الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجارب دنماركية (3) مكتبات الشعب

ضياء حميو

2008 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تجارب دنماركية (3)
مكتبات الشعب

منذ أن كان " بيتر " الصغير في الثالثة من العمر كانت أمه تأخذه إلى المكتبة العامة القريبة " مكتبة الشعب " ، إلى ذك الركن الصغير لذي يحبه ممتلئا ، بالعاب الأطفال والكتب الخاصة بهم ، لكن اليوم هو مميز له إذ انه سيبلغ قريبا السادسة من العمر ، وسيلتحق بالمدرسة ، في الصف التمهيدي الأول ، ولذا قررت الأم ،إن اللآوان قد أزف ، ليحصل على هويته الخاصة بالاستعارة من المكتبة ، ليتمكن من الذهاب لوحده أحيانا إلى المكتبة ، ورغم انه يعرف موظفي المكتبة ،لكنه اليوم سيتعرف على أسمائهم ، ويصافحهم ، لأنهم سيكونون العون له مستقبلا في إرشاده إلى مايرغب باستعارته ، حصل على هويته الخاصة بالاستعارة ، اخبروه إن مدة الاستعارة للكتب هي شهر قابلة للتجديد شهرا آخر ، أما للأفلام ،على اختلاف أنواعها ،فمدة الاستعارة اسبوعا واحدا ، والموسيقى شهرا واحدا ،اخبروه إن هنالك أشياءً لن يستطيع استعارتها لأنها مخصصة للكبار ، وكل كتاب ، فلم أو موسيقى محدد على غلافه الداخلي الحد الأدنى للعمر المسموح باستعارته، اخبروه انه ليس هنالك عددا محددا للكتب التي يرغب في استعارتها ، في المرة الواحدة .
وبعد أن اختار مع والدته بعضا من الكتب التي يتشوق للصور بها وستساعده في التعلم ، أدخلت موظفة المكتبة رموز الكتب في نظام الاستعارة الالكتروني ، وضعت الكتب في كيس خاص ، مع ورقة صغيرة ، عليها أسماء الكتب وتاريخ استعارتها ، وإعادتها .
لن ينسى " بيتر " هذا اليوم المهم في حياته .

تشكل المكتبات في الدنمارك ، ركنا مهما من أركان بناء الإنسان ، ولهذا فهي تحصل على دعم ، مميز وخاص ، من قبل وزارة الثقافة ، لاتقتصر موجوداتها على الكتب وحسب ، بل على الأفلام بمختلف أنواعها ولغاتها ، المجلات ،الموسيقى ، كومبيوترات ، واتصال انترنت ،الجرائد المختلفة كل هذه وأحيانا ، بلغات حسب ، التنوع العرقي في المنطقة أو المدينة التي تقع فيها المكتبة ، الذي جاء منه المقيمون الجدد ، كأن يكونوا عربا ، أو أتراكا ، باكستانيين ..الخ.

