الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في البحث عن بلاغة العرض المسرحي..حول مسرحية ( البرتقالة ) لعبد الحسين ماهود..

جبار وناس

2008 / 12 / 27
الادب والفن


كان المسرح وما يزال الحاضنة التي تلتقط كل المستجدات الواقعية وغير الواقعية بين أحضانها ، فكان لهذه الحاضنة أن تقدم صورا وأشكالا شتى راح المسرح يلعب دوره الحاسم في استخدام هذه الصور والأشكال ليحرك بها ما هو ثابت ومقدس واستطاع المسرح ان ينهض بمجموعة الاسئلة والاجابة عنها كي يرمي اطنانا من الأحجار برؤى جديدة ومتطورة من خلال طرحها الخاص في مناقشة المشاكل والافكار وعلاقة حجم هذه المشاكل والازمات والقضايا الكبيرة بما يؤطرها من زمان سواء أكان في الماضي او الحاضر .
ومن هنا صار لرجل المسرح أن يوظف ما لديه من ابداع يجسده مسرحا راقيا يحوي عناصر الإدهاش والرؤيا العالية والاحساس الجميل لتربية من حوله من متلقين وتهيئتهم في تصور احساسهم الحضاري والجمالي حتى لو تطلب الامر لتطوير وعيهم السياسي بما يدور حولهم .
وتكمن أهمية المسرح في التعامل مع كل ما هو سام ٍ او تافه وتبدو هذه الاهمية حاضرة في انتشال ما هو تافه او ساقط من محيطه وتأويله فنيا وجماليا ويسري هذا على ما يشكل أرثا اسطوريا تتناوله الذاكرة الجمعية للمجتمع. فلا شك للمسرح في أن يدخل كحاضن لكل ما سلف ذكره ليكون عتبة لعناوين مسرحية مهمة تحاول الولوج الى العمق الاجتماعي فنيا ابتغاء للنقد والسخرية من كل الظواهر الشاذة والمرضية والتي تظهر على سطح الواقع الاجتماعي ومن هذا المنطلق لنا أن نسأل هل حاول الفنان عبد الحسين ماهود كمؤلف ومخرج من خلال نصه ( البرتقالة ) أن يجعل اشتغاله المسرحي ذا فاعلية فنية تحتفظ لها بأرث من الحضور الجيد في ذاكرتنا كمتلقين لعرضه المسرحي والذي قدم على قاعة النشاط المدرسي في الناصرية ولمدة يومي 21 – 22 / 11/ 2008 ومن تقديم نقابة الفنانين فرع ذي قار ؟ لقد أريد لهذه المسرحية أن تكون ذات اطار كوميدي كما أعلن عن ذلك في دليل العرض وحاول الفنان عبد الحسين ماهود أن يبني نصه على أساس من المفارقة حينما اعتمد على موضوعة ( البرتقالة ) كعنوان ومدخل لتفاصيل العرض المسرحي المقترح من قبله ولقد كان المشهد الاستهلالي للعرض يثير الدهشة حينما استعار لنا تلك الاغنية الساذجة ( البرتقالة ) وكنا نتوقع ان تكون هذه السذاجة مفتاحا لعرض مدهش وهو يلتقط هذه السذاجة لكي يجعل منها اداة اسقاط على ما هو شاذ ، فالذي حصل ويحصل في مجتمعنا لا يكاد يقترب من الواقع بقدر اقترابه من الخيال وحسنا فعل المؤلف حينما أراد أن يتماهى مع الواقع بشكل غرائبي يقوم على المفارقة وبطبيعة الحال ان اشتغالا كهذا كان سيحقق عرضا مؤثرا يدعو الى المتابعة والدهشة ولكن الذي حصل ان البرتقالة بدأت برتقالة وانتهت كما هي، في حين كان على المخرج أن يجعل منها مفتاحا لأبواب متعددة تساهم في اثراء العرض المسرحي وتبعده عن تلك العروض التي