الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى الوراء در كبول البعير

نبيل قرياقوس

2008 / 12 / 24
حقوق الانسان


في معظم دوائرنا الخدمية تتفنن كوادر منظومات الفساد والارتشاء في ايصال صوتها مغلفا بعبير الحرص على عمل دوائر الدولة ، مولدة تعليمات بعيدة عن كل اوجه المنطق لتصفق وجه المواطن ، ولتضطره للاستسلام لجبروت الفساد والروتين وليصبح ذاك المواطن ( ممنونا ) لشغل طرف في معادلة الراشي والمرتشي .
قبل اكثر من عقد من الزمن كان المواطن الذي يشكو من عطل هاتفه الارضي ، يراجع دائرة الهواتف ويصدم بتعليمات ( عبقرية ) يمتنع فيها شباك الشكاوي في دائرة الهواتف من استلام الشكوى حيث يقال للمواطن: ( ارجع وخابرنا من جيرانك على هاتف الشكاوى ) ، وهكذا يبقى المواطن يوما ويومين وشهرا وشهرين يتصل بالشكاوى ، وبعد ان يمل منه اقاربه او جيرانه او اصدقاؤه الذين يستخدم هاتفهم الارضي للاتصال بالشكاوى ، يضطر لكشف طريقة للتعارف بأحد ( الخيرين ) من العاملين في دائرة الهواتف او ربما شرطي حراسة الدائرة ، ليتفق معه على مبلغ تصليح الهاتف الارضي العاطل دون شكوى ودون اتصال ودون اي شيء غير الرشوة !
تطورت الامور الادارية والفنية بعد فترة ، حيث وافق شباك دائرة الهواتف على استلام شكاوى المواطنين ذوي الهواتف العاطلة ، فحصل ازدياد عدد المراجعين مع كثرة الاعطال بسبب رداءة انجاز التصليحات وخاصة في امور التوصيلات تحت الارض التي تعطل بعد كل عطسة رطوبة من السماء مثلا ، وازاء تلك الزحامات ابتدعت ( العبقريات ) العاملة في الدائرة سبلا عديدة لاشغال واعاقة وصول الموطن الى شباك الشكوى دون منافذ التوسط والرشى ، ومن امثلة تلك السبل اعادة المواطن الى بيته وعدم استلام شكواه الا بعد ان يجلب اّخر قائمة استيفاء اجور هاتف !
بربكم ، ما دخل هذه القائمة في امور تصليحه ؟ فان كان يقصد بها معرفة اذا كان الهاتف قد اوقف عن الخدمة بسبب عدم تسديد ديونه فذلك سيتبين باول لحظة فحص حالة خط الهاتف على الحاسوب ، وان كان يقصد معرفة عائدية الهاتف فهنالك الف طريقة بديلة ، وهكذا كان المواطن يعود ادراجه الى البيت ولـ ( يتمالخ ) مع زوجته باحثا عن قائمة الهاتف المسددة قبل اشهر او ربما سنة ، لكنه ما ان يهدأ حتى يقرر الاستعانة بصديق من ( الخيرين ) ، لثقته ، ومن تجارب سابقة ، بان هاتفه سوف لن يصلح حتى لو اصطحب معه ( 100) قائمة هاتف لشباك الشكاوى في دائرة الهواتف !!
في الهواتف النقالة بعد 2003 وجد العراقيون ضالتهم المنشودة للهروب من معاناة تفاقم سؤ خدمات الهواتف الارضية يوما بعد اّخر ، وهكذا سبت الهواتف الارضية لفترات طويلة في معظم المناطق ، بل ورفعت اجهزة الهواتف الارضية في كثير من البيوت ، بينما اجور الاشتراك في الخدمة ما زالت تحسب على المواطن .
هذه الايام ، سمعت بوجود حملة لاعادة تشغيل الهواتف الارضية المتوقفة ، فحلمت ان افاجأ بصوت الهاتف يرن بعد ان اعيد ربط اسلاكه التي فارقها سنين ، خاب رجائي ، ومع ذلك فلم اتعظ ، اذ حلمت بعدها بطرقة باب مقبلة مع عامل دائرة هواتف يستفسر عن حالة هاتفي ، تكررت خيبتي ، وما اتعظت ! اذ حاولت الاتصال بهاتف الشكاوى، فتثلثت خيبتي ، وما اتعظت ايضا ! حيث تركت عملي متجها الى دائرة الهواتف الارضية حالما بقباحة الذي لا يتعظ ابدا ، ان اجد اعتذارا من الدائرة وموظفيها للمشتركين عن التقصير في اداء الخدمة للظروف المعينة ، لكني اول ما وصلت ، انصت الى تفاصيل مشادة بين احد المواطنين المشتركين وموظف شباك الشكاوى ، فقد اشتكى المواطن من عطل هاتفه بعد ساعة من اعادة عمله بعد سنتي انقطاع ، المواطن اجهر امامنا انه منح ( الاكرامية ) الاجبارية لعامل الهواتف ، والظاهر انها لم تكن ضمن مستويات التسعيرة ، ما ادى الى انقطاع عمل الخط الهاتفي مرة اخرى حسب زعمه .
جاء دوري للتحدث مع موظف الشكاوى ، اخبرته بعطل هاتفي منذ اكثر من عامين ، اجابني : ارجع ، اجلب اّخر قائمة تسديد اجور الهاتف !! واضاف : هذه توجيهات ادارة عليا !!
قبل اربعين عاما كنت طالب دراسة متوسطة ، كان معي زميل لا يجيد فهم موضوع الصوت والهواتف في درس الفيزياء ، وكلما كان مدرس المادة يمنحه فرصة للنجاح باعادة الامتحان ، كان زميلنا يحصل على درجة ادنى ، الى ان قال له المدرس مقولته التي لازلت اتذكرها للان : انت درجاتك مثل بول البعير !
مرت الايام والسنون ، سمعت بعدها ان زميلي عين موظفا محترما في دائرة الهواتف !!
من يدري ، قد يكون صاحبي هو السبب في استمرار عمل بعض الدوائر بشكل يتناسب مع الدرجات التي كان يحصل عليها في موضوع فيزياء الصوت والهواتف الارضية .
اخيرا ، اود المساهمة باقتراح وسيلة لتسهيل قبول شكوى الهواتف العاطلة ، فهناك احتمال ان يكون المواطن قد عثر على قائمة هاتف ، عليه يجب مطالبته جلب الوثائق التالية معه ايضا حين تقديم الشكوى :
1. تعهد امام كاتب عدل يقر فيه بعطل الهاتف .
2. تأييد موقع من سبعة اشخاص ( خمسة نساء ورجلين ) يؤيدون فيه عطل الهاتف مع رفق النسخ الاصلية من شهادة الجنسية العراقية للتأكد من كونهم بالغين .
3. كتاب من المجلس البلدي يؤيد فيه انتهاء خضوع العراق لوصاية البند السابع من قرارات الامم المتحدة .
4. نسخة من شهادة جنسية القابلة المأذونة التي ولدت صاحب الشكوى يدرج عليها وبخط اليد دعواه لها بعدم التوفيق لتوليده اياه في دولة شرق اوسطية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ


.. الجنائية الدولية.. مذكرتا اعتقال بحق مسؤولَين روسيين | #غرفة




.. خطر المجاعة لا يزال قائما في أنحاء قطاع غزة


.. ما الأسباب وراء تصاعد الجدل في مصر بشأن اللاجئين السودانيين؟




.. طواقم الدفاع المدني بمدينة رفح تنتشل 7 شهداء من محيط مخازن و