الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دروس في الرسم لمعتقلي غوانتانامو

محمد نبيل

2008 / 12 / 23
أوراق كتبت في وعن السجن


بدأت السلطات العسكرية الأمريكية في ممارسة نشاط جديد في معتقل غوانتانامو، ويتعلق الأمر بتقديم دروس في الرسم للمعتقلين القابعين خلف القضبان دون محاكمة منذ عام 2002. هذه الدروس التي تستمر ثلاثة أشهر، الغرض منها هو التخفيف من معاناة المعتقلين، حسب المصادر العسكرية الأمريكية في غوانتانامو. وقالت مصادر صحفية أوروبية، أن السلطات العسكرية لاحظت أن معتقلا عربيا تفتقت موهبته ، و فضل رسم ساعات التوقيت الجدارية عوضا عن رسومات أخرى .

ويرافق هذا "النشاط التربوي الجديد " احتجاز الولايات المتحدة في القاعدة أسرى عملياتها العسكرية في أفغانستان والعراق، والمتهمين بصفة أساسية بالانتماء لما تعتبره واشنطن منظمات "متطرفة وإرهابية" على رأسهما تنظيم القاعدة . وسجن غوانتانامو سيء السمعة، بدأت السلطات الأمريكية باستعماله عام 2002، بعد أحداث الحادي عشر ، و ذلك لسجن من تشتبه في كونهم إرهابيين، وهو معتقل تقول عنه المنظمات الحقوقية الدولية، أنه تنمحي فيه الإنسانية وتنعدم فيه الأخلاق، ويتم معاملة المعتقلين بقساوة شديدة، ما أدى إلى احتجاج هذه المنظمات ومطالبتها بوقف حد لهذه المعاناة وإغلاق المعتقل بشكل تام.

أرض كوبية و تعذيب أمريكي للمعتقلين ...
يوجد سجن غوانتانامو في أقصى جنوب شرق كوبا، و يبعد 90 ميل عن فلوريدا، ولا ينطبق عليه أي من قوانين حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا . قامت كوبا في 23 فبراير 1903 ممثلة برئيسها توماس ايسترادا، بتأجيره للولايات المتحد الأمريكية مقابل 2000 دولار أمريكي، وكان ذلك ، امتنانا من الرئيس الكوبي للمساعدة التي قدمها الأمريكيون لتحرير كوبا ، لكنه تحول بعد عقد من الزمن، إلى سلطة سياسية و عسكرية مطلقة . وخلف قرار تأجير غوانتانامو، احتجاج الثوار الوطنيين . وعلى إثر ذلك لم تقم كوبا بصرف الشيكات.
و على الرغم من الاعتراض الكوبي، ترسل الولايات المتحدة الأمريكية شيكا بقيمة 2000 دولار سنويا إلى حكومة كوبا، إلا انه في أزمة صواريخ كوبا في أكتوبر عام 1968 ، لغم فيديل كاسترو القاعدة لمحاولة إجلاء الأمريكان، لكن الرئيس جون كندي رفض التدخل في قاعدة غوانتانامو ، و أكد حقه في استئجارها. ومنذ ذلك الحين و العلاقات الكوبية الأمريكية جد متوترة. أما اليوم، فقد عززت قادة دول أمريكا اللاتينية ، في قمتهم الأخيرة في كوستا دو ساويبي شمال شرق البرازيل، علاقاتهم مع كوبا ، وطالبوا الولايات المتحدة برفع الحظر الاقتصادي الذي تفرضه على الجزيرة الشيوعية منذ 46 سنة.

الصحافيون ممنوعون من التحرك بحرية ومأساة خلف الأسلاك في غوانتانامو
مازال سجن غوانتانامو يثير الكثير من الاحتجاجات الدولية، بالرغم من وعود الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال حملته الانتخابية بإغلاق المعتقل. وفي هذا السياق، انتقدت منظمة العفو الدولية البرلمان الأوروبي، لعدم فتحه نقاش علني حول المعتقل، وحول تورط أوروبا في رحلات واعتقالات سرية قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية ضد متهمين بأعمال إرهابية. واعتبر مدير مكتب العفو الدولية الأوروبي يكولا بيرغر، أن قرار البرلمان الأوروبي جاء "مخيباً للآمال، وقال:" لقدا كنا ننتظر تقدماً ملموساً بخصوص هذين الملفين من قبل البرلمان قبل نهاية العام الحالي " .

