الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الفساد

فينوس فائق

2008 / 12 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يأتي في نص ميثاق الأمم المتحدة حول الفساد: أن الفساد لم يعد مسالة محلية و إنما ظاهرة تتخطى الحدود القومية و تؤثر على جميع المجتمعات، و الإقتصادات جاعلة التعاون الدولي لمنعها و السيطرة عليها أمراً لازماً.. في حين أن منظمة الشفافية الدولية تؤمن أن الفساد يوقع ملايين الناس في العالم في فخ الفقر.. في الوقت الذي يحدد فيه البنك الدولي الفساد كأكبر حاجز فردي يواجه التنمية الإقتصادية و الإجتماعية..
الفرق بين الحديث عن الفساد و الإصلاح تماما يشبه الفرق بين الحديث هدم جسر و بناء جسر، فربما بإمكان الجميع الإجابة على سؤال: كيف يمكن هدم جسر؟ في حين ليس بإمكان الجميع تخيل أو معرفة كيف يمكن بناء جسر، خصوصاً جسر متين..
مع ذلك لطالما لا يتجاوز الحديث سواء عن الفساد أو الإصلاح، كمفهومين متعارضين، إخترقا حياتنا بقوة، لا يتجاوز الحديث عنهما البديهيات، و الوقوع في فخ العموميات، فمن غير الممكن إذا حين نقترح تعريفاً للفساد أن ننسى أننا نتحدث عن مسألة باتت تنخر في أدق تفاصيل حياتنا اليومية، و أن الفساد بات مثل الجرثومة القاتلة التي تمتد شيئاً فشيئاً في الدورة الدموية، و نفشل في إيجاد العقار المقاوم له، أو ليست هناك النية الصادقة للقضاء عليها..
هنا يمكننا أن نستنتج أن الفساد هو الخطر المحدق بالبشرية في جميع المجالات، و أن مكافحتها لا يمكن أن نقول فيه أنه بات مستحيلاً نظراً لتفشي الظاهرة في عمق كافة المجالات الحيوية، و إنما يتوجب علينا أن نقول أن مكافحته و الحد منه أصبح ضرورياً بحجم ضرورة الهواء و الماء للإنسان لكي تستمر في الحياة.. فلو أخذنا بنظر الإعتبار النتائج التي تترتب على تفشي الفساد من فروقات كبيرة بين طبقات المجتمع و إختفاء الطبقة المتوسطة و إحداث فروق طبقية إقتصادية كبيرة، نتوصل إلى حقيقة أن الفساد هو الأساس أو السبب الأهم لبروز ظاهرات مجتمعية مثل الفقر و البطالة و الإرهاب و إرتفاع نسبة الجريمة و إستخدام العنف على جميع المستويات.
فلو كان الفساد إنتاج على مستوى أشخاص، يجب أن يكون الإصلاح إرادة على مستوى المجتمع ككل، فلو كان الفساد مرض ينهش جسد المجتمع يجب أن يكون الإصلاح ثورة لإعادة هيكلة نظام الحكم على أسس و بنى فكرية أخرى تتخذ من تنظيف البيئة التي تسبب الفساد في إفساده..
و من أجل أن نمنع إمكانية تحول الفساد إلى ثقافة، يجب أن نجاهد من أجل تحويل إرادة الإصلاح إلى إرادة جماهيرية و مطلب وطني شامل.. و من أجل أن يتحقق هذا يجب أن تكون هناك فسحة جيدة من حرية التعبير، لكي نعبر من خلالها عن إرادتنا للإصلاح، فلولا فسحة حرية التعبير لن نتمكن من أن نعلن عن حركة إصلاح حقيقية.
بشكل عام فكرة الإصلاح هي من الأفكار التي تشغل دعاة التقدم و التجديد ، و أغلب مشاريع الإصلاح تأتي من عندهم. لذلك ترى أن الإنسان الذي يفكر في نفسه من خلال غيره و من خلال البيئة المحيطة به، بإمكانه التفكير الصحيح في مفهوم كمفهوم الإصلاح.
فلو كان الإصلاح لغوياً يعني إصلاح شيء فاسد، فهو إجتماعياً و سياسياً يطلق على كل محاولة تحاول بطرق سلمية و منسجمة مع روح العصر أن تصلح النظامين الإجتماعي و السياسي، و حتى الديني أيضاً من أجل الوصول إلى إصلاح نظام الحكومة ككل، من دون الإطاحة به..
السياسة الكويتية، العدد 14341، 28-09-2008
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحسنت وأبدعت
جهاد علاونه ( 2008 / 12 / 25 - 19:43 )
أحسنت وأبدعت جدا وكلمات منتقاة وخصوصا التشبيهات مثل : بناء جسر وهدم جسر ..بالتوفيق .


