الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألأوطان

حافظ خليل الهيتي

2008 / 12 / 25
الادب والفن


ليس لي في مهنة الصيد .. فهي بعيدة عني . أنا موظف بدائرة تعنى بالمعاقين , ألجأتني الحرب إلى هذه البحيرة كملاذ آمن..هكذا هي الحالة لصديقي أحمد .. ساقته معي نفس الظروف .. رفضنا الحرب جملة وتفصيلا .. لا نريد أن نكون من ضحاياها.. و لا نريد أن نكون من فرسانها.. آمنا أن الحرب هي العجز عن استخدام العقل والمنطق.. يلجأ لها من يريد أن يعتلي صهوة المجد , وهو لا يملك من أسبابه شيئا , فيسفك دماء الأبرياء .. عامان ونحن نجوب عباب هذه البحيرة.. عرفنا الكثير عن أسرارها .. كالصيد عند المحاق أفضل من الليالي المقمرة .. لكنها مهنة شاقة.. دائما في مواجهة وصراع مع الطبيعة .. شمس الصيف المحرق.. عواصف ترابية تضرب من جهة الغرب .. برد الشتاء الذي لا يطاق .. عند النوم يقض القلق مضاجعنا خشية مباغتة رجال الأمن الباحثين عن وقود لاستمرار أوار الحرب.. عند اليقظة تعسّـف البحيرة وعدم إنصافها حقا أن أمرها عجيب.. سرعان ما تستجيب لمن يلقي السموم في رحمها.. تغدق العطاء لمن يفجر أحشاءها بأصابع الديناميت.. تكون أكرم على من يصعقها بالتيار الكهربائي .. تبخل علينا نحن شركاؤها بالقهر اللائذين بها خوفا من بطش الطغاة.. نذود عنها بصد جور الجائرين .. نطعم أسماكها أعلافا .. نقر بأنها لنا وطن , لكننا لا نؤمن كالبعض بأن الأوطان لن تعيش إلا بقمع شعوبها .. لكن .. مابال هذي الأوطان تبخل على ذويها ؟ .. وهي لاترحم .
آه كم هي باردة الليلة هذه .. الرياح تئن .. على اقرب شاطئ وبين الأحراش ذئب يعوي ليمزق سكون الليل.. يلف كل ماحولنا الظلام لكن لابد من العمل لنؤمن لقمة العيش وليس لنا غير هذا الخيار .
لاشيء يحلو لي الآن إلا أن احلم.. حجرة دافئة.. فراش وثير بعد حمام ساخن .. لقد استعصت علينا كل الأماني .
مابال احمد .. لم ينبس ببنت شفة .. كأنه لوحده , لم يكلمن ِ .. ولم يستشرن ِ في شيء .. لم يعرن ِ أي اهتمام .. وكأني لست معه على هذا الزورق .. هكذا أنت يا أحمد.. مذ كنا في فصيل واحد أيام الخدمة العسكرية قبل أن نلجأ إلى هنا .. نفس الهدوء .. نفس المثابرة ..
آه كم اشتهي الآن أن اظم عليا إلى صدري ذاك المشاكس المحبوب بكر أختي الكبرى.. أمازحه لأسمع قهقهاته.. واطرب وهو يكركر .. لابد انه الآن أكثر فهما واصلب عودا .. لم أره منذ وقت طويل..
ــ لا.. لا ..لا ..
أفقت من ذكرياتي على صراخ احمد.. علقت شباكه وهو يحاول جرها بقوة .. تهاوى إلى البحيرة وغشيه الماء البارد وهو يصرخ.. : مابال الأشياء كلها باتت لاترحم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحروب العبثية
دكتور هاشم ( 2008 / 12 / 25 - 18:50 )
لقد عانى شعبنا من حروب عبثية احرقت الاخضر واليابس وادت الى انهيار اقتصادنا وثرواتنا وقيمنا الاجتماعية كلها من اجل مجد شخصى زائف وادت الى معاناة نفسية ومادية رهيبة للشباب العراقى وادت بنا الى كوارث لاتوصف اطلاقا القصة تحاكى معاناة ذلك الزمن الاغبر لطغاة كان مصيرهم مزبلة التاريخ انها قصة مؤلمة يحلم فيها البطل الى غرفة دافئة وفراش وثير بعد حمام دافىء واشتياقه الى الى ابن اخته فليسمع العرب الانذال احلام شاب عراقى تحت النظام العروبى البطل فى وطن الذهب الاسود احلام انسانية بسيطة ومحدودة جدا حتى هذه لن تتحقق فى زمن الطغاة ادعياء الحرية قصة صادقة جدا وواقعية وبأسلوب جذاب

اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??