أرقام وحقائق

حين بدأتُ البحث للكتابة عن هذا الموضوع ، كان لابد أن استعين بمركز الإحصائيات الرسمي للكتاب في الدنمارك ، وكانت الأرقام التي استقيت بعضها منه ، مذهلة بالنسبة لي ، من كل النواحي ، وسأجعلها تتحدث مع إيضاح إذ وجب ذلك :
ـ بلغت الميزانية التي رصدتها وزارة الثقافة للمكتبات في عام 2008 مبلغا يقارب 149 مليون و 800 ألف دولار أمريكي، سيزداد قليلا في 2010 و 2011 ولكنه سيقل ب200 ألف دولار في 2012.
ـ عدد المكتبات العامة التي تسمى بتسميتها الرسمية " مكتبات الشعب " مايقارب 545 ، وأضعاف هذا العدد بثلاث أو أربع مرات هي المكتبات الموجودة في المدارس والمعاهد والجامعات ومكتبات الدولة.
ـ عدد العاملين الحاصلين على تخصص في المكتبات، في مكتبات الشعب والمدارس فقط هو :8181 متخصص .
ـ هنالك مابين 5000 ـ 6000 عنوان جديد، دخل المكتبات في عام 2007 على سبيل المثال.
ـ عدد الكتب التي تم استعارتها من " مكتبات الشعب " في سنة 2006 بلغ: 72 مليون 874 ألف كتاب، أما التي تم استعارتها من مكتبات المدارس فهو: 25 مليون و145 ألف كتاب.
ـ عدد الكتب في مكتبات الشعب فقط هو : 30 مليون 761 الف كتاب ، وفق احصائيات عام 2007 ، ومامعدله 5,75 كتاب لكل فرد .
بصورة مبسطة لو ذهب كل الدنماركيون البالغ عددهم مايقارب 5 مليون و 400 ألف نسمة إلى المكتبات لاستعارة الكتب في وقت واحد ، فإن كل شخص سيحصل على : 5,75 كتاب لكل فرد ، النسبة ذاتها في " انكلترا " على سبيل المثال : 2,07 وفي تركيا 0,19 وفي " أيسلندا هي الأعلى تقريبا 7,46 أما في السعودية فهي 0,04 فقط ..! . وهي البلد العربي الوحيد الذي يمكن الحصول على إحصائيات عن المكتبات فيه متوفرة عالميا.
ـ أما عن الكتب التي تترجم إلى اللغة الدنماركية ، فان أرقام 2007 تقول : إن 70% منها كان من اللغة الانكليزية ، تم ترجمة 921 عمل قصصي في عام 2007 ، وفي نفس العام تم إصدار 694 كتاب دنماركي ، في ذات الاختصاص.
ـ مقابل كل كتاب يترجم إلى اللغة الدنماركية يتقاضى المترجم من دور النشر مبلغا يقارب 40 ألف كرونة دنماركية ، أي 8 آلاف دولار.

تجربة مكتبات في باصات

تجربة مميزة في المكتبات في هذا البلد وهي تجربة التنقل في الأحياء والقرى بباص تم تحوير داخلة كمكتبة عامة تماما مليئا بالكتب ، المجلات ، الأفلام ،و الموسيقى .. الخ...خُصص لتحفيز وتسهيل الإعارة لمن لا يرتاد مكتبة عامة لسبب أو آخر يسمى " بباص الكتاب ".
هنالك 51 باص من هذه في الدنمارك ، منها 12 باص صغير والباقي كبير، تعمل على مدار الأسبوع مابين 17ـ 22 ساعة ،في عام 2004 تمت استعارة 2مليون و 162 ألف كتاب، مجلة أو غيرها ، من هذه الباصات ،المكتبات .
ختاما
المكتبات والكتب ، هي مهمة الدولة أولا ، بلا دعمها ، المستمر ، ورفدها بكل جديد لايمكن أن تكون فعالة في بناء الفرد ومن ثم المجتمع ، والأرقام التي ذكرتها هي خير دليل..!
أود الإشارة انه أسعدني معرفة أن بعض البلدان العربية ، مثل الجزائر ، مصر ، تونس لديها هذه التجربة في المكتبة المتنقلة في الباصات ، وأتشوق أن أراها يوما في العراق ، تزينها تسميتها " مكتبات الشعب ".











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مغامرات وأسرار.. بيكي تكشف أبرز التحديات التي تواجه البنات ا


.. استطلاعات: الولايات الأميركية المتأرجحة تبدي تغيرًا لصالح با




.. ناريندرا مودي يتولى رئاسة وزراء الهند للمرة الثالثة


.. لأول مرة.. مقاتلة أوكرانية تقصف العمق الروسي وتدمير مقاتلة ا




.. قتلى وجرحى من جراء استهداف الجيش الإسرائيلي مبنى سكنيًّا وسط