2 - ينتهي الفساد عندما تحل الشيوعية
خليل نوري ( 2008 / 12 / 25 - 20:52 )
الفساد باقي مازال الملكية الفردية باقية


3 - ليس على الله بمستكثر ...ان يجمع الاكوان في واحد
ابراهيم البهرزي ( 2008 / 12 / 25 - 21:33 )
حتى الله يحق له ان يحتار في مسالة ابدية :
ايهما الاجمل ؟
الكاتب ام المكتوب ؟
كلاهما جميل ولكن يجب ان يكون احدهما اجمل ..وهذا
ما ساستخير الله به ...كما استخار محمود المشهداني ربه في الكعبة حول البقاء رئيسا للبرلمان او الاستقالة .ساستخير في الحلم :
ايهما اجمل :
المكتوب
ام كاتبه ؟
انا حائر حقا حد التحشيش


4 - اجابة
مانع محمد خورشيد ( 2008 / 12 / 26 - 08:03 )
الفساد له اسبابه ونسبته تختلف من دولة ال اخرى وفي العراق نعاني من ويلات الفسادونحتل المرتبة الثانية في العالم حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية


5 - حدثينى
الشاعر/ اسامة البردينى ( 2008 / 12 / 26 - 09:09 )
من فضل الله
حدثينى
ما بين الكردى
ودينى
الفرق قرأن جديد
ام رسول غير رسولى
من فضل الله
حدثينى
اشرحى .. ولا تتاخرى
اشرحى.. الديننا فاشرحيلى
انا.. احب الحوار
خاصة .. اذا كان فى دينى
كلمينى.. حدثينى.. عن الاكراد
واشرحيى
انا الشاعر/ اسامة البردينى
مسلم /مصرى/ حاصل على الحرية المطلقة
من البيت الابيض للولايات المتحدة
الرجاء الرد
على ا ارسلت اليكى حتى يتثنى لى معرفة من هم الاكراد


6 - أن لا ننسى أيضاً الأشكال -المشرعنة- من الفساد
صائب خليل ( 2008 / 12 / 26 - 10:47 )
مرحباً فينوس،
شكراً للمقالة الجميلة. اود الإشارة فقط إلى نقطة أو نقطتين في المفهومو،ولعلها تصب في المختصر الذي أشار اليه الأستاذ خليل نوري، ربما ببعض التعسف.
في الحقيقة ليس الفساد وحده مسؤول عن الفقر والجوع والآلام الإنسانية الأخرى، فالفساد حسبما نفهمه هو المخالفات السرية للقوانين والتي ينتج عنها (في هذا الجانب) سرقة أموال عامة من قبل شخص أو جهة أو جهات معينة والتي تزيد من الفوارق المادية وتزيد من طحن الفقراء.
لكن زيادة الفوارق المادية او الطبقية ليست مقتصرة على الأعمال التي تشمل مخالفة القانون والسرقة، فالقانون (الرأسمالي) يسمح بالكثير من النشاطات التي تؤسس لزيادة شديدة في الفوارق الطبقية دون أن تكون مخالفة للقانون، وبالتالي فهي ليست محسوبة على الفساد، لكنها تلعب دوراً أساسياً في إفساد الحياة الإنسانية بفوراق طبقية متزايدة.
لذلك فحديث البنك الدولي وأشباهه يمكن فهمه إلى حد ما على أنه دفاع عن النفس والقاء تبعة الدمار الكبير في العالم الإنساني، على الفساد وحده والإيحاء بأننا لو نفذنا القوانين ا لرأسمالية بشكل سليم فأننا لن نواجه هذه المتاعب. البنك الدولي نفسه يسهم بشكل واع من خلال ضغطه على الدول لتنفيذ قوانين رأسمالية حادة أساسها إهمال حاجات الإنسان الأفقر إلى الدعم، يسه


7 - التجربة السوفيتية وبقية المعسكر الإشتراكي السابق
خليل نوري ( 2008 / 12 / 26 - 14:44 )
الاستاذ صائب
هل ان التجربة السوفيتية وبقية المعسكر الإشتراكي السابق
الغت الملكية الفردية ؟
وهل عبرت مرحلة الاشتراكية وتبنت الشيوعية أر جو الدراسة وفهم ذلك وشكرا

اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز