عليه قبل الحرب، فارسل الشيخ خزعل ممثليه الى منطقة بني طرف لحل محل الشيوخ الهاربين و المبعدين ، واستمر هذا الوضع حتى اختطاف الشيخ خزعل الى طهران وبدء الحكم الرضاخاني المستبد والذي ادى الى هروب ممثلي الشيخ وعودة الشيوخ الهاربين والمبعدين وكذلك المسجونين لدى خزعل الى موطنهم في الخفاجية وما جاورها وهي المنطقة التي تعرف اليوم بدشت ميشان يمارسون حكمهم على قبائلهم كما الحال سابقا .
انهت الحلقة الثالثة من الفصل الرابع وتليها الحلقة الرابعة والاخيرة وهي تتضمن انتفاضة القبائل في الحويزة وشط بني طرف " دشت ميشان " ضد حكم رضا شاه الاستبدادي .
تأليف : موسى سيادة
عرض وترجمة : جابر احمد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