الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحقيقة المرة

حاتم جعفر

2008 / 12 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قبل ان يستفتى الشارع العراقي في حقيقة موقفه من الاحتلالات الجاثمة على رقبة شعبه, فقد استفتي الشارع الامريكي في ذلك ومنذ وقت مبكر وكان آخرها تعبيره الواضح ودون تردد وعبر صناديق الاقتراع حين ادلى بصوته وبفارق لم تألفه الانتخابات الامريكية من قبل وذلك بأختيارها للمرشح الديمقراطي باراك اوباما, رئيسا للولايات المتحدة الامريكية, لأربع سنوات قادمة وقد تتجدد لولاية ثانية, ناهيا بذلك فترة عصيبة واليمة جدا ليس في تأريخ الولايات المتحدة فحسب وانما في تأريخ الشعوب ايضا و التي اكتوت بنار السياسات الهوجاء للرئيس المغادر للبيت الابيض, حيث بلغت عنجهياته مديات ضاقت بها ذرعا حتى اقرب الدول الصديقة لأمريكا والمحسوبة كذلك على محورها.
وقرار جدولة انسحاب قوات الاحتلال من العراق واذا ما تجاوزنا الآن كل الاعتراضات والملاحظات والمؤخذات, المثارة حوله, فانه لم يات بمعزل عن حجم الرفض الشعبي العارم لهذا الاحتلال ولايمكن بأي حال من الاحوال استبعاد هذا الجانب مهما ادعا المدعون, ولم يات كذلك برغبة بريئة من الاحتلال واعوانه, بل جاء بعدما تكبدت تلك القوات خسائر جسيمة وعلى مختلف المستويات, سواء ما كان منها على الصعيد الاقتصادي او كذلك بسبب من حجم الضحايا والخسائر البشرية التي الحقت بصفوف قواتها العسكرية, ناهيك عن ضخامة الاستحقاقات التي بدأت الادارة الامريكية بدفع فواتيرها على المستوى السياسي وما نجم عنها من تداعيات على الصعيد الاستراتيجي, والتي من المتوقع ان تلازمها لسنوات طويلة قد تؤدي بالنتيجة الى اقل ما يقال عنها الى حدوث اهتزاز في مكانة وسمعة الولايات المتحدة الامريكية, ولتحل بدلا عنها دولا او كتل أخرى, اخذت ملامحها بالتشكل ولتنعكس بوضوح على الساحة الدولية, وصناع السياسة الامريكية يدركون ذلك جيدا.
لذا فالامر ليس كما يحلو للبعض تصويره وكأنه حالة انقسام متكافئة اومتساوية بين العراقيين في الموقف, بل العكس تماما هو الصحيح فهناك شبه اجماع على ضرورة طرد الاحتلال وادواته التي جيء بها. وحين استقبل وودع الرئيس الامريكي بتلك الطريقة المهينة, لم تأت بمعزل عن الجو العام السائد في العراق وحالة الاحتقان والتوتر اللذان يسودان شارعه, وما قام به منتظر الزيدي, يمثل تتويجا لتلك الحالة, وموقفا ثابتا وتعبيرا صارخا لما يجول في خاطر كل العراقيين الرافضين لسياسة الذل والاستهتار الذي تنتهجه قوات الاحتلال والشركات الامنيه العاملة تحت حمايتها. فليس الشارع العراقي وحده كان بانتظار من يوقد الشمعة لحرق السهل كله وانما كل الشعوب المحبة والتواقة للحرية في كل أرجاء المعمورة.
والمثير للاستغراب ان يذهب البعض الى تفسير ما جرى للرئيس الامريكي بأنه يمثل تجاوزا صارخا على الاعراف والقيم والاخلاق التي يتصف بها الشعب العراقي. بل وصل بهم التأسف والتباكي الى حد التبرؤ مما جرى وعدوه عدوانا سافرا على زعيم اكبر دولة في العالم ( الحر), كان لها الفضل حسب رأيهم في تحقيق الديمقراطية وفي ان تكون تلك التجربة نبراسا سيضىء للاخرين طريق الحرية الحمراء.
لا اعتقد ان شخصين او دولتين سيختلفان على درجة الكرم العراقي وحسن الضيافة والاستقبال, وقد مرت واستقرت عبر تأريخه القديم والجديد مختلف الملل والنحل, وما لم يكن العراق بلد وفرة ويد ممدودة بالخير والبركة لما تنازعت حوله وعليه مطامع الطامعين وآخرها العدوان الامريكي السافر وجارة الغدر الشرقية. ولا اعتقد ان من شروط الضيف ان يأتي متلبسا او متنكرا, ولا ان يأتي بجحافله وعدته وعتاده, ولا ان يلقي بجام غضبه وحممه على رأس شعب آمن, حلم بالخلاص من الحصار والديكتاتورية والحروب التي عانى منها ورافقته لعقود عديدة, الا ان المهمة كما هو واضح وجلي قد تعقدت والحل لا يتم الا بطرد الاحتلال.
والتشدق بالديمقراطية الموعودة, لا اظنها تتحقق بقوة السلاح والحرب الشاملة على كل ما هو حي يرزق, ولا بدعم فئة ضالة ارتضت لنفسها الخنوع والخضوع لعدو مجرب, فالعراقيون ليسوا بجاحدين كي ينكروا ويتنكروا لنعمة الحرية ان بانت حقا , فما جرى حتى الآن, ليس سوى حماية شلة من المرتهنين بالمشروع الامريكي, ومصيرهم مرتبط بديمومة الاحتلال واستمراريته, لذا فالدفاع عن الرئيس بوش وما تعرض له لا يدخل الا في باب التشبث ببقاء الاحتلال ليس الا, والا بماذا نفسر اصرارهم على معاقبة الصحفي منتظر باساليب حكم شرقية في الوقت الذي يتطلعون الى استنساخ الديمقراطية الغربية والتي من ابسط اشكالها حق الاحتجاج والاعترض على زيارة شخص غير مرغوب ولامرحب به في بلد يئن من ضيم احتلاله, ولا ادري لماذا يغض مطبلي الديمقراطية الجديدة الطرف عن حالات مماثلة ومشابهة من الرفض, جرت وتجري باستمرار في بلدان أخرى؟ الم يأتيكم من قبل حديث البيض الفاسد والطماطم واساليب الحط من قيمة وسمعة المنبوذين من القادة والمسؤولين الكبار في العالم؟. لابأس, فان خانتكم الذاكرة, اسألوا اهل السياسة واولهم توني بلير, رئيس وزراء بريطانيا السابق. الا يحق لنا الدفاع عن كرامتنا بوجه من داس على كرامتنا؟.
لقد هز الصحفي العراقي العالم من اذنيه, شاء من شاء وابى من ابى.
اطلقوا سراح الديمقراطية ان كنتم صادقين.

