الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل العلاقات الروسية الاميركية في عهد أوباما

محمد بن سعيد الفطيسي

2008 / 12 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


‏ مع بداية عهد الرئيس الاميركي الجديد باراك أوباما تكون العلاقات الاميركية الروسية قد ‏وصلت الى مرحلة حساسة وحرجة من التوتر والتصعيد على مختلف مستوياتها السياسية ‏والنفسية , والتي بدورها دفعت الطرفين الى تبني بعض السياسات العسكرية الشبيهة بتلك التي ‏سلكتها الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفيتي مع بداية عقد الستينيات من القرن الماضي ‏‏, فيما سمي في ذلك الوقت بالحرب الباردة بسبب أزمة الصواريخ الكوبية 0 ‏
‏ وبالطبع فان أوباما اليوم لن يكون هو الرئيس الاميركي السابق كيندي ولن يكون الرئيس ‏بوتين او حتى ميدفيديف الرئيس السوفيتي الشيوعي خروتشوف اللذين عايشا الأزمة سالفة ‏الذكر في ذلك الوقت , فالزمان والمكان اليوم يختلفان كثيرا عن السيناريو الذي وصلت فيه ‏العلاقة بين الجانبين الى طابع هدد بنشوب حرب عالمية نووية , كادت ان تمحو عن الكرة ‏الأرضية وجود ما لا يقل عن 800 مليون نسمة وان تترك حوالي مليار و500 مليون نسمة في ‏حالات المرض الذي يتمنون الموت بديلا عنه 0‏
‏ ولو استبعدنا وصول الأمر الى مرحلة المواجهة العسكرية المباشرة بين الجانبين وذلك ‏لأسباب كثيرة , فإننا لن نستطيع ان ننفي احتمال وصول التوتر الى مرحلة المواجهة والتصعيد ‏الذي تضطر فيه إحدى الدولتين الى قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما , وهي مرحلة خطيرة ‏للغاية في ظل هشاشة البناء الجيوسياسي العالمي اليوم , والذي يرزح تحت براثن الفوضى ‏والإرهاب والعلاقات الدولية الفضفاضة 0 ‏
‏ وبالعودة الى قراءة خارطة القضايا التي أوصلت الطرفين النوويين حديثا الى هذه المرحلة ‏من التصعيد والمواجهة , فسنجد ان أبرزها على الإطلاق هو أزمة الدرع الصاروخي الاميركي ‏الذي نصبته الولايات المتحدة الاميركية في شرق أوربا , والذي تدعي بحسب وجهة نظرها انه ‏موجه للتصدي لهجمات إرهابية محتملة من دول كإيران وكوريا الشمالية , وتقول روسيا انه ‏يمثل تهديدا مباشرا لأمنها وحدودها القومية 0 ‏
‏ هذا بالإضافة الى عدد أخر من القضايا الحساسة والتي تنقسم ما بين الملفات المباشرة ‏والتي تعتبرها روسيا تدخلا غير مرغوب فيه فيما أسميناه بالبيت الروسي القديم كقضية الملف ‏الجورجي , والتي لا زالت الى يومنا هذا كالرماد الذي يوشك ان يشتعل بين الحين والآخر , ‏وأخرى تختلف فيها في وجهات النظر كالملف النووي الإيراني على سبيل المثال لا الحصر , ‏هذا بالإضافة الى ملفات أخرى لا تقل أهمية عن الملفات سالفة الذكر , والتي تعتبرها روسيا ‏تحديدا جزء من التحدي الجيوسياسي الذي أعلنته الولايات المتحدة الاميركية ضدها وضد ‏مصالحها القومية , كمعارضة انضمامها الى منظمة التجارة العالمية , او من خلال توسيع حلف ‏الناتو , او اعتراف كل طرف بدول وجهات يعتبرها الطرف الآخر دول غير شرعية من وجهة ‏نظره , وغيرها العديد من الملفات والقضايا العالقة , والتي ستظل تذكي نار التوتر والتصعيد ‏والتحدي ما بين الدولتين خلال السنوات المتبقية من العقد الأول من القرن الحادي والعشرون , ‏والتي بالطبع سيتحمل مسؤوليتها الأولى والأخيرة الرئيس الاميركي بارك أوباما , وميدفيديف ‏وبوتين خلال المرحلة القادمة 0‏
‏ فما هي السيناريوهات المحتملة والمطروحة لحركة ملفات تلك القضايا خلال الفترة ‏المستقبلية القادمة , وخصوصا الملفات ذات الطابع المباشر كملف الدرع الصاروخي الاميركي ‏في شرق أوربا على سبيل المثال لا الحصر , وعلى وجه التحديد خلال فترة حكم الرئيس ‏باراك أوباما , والتي ستبدأ عمليا مع مطلع العام 2009 م , حيث سيتحدد من خلالها مستقبل ‏العلاقات الاميركية الروسية 0‏
‏ ‏

