الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريقة الدانماركية لتحسين الدخل

بدرالدين حسن قربي

2008 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


غريب أن تفكّر زوجة رئيس وزراء الدانمارك بتحسين دخل عائلتها، وأغرب من هذا أن يكون عزماً على الرقص في المناسبات، وأما الأغرب فهو الاهتمام بهكذا خبر مما لايعنينا في شيء وتداوله في المواقع الإخبارية العربية بطريقة لافتة ومثيرة وهي تتحدث عن قلة حياء أهل الغرب والدانمارك خصوصاً، ولم يشفع للزوجة عذرها ورومانسيتها بأنها عندما ترقص تحس كما لو أنها فوق السحاب، وهو عذر وشعور يجادل فيه من يجادل ولله في خلقه شؤون.
الكاتب أنيس منصور كتب مرةً عن زيارة لأربعةٍ من رواد الفضاء الأمريكيين إلى مصر المحروسة أيام الراحل السادات وكانوا ضيوفاً عليها فطلبوا الذهاب إلى كباريه، وعندما حبكت السهرة غناءً ورقصاً اضطرب حال الرواد العتاولة وقاموا يرقصون حول الراقصة المصرية المعروفة وأمورهم والعة. وعندما ذكّرهم الكاتب بدورانهم في الفضاء حول الأرض أكدوا له وبدون تردد أنهم استمتعوا رقصاً في فضاءات السيدة نجوى فؤاد وحولها وكأنهم فوق السحاب أكثر من دورانهم في الفضاء، ولله في خلقه شؤون.
كلامنا ونقدنا للغرب والغربيين وطريقتهم في حياتهم لاينتهي باعتبار أننا مصابون ببعد النظر، فنترك أنفسنا وماحولنا ونبحث عن الآخر نقداً وفضحاً وسخريةً، مع أن الآخر هو غيرنا في حياته وثقافته ونظرته للأمور والحياة.
ياجماعة..!! الحاجة صعبة ومرة، والجوع كافر، وكاد الفقر أن يكون كفراً. تصوروا أن نساء ساداتنا وكبرائنا لاسمح الله فكروا بتحسين دخلهم ومعاشهم على الطريقة الدانماركية فكيف سيكون حالنا مع (البهدلة) والعالم يتكلم عنّا وعن قلة نخوتنا وشهامتنا بأن رؤسائنا حالهم واقف ودخلهم غير كاف لعيشة كريمة. لذلك ومن أجل ألا يُوقعنا زعماؤنا لاسمح الله بالحرج والبهدلة فهم أخذوا الطريق من قصيرها وحسنوا دخلهم بطريقتهم وآثروا جماهيرهم بالرقص.
قد يرى الراؤون في الرئيس الدانمركي بخلاً وقلة نخوة أجبرت الزوجة على تحسين الدخل وهم يقولون له على مايرون وبطريقتهم: باطل على الرجال..!! والمسكين يشرح موقفه بأنه رئيس الدانمارك وليس رئيس ستان، وأنه لايستطيع أن يكون الحرامي أو النهاب أو الشفاط الذي يبلع البلد ولاحسيب ولارقيب في بلادستان. ويؤكد لهم أن شرفنا ياعرب ونخوتنا غير شرفكم ونخوتكم، أنتم تزدرون رئيساً شريفاً مثلي لايسرق ولاينهب، وتتهمونه في نخوته لأن زوجته تفكر في تحسين دخل عائلتها، وتصفقون لرئيس حرامي لص وقامع فاسد، وتعتقدون بنخوته لمجرد أن حرمه فقط محبوسة على أعمال البروتوكول والذي منه. رقصنا ياناس غير رقصكم، فرقصنا مزاج وتحسين معيشة، ورقصكم ألم في دوخة البحث عن لقمة العيش وجرعة الدواء وشربة الماء، وهمّ وغمّ في دوام المهانة والقهر والقمع والاستبداد. فدعونا ياجماعة بحالنا وانتبهوا لحالكم وأحوالكم، فلنا شرفنا ولكم شرفكم، ولنا رقصنا ولكم رقصكم.