حاتم جعفر- السويد

























التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - البراءة
عبد الخالق البهرزي ( 2008 / 12 / 24 - 22:51 )
عزبزي حاتم ان من يقف ضد ماقام به البطل منتظر وينعت ماقام به بالهمجية هم من راهنوا على دبابات المحتل وجنوده ومن دربوهم في هنغاريا وغيرها واعادوا تهيئتهم فكريا ليكونوا اذرعا للمحتل وهم في دواخلهم يحملون كل صفات المهزومين امام انفسهم والقضية التي تاجروا بهاوقبضوا عليها حتى قدوم المحتل وتحويل ولائهم من الشرق الى الغرب وكشفوا عن عوراتهم الفكرية ...شكرا للمحتل الذي كشف لنا من اختبئوا وراء الوطنيةفي هجومهم على الملحمة التي جسدها البطل ابن العراق منتظر الزيدي.... سيشتمون ماقام به لانه ارعبهم واسقط عنهم ورقة التوت.
شكرا لك يازيد على ماقدمته للعراق سواء كصحفي او رامي حذاء
بوجه راس الاحتلال
شكرا لك عزيزي حاتم على ماتكتب خدمة لوطننا الغالي وشعبنا المقاوم الان بالصمت


2 - بلا تصلب وتشنج
محمد خليل عبد اللطيف ( 2008 / 12 / 25 - 02:09 )
السيد حاتم جعفر المحترم

ارجو ان يتسع صدرك لما ساكتب اسميت مقالك الحقيقة المرة وكانك تصادر راي غيرك مهما كانت درجة صوابه..ثم تستهل مقالك لتوحي للقارئ بان المواطن الامريكي قد صوت لصالح اوباما رفضا للاحتلال وتتناسى ان هذا المواطن نفسه قد صوت حسب تحليلك لصالح الاحتلال بالتمديد لجورج بوش في نهاية 2004 اي بعد اكثر من عام ونصف على الاحتلال...لااعلم اين تقيم ياسيدي ولكن المقيم في الغرب يعلم ان الشعب الامريكي لاتحتل السياسة الخارجية راس اهتماماته وانما يسبقها الضريبة والسكن والتعليم والصحة ناهيك عن الازمة المالية التي كانت الشغل الشاغل للناخب الاميركي وهذا ديدن الشعوب...ثم تحدثنا عن دول او كتل لتحل محل الولايات المتحدة ونسيت ان تذكرها لنا هل هي الهند مثلا او الصين وكلاهما يمران بازمة اقتصادية مشابهة؟..ثم تعرج على ذكر شبه الاجماع على طرد المحتل وانا بالتاكيد اوافقك الا ان الاجماع غير متوفر حول الوسيلة لطرد المحتل...وفي الجزء ما قبل الاخير يتضح من مقالك النزعة العروبية القومية التي تدعو بها ـ ستتهمني بالعمالة لجارة الغدرالشرقية ـ وانا لاانكر جرائمها في العراق الا انك تتجاهل جيران الغدر العروبيين الذين اتى الاحتلال عن طريقهم واول المهللين والمطبلين لحذاء الزيدي وفي مقدمتهم قناة القاهرية

اخر الافلام

.. -أنا لست إنترنت.. لن أستطيع الإجابة عن كل أسئلتكم-.. #بوتين


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضغطه العسكري على جباليا في شمال القطاع




.. البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية


.. غانتس: من يعرقل مفاوضات التهدئة هو السنوار| #عاجل




.. مصر تنفي التراجع عن دعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام مح