إذا كان البعض يقول بأن رياح التغيير قد بدأت بعد إطلاق الرئيس الأمريكي الجديد لوعوده بإغلاق المعتقل، و فتح الباب أمام الزيارات المتكررة للصحافيين، من أجل نقل صورة المعتقل من الداخل، فإن الأمر لا يعدو سوى كلاما لم يتحقق على أرض الواقع. فمن جهة، قضية إغلاق المعتقل ما زالت بعيدة و يجب أن تمر عبر قناة الكونغرس الأمريكي، الذي سيشهد جدلا صاخبا ، كما صرح بذلك الأميرال ديفيد توماس الذي يعمل في غوانتانامو. أما من جهة ثانية، الصحافيون الذين زاروا القاعدة منعوا من التحرك بحرية داخل المعتقل، و كاميرات التصوير تمارس عليها الرقابة من طرف السلطات العسكرية، التي تراقب كل الصحافيين، كما حدث مع مبعوث جريدة ليبيراسيون الفرنسية .

وتم اختيار تسع من بين عائلات المعتقلين عن طريق الاقتراع، لحضور رفقة 20 صحافيا جلسات استماع المتهمين في غوانتانامو، الشيء الذي يعني إقصاء عائلات العديد من المعتقلين، الذي يقدر عددهم ب 250 معتقلا. وحسب مصادر وزارة الدفاع الأميركية ، يوجد بين المعتقلين 50 منهم قيد الترحيل أو الإفراج عنهم، لكن الولايات المتحدة تجد صعوبة في إيجاد دول تقبل استقبالهم، على حد قول المسئولين في واشنطن.

واقع معتقل غوانتانامو لا تتحدث عنه الصحافة الدولية فقط، بل يرويه المعتقلون أنفسهم في شكل تصريحات و قصص بدأت العديد من الصحف في نشرها . فقد وصف مصطفى آية ايدير، 38 عاما ، وواحد من ثلاثة معتقلين جزائريين يحملون الجنسية البوسنية بعد إطلاق سراحه ، بأن هذا الأخير يعد "أكثر الأماكن سوءا في العالم". وأضاف "إنه أمر صعب جدا بالنسبة لرجل بريء كليا".

تصنيف المعتقلين ووضعهم في معسكرات طبقية
تقوم السلطات العسكرية في غوانتانامو بتصنيف المعتقلين حسب معايير مختلفة كمدى خطورتهم و طبيعة التهم الموجهة إليهم . فالمعسكر رقم 4 يعد الأكثر هدوءا، و المعتقلون داخله يرتدون اللباس الأبيض عوضا عن اللباس البرتقالي. وتوجد في هذا المعسكر قاعات جديدة للدروس، كما للمعتقلين الحق في 3 كتب و 4 مجلات كل أسبوع. ومن بين العاملين في المعتقل، أمريكي من أصل عربي، يقوم بوظيفة مستشار ثقافي، وهو الذي يقدم النصيحة فيما يخص ما اصطلح عليه ب"الرقابة الثقافية". لكن هذا الصنف من المعتقلين لا يمثل سوى 30 في المئة من مجموع المعتقلين . أما 70 في المئة من المعتقلين، فإنهم تقبعون داخل المعسكر رقم 5 و 6و7 ، لأنهم يعدون من بين أخطر المتهمين، لذلك يوضعون تحت مراقبة خاصة وفي سرية تامة .

وإذا كان التعذيب و المعاملة القاسية يختلف من معسكر إلى آخر داخل القاعدة، فإن جحيم الاعتقال في غياب محاكمة عادلة أمام محكمة أمريكية أو دولية والتعذيب يتقاسمه جميع معتقلي غوانتانامو . فما وقع للمعتقل لمحمد القحطاني مثلا، يعد شاهدا على هذا القول . وحسب تقارير صحفية أوروبية، يختزل المعتقل القحطاني حجم المأساة في غوانتانامو . فقد خضع للتعذيب والإهانة الجنسية، كما تم حقنه بحقنات طبية، حتى لا ينام ، وذلك لمدة 49 يوما (من 23 /02 /2002 إلى غاية 11 /01 2003) . وفي نفس الاتجاه، كشف تقرير صدر عن مجلس الشيوخ الأمريكي، على آن التعذيب الذي مورس في سجن أبو غريب ارتبط بتعليمات وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ، الذي حث على إخضاع المعتقلين للإهانة ولعدد من الضغوط الجسدية وهو ما يتناقض مع تصريحات جورج بوش حول نفس الموضوع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا


.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة




.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 


.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال




.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني