الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بورصة (الحياة)

خالد الكساسبه

2008 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


قبل ان اكتب ذهبت لمعجم البلدان ،المعجم الوسيط، معجم ابن الرومي أبحث عن معنى كلمة( بورصة) فلم اجد شيئا مطابقا،بحثت في الموسوعات الالكترنية فعرفت السبب: الكلمة ليست عربية،جائت من كلمة( بورص) وهو اسم عائلة بلجيكية كانت تشتغل في البنوك في العصور الوسطى في اوروبا ، لذا فطقوسها ليست عربية واخلاقها بعيدة عن بساطة الفلاح او البدوي الاردني فكان لا بد من الخسارة لان اللعب بنزاهة مع اللا اخلاقيين لن يؤدي للربح ابدا.
لا تحزنوا ولا تيأسوا فخسارة المال ليست خسارة. خسارة النفس هي الخسارة. عندما تخسر عزيزا فهذا مصاب. وعندما تخسر نفسك فهذا مصاب أاعظم. يا الله كم من مرة خسرت نفسي .
ولا لمرة واحدة جعلني امتلاك
المال سعيدا وكما ولا مرة واحدة جعلني افتقاد المال حزينا، المال يذهب وياتي، النفس تضيع فلا تستطيع ايجادها...
ذات مرة ملكت من المال اكثر مما اريد وذات مرة لم استطع ان اشتري حليبا لطفلتي الرضيعة وفي المرتين سارت
عجلة الحياة... وفي المرتين تذكرت باسم سكجها الذي امتلك ذات يوم ثلاث سيارات ولم يجد في يوم اخر ما يكفي لركوب سيارة تكسي.
ايها الطيبون الذي ضاربتم في البورصة لا تخجلوا من انفسكم ما فعلتم لم يكن اثما كل ما في الامر انكم جربتم حظكم
في الحياة، وهكذا هي الحياة فرح وحزن ،ضحك وبكاء ،ابيض واسود : الحياة بورصة عدم التوفيق فيها لا يعني الفشل وثمة امور كثيرة ليست بايدينا وما بايدينا خلقنا ولكن الله شاء،لستم بطماعين او مغفلين ، فقط بسطاء عملوا على تأمين حياة افضل لاطفالهم لكنهم الطماعين ابوا الا ان يسرقوا احلامكم.
امي فلاحة من اربد وابي بدوي من الكرك وأنا أردني من عمان
، تركت الوطن وتشردت في الاصقاع الباردة الخالية من الدفئ الفلاحي و النخوة البدوية والبساطة ال (عمانية) .
عندما كنت في السابعة عشرة من عمري رأيت ذات حلم سيدة ترتدي فستانا ابيض قالت لي ستقطع البحر (رايح جاي) ، وستعيش مثلما عشت، وستكون كأنك ما كنت، بعد غياب احدى عشر عاما عدت للاردن وكان عمري اربعة وثلاثين عاما وكنت قد قطعت البحر مرتين عدت للاردن ووجدتني غريبا في وطني ، ما اعظمها من خسارة عندما تجد نفسك غريبا في وطنك ، خسارة جديدة في بورصة الحياة لا تعادلها خسارة الدنانير في بورصة عمان في شئ.
عدت من الغربة وكانت عمان لا زالت قاحلة وان ازدادت التهابا بخطايا حيتانها الذين رايت خطواتهم في ناطحات السحاب وبوابات القصور التي تكفي لايواء عشرات الفقراء ومضاراباتهم في بورصة سرقت اموال الناس .
عمان لا زالت قاحلة وان ازدادت التهابا بخطاياها الليلية التي رايتها في الباحثين عن المتعة يلاحقن الباحثات عن حساب في البنك، ازدادت التهابا في فتيات عائلاتها اللواتي اضطرتهن الحياة للعمل حتى منتصف الليل ، بل احيانا ما بعد منتصف الليل وهن اللواتي كن من قبل يرفضن العمل حتى في وضح النهار.
في الغربة اشتقت لايام الشتا كلنا نجتمع حول صوبة البواري، ابي يحمص الكستنا وامي تغلي ابريق الشاي ، جدي يحفر الحاكورة وجدتي تهز بالغربال ، اشتقت لصوبة علاء الدين، اشتقت ل( بليلا) وخالتي تحضر السمن البلدي وباليد الاخرى تخبز عتى الصاج ،اشتقت لترف الاردنيين البسيط ، وايام الجمع يخرجون في رحلاتهم البسيطة مثل قلوبهمن المنقل والارجيلة ،وبضعة اكياس من طعام لا صخب ولا ثمالة،
هؤلاء هم الاردنيين الذين لم اراهم العام الماضي ، الاردنيين البسطاء المنقادين بعناية الهية ،رايت اناسا تطاردهم مصاريف الحياة فلم يكن امامهم من خيار الا ان يدفعوا ببناتهم للعمل وان يضاربوا في بورصة الحياة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عمان
احمد الجعافرة ( 2008 / 12 / 25 - 09:39 )
صدقت يا خالد فان الشعب الاردني تغير وتغير كثيرا بحيث انك كانسان اردني دون ان تهاجر الى الخارج تحس في كثير من المرات بأنك غريب في وطنك وخصوصا اذ توجهت في عمان من الشرق الى الغرب وفي الليل بالذات ستجد عجب العجاب ستجد عمان اخرى بعد الدوار الثالث عمان تغص بمترفيها دون حساب لعواقب السهرات والجلسات فلاخوف على جيوبهم من الافلاس لانها تمتليء من حيث لا يدرون فحتما سيصرفونها من حيث لا يدرون عمان في دواويرها الثمانيه وماعلى اليمين وعلى الشمال هي عمان الغد ان شئنا ام ابينا فاما نقر بهذا التغير ونسايره او اننا سنختفي الى غير رجعه

اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