‏ وبداية فان شكل العلاقة المستقبلية المحتملة ما بين الدولتين خلال الفترة الرئاسية القادمة ‏‏, وذلك من خلال استقراء التحولات والمتغيرات الدولية الراهنة و الخاصة بتلك الملفات , تدور ‏في السيناريوهات التالية :‏
‏ السيناريو الأول : يعلن الرئيس الاميركي باراك أوباما تخليه عن الدرع الاميركي الذي ‏سعت إدارة الرئيس الاميركي السابق جورج دبليو بوش نصبه في شرق أوربا منذ مطلع القرن ‏الحادي والعشرون , وتفكيكه لتلك المنظومة العسكرية , وبذلك تتحمل إدارة أوباما تبعات ذلك , ‏فماديا ستتجاوز الخسائر المحتملة لذلك ما يزيد عن الـ 25 مليار دولار تقريبا في ظل الأزمة ‏الاقتصادية الخانقة التي تمر بها , مع احتمال توتر او حتى انهيار علاقاتها مع الدول التي تعول ‏على حمايتها من التهديدات الخارجية كجورجيا , او مع تلك التي أيدت الدرع الاميركي منذ ‏البداية وتحملت تبعات ذلك كبولندا وتشيكيا , مع تحمل إدارته لجميع الامتدادات الجانبية ‏الخطيرة التي يمكن ان تتبع ذلك , وعلى رأسها التهديدات الإرهابية المحتملة , والتي تمسكت ‏بها كأساس لنشر تلك المنظومة من دول تناصبها العداء كإيران وكوريا الشمالية او حتى الصين ‏وروسيا , في حين لن تكسب من وراء ذلك سوى تحسين علاقتها مع روسيا الاتحادية وإيقاف ‏استنزاف الأموال التي رصدت كميزانية بلا سقف او نهاية للدرع الصاروخي 0 ‏
‏ السيناريو الثاني : الولايات المتحدة الاميركية تساعد الروس على الانضمام الى منظمة ‏التجارة العالمية , وتتخلى مصالحها في منطقة القوقاز , مقابل قبول روسيا بطريقة او بأخرى ‏مشاركة الولايات المتحدة الاميركية نصب ذلك الدرع الصاروخي في شرق أوربا , أكان ذلك ‏من خلال المشاركة الفنية او الرقابية او خلافه 0 ‏
‏ السيناريو الأخير : وهو السيناريو الأكثر احتمالا نظرا للمعطيات الراهنة على اقل تقدير , ‏و – نقصد - استمرار الرفض الاميركي للمطالب الروسية بتفكيك منظومة الدرع الصاروخي ‏الاميركي خلال عهد الرئيس أوباما , واستمرار التشدد الروسي حيال وجهة نظرها , وهو ما ‏فهمناه من خلال تصريح جون رود وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للحد من التسلح والأمن ‏القومي يوم الأربعاء الموافق 17 / 12 / 2008 م , والتي أكد فيها بأن المحادثات التي جرت ‏في موسكو خلال الأيام السابقة للتصريح قد فشلت في تضييق هوة الخلافات بشأن الدرع ‏الصاروخية وأظهرت ان روسيا تنتظر بحث القضية مع إدارة أوباما , وأضاف : تقديري ان ‏الروس يعتزمون جس نبض الإدارة الجديدة والرئيس الجديد 0‏
‏ أما في تصريحات الطرف المقابل قال سيرجى ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية : ‏إننا بصفة عامة راضون عن هذه الجولة من المباحثات ، حتى ولو لم نتوصل إلى تحقيق أي ‏تقدم ايجابي على هذا الصعيد , وأضاف ريابكوف : أن المفاوضات حول هذه الموضوعات ‏الدرع المضادة للصواريخ ومعاهدة ستارت تكتنفها المصاعب دائما , وكان ريابكوف قد قال ‏قبيل الاجتماع إن هذه المحادثات قد تفتح الباب أمام اتفاق جديد للحد من انتشار الأسلحة النووية ‏مع الإدارة الأمريكية الجديدة في عام 2009 م , مع العلم بان معاهدة تقليص والحد من الأسلحة ‏الهجومية الاستراتيجية ( ستارت ـ 1 ) قد وقعت بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في ‏عام 1991م ، وتنتهي فترة سريانها في 5 ديسمبر عام 2009م – أي – أنها انتهت عمليا0‏
‏ وحتى لا نسبق الأحداث بتوقعات مشئومة وكارثية قادمة نتصورها – من وجهة نظرنا ‏الشخصية - على العالم , فإننا سننتظر ونترقب ما سيتمخض عن إدارة الرئيس أوباما من ‏تصريحات وخطط وتوجهات حيال الملفات سالفة الذكر , والتي ستتحمل بكل ما تعنيه الكلمة ‏من معنى المسؤولية التاريخية عنها , رغم أنها لم تكن السبب فيها , حيث ستكون السنوات ‏‏2009 م – 2010 م تحديدا , بمثابة السنوات الفاصلة في مستقبل العلاقات المتوترة أصلا ما ‏بين الولايات المتحدة الاميركية وروسيا الاتحادية 0‏
‏ ‏
‏ ‏










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء استئناف الخطوط الجوية الجزائرية رحلاتها الجوية من


.. مجلس الامن يدعو في قرار جديد إلى فرض عقوبات ضد من يهدّدون ال




.. إيران تضع الخطط.. هذا موعد الضربة على إسرائيل | #رادار


.. مراسل الجزيرة: 4 شهداء بينهم طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزل




.. محمود يزبك: نتنياهو يريد القضاء على حماس وتفريغ شمال قطاع غز