أنتم قوم ترون القذى الخفيفة في أعيننا ولاترون الأخشاب في أعين ناسكم وجماعتكم. أحدكم يتكلم عن الرئيس الدانمركي وكأنه كفيله، ، ويسبّ الرئيس بوش وكأنه هو الذي انتخبه رئيساً ، ويتحدث عن ساركوزي وكأنه واحداً من مواطنيه. يتكلم عن الشرق والغرب ناقداً ومهاجماً وشاتماً وكأنه ولي أمرهم ومخلّصهم والوصي عليهم، ويعمى عن بقعةٍ صغيرةٍ من الدنيا فيها رئيس بلده وحاكم وطنه وشؤون ناسه وأهله، يصفق لقامعه وقاهره وسارقه، ويرقص ويهوّس ويدبك أيضاً.
وعندما قال له أحدهم: أدبُكْ..!! آه..، أرقص..!! لا. لأن الدبك للرجال والرقص للنساء.
أجابه قائلاً: طالما أنتم على هالحال من الدبك والتهويس للصوص والحرامية، ومن السكوت عن فواحش النهب والفساد، وتُشغلون أنفسكم برقصنا وأحوالنا بما لاينفعكم لادنيا ولاآخرة، فحالكم لايبشر بخير. فطوبى لمن شغلته عيوبه عن عيوب الآخرين وطوبى لمن شغل نفسه بفساد ولي أمره ونهبه عن رؤسـاء آخرين وأزواجهم ممن لايعنونه في شيء.
صحيح أن ساداتكم لم ترقص نساؤهم وزوجاتهم على الطريقة الدانماركية حياء وشرفاً حسب زعمكم، ولكنهم ابتدعوا واخترعوا طرقاً وطرقاً لتحسين دخلهم وشفط ثروة بلدهم ليس فيها رقص، وبسببها جعلوا من ناسهم وجماهيرهم (دبّاكين ورقاصين)، ولفّافين يلفوا السبع لفات ويدوخوا المئة دوخة لتأمين رزق عيالهم، وقد سرقوا لقمة عيشهم وشفطوا قوت أطفالهم ونهبوا دواء ناسهم وأهلهم، ودمروا حاضر شعبهم ومستقبل أجيالهم. وصحيح أنهم لايدبكون ولايرقصون ولكن شعارهم الكل (لازم ) يرقص والكل (لازم) يدبك من أجل تحسين الحال والمعاش ومن لم يفعل فليس منّا، فهو شعار لئيم ولاسيما أنهم لايرون فيما يفعلون قلة شرف وانعدام نخوة أو موت ضمير.
يحاجج اللصوص والشفّاطون الجدد الطريقة الدانماركية لتحسين الدخل باختراعهم طرائق جديدة ومبتكرة لايدبك فيها الرئيس ولاترقص فيها زوزته (زوجته) ولكنهم يُدبّكون فيها كل الناس ويُرقّصون فيها كل الجماهير، وإنما حجة الدانماركيين أن زوزة رئيسهم برقصها تختصر الدبك والرقص على كل الناس، تعيدنا إلى مابدأنا به أن لله في خلقه شؤون.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا تشابه بيننا على الإطلاق
وائل إلياس ( 2008 / 12 / 23 - 19:14 )
مقال رائع و يكشف حقيقة تفكيرنا المريض, و دعني أروي لك هذه القصة التي حصلت معي هنا في كندا، مرة كنت مدعو عند واحد صديقي كندي، و دخلت أخته و كانت مرتديه فستان رائع، فأعربت عن اعجابي بالفستان و كم كانت تبدو فيه جميله، و حالما خرجت أخته من الغرفة حتى شكرني صديقي على مجاملتي لأخته لأنها بالتأكيد سترفع من معنوياتها و تزيد من ثقتها بنفسها,و تصورت لو أن القصة نفسها حصلت معي في سورية قبل أن أتي الى كندا، و أحد اصدقائي وجه كلمة مجاملة لأختي أمامي، باللغة العامية كنت سلخته سكين ببطنه...هذا هو الفرق بين ثقافتنا و ثقافتهم

اخر الافلام

.. المدرجات تُمطر كؤوس بيرة في يورو ألمانيا.. مدرب النمسا يُحرج


.. لبنان يعيش واقعين.. الحرب في الجنوب وحياة طبيعية لا تخلو من




.. السهم الأحمر.. سلاح حماس الجديد لمواجهة دبابات إسرائيل #الق


.. تصريح روسي مقلق.. خطر وقوع صدام نووي أصبح مرتفعا! | #منصات




.. حلف شمال الأطلسي.. أمين عام جديد للناتو في مرحلة حرجة | #الت