تمثلت بأساليب مسرحية تجاوزها العصر وأصبحت مسكونة بخلايا الشيخوخة والقدم ولم تعد تلك الأساليب بقادرة على البحث عن سؤال الحداثة حسب توصيف الدكتور صلاح القصب ان نص المؤلف والذي جسده على الخشبة كما هو ليس فيه من العمق المؤثر في تناول الموضوعة التي أراد طرحها فقد راح النص يتناول القشور وبسطحية واضحة فموضوعة ازدواجية المسؤولين وتلونهم حسب أهوائهم وحاجاتهم وقضية الجوع لم تعد بجديدة علينا فما يحل ويحيط بنا لم يدع لنا المجال في التعامل الايجابي مع عرض كهذا ما لم يدخل هذا العرض في صميم المعترك الفني الرصين حيث تتعدد مراكز الارسال فيه وتتعمق بنيته الحوارية حينما ينتقل من فضاء النص الى فضاء العرض حيث يكتسب علامات مشهدية ( بصرية – سمعية – حركية ) جديدة تجعل من المتلقي في أية لحظة من لحظات العرض مستقبلا فاعلا .
لقد اعتمد المخرج على الملفوظ الحواري حتى بدا مهيمنا وأضحت الصورة المعبرة عن فحوى العرض أشد فقرا فمكان العرض بدا خاويا وليس فيه ما ينتمي الى ما جاء به نص المؤلف ، فقطع الخشب والتي طليت بألوان غير مؤثرة وجدت لتسد فراغا في خلفية المسرح ولم يكن لوجودها أية علاقة تذكر وكذلك المفردات الاخرى كالبرتقالة والتفاحة والموز اتسمت بحضور قاصر عن انتاج مفاهيم جديدة بعد ان عجز اشتغال الممثلين مع هذه المفردات في ايجاد المعنى المضاف لنص المؤلف يضاف الى ذلك عدم انسجام التداخل ما بين المشاهد المسرحية ، فمثلا مشهد الدخول الى حالة السكر والخروج منه الى مشهد آخر لم يكن مبررا وغير مقنع وكذلك المشهد الختامي لم يكن مقنعا هو الاخر ونفذ بطريقة مدرسية حيث يتم التصالح ما بين الزوج والزوجة ويمكن ان نظيف عدم التوافق الحاصل ما بين الزي الذي خرجت به الزوجة حيث يدل على أناقتها وترفها وعدم العوز في حين ان النص يؤكد على عوزها وحاجتها مع زوجها الى المال ولنا أن نجدد السؤال ثانية أين تكمن بلاغة هذا العرض وما هو عمل المخرج ازاء نص يعاني من الضعف والهوان كي يحاول انشاء نص عرض يساعد على إلغاء حالة العسر التي ولدها عندنا هذا العرض ، والجواب لا نكاد نرى جهدا واضحا فيما يتعلق بانشاء بنية العرض من حيث الديكور والموسيقى والاضاءة لماذا هذا الزهد ؟ مع علمنا أن ليس لهذا الزهد من مبرر فأين خبرة السنوات الطويلة التي قضاها فناننا العزيز وهو يتنقل ما بين المسرح وما يجاوره من شعر وقصة وسيناريو افلام تسجيلية ونصوص مسرحية كثيرة وغيرها كما نص على ذلك في دليل العرض ؟ والامر الاخر ان كانت الاسباب التي تقف وراء هذا الزهد متعلقة بأمور التمويل والمساعدة في تقديم عرض يليق بهذا الفنان وان هذه الامور غير متوفرة في الوقت الحاضر فما الضير في التأني والتأجيل كيما يقدم عرضا يساعد على اعطاء فنانا العزيز مكانته الحقيقية ؟ تبدو منظومة الاداء التمثيلي العلامة التي يمكن الارتكاز عليها فيما يتعلق بما هو طيب في هذا العرض فلقد حاول الممثلون ( محمد المبدر – حمد طاهر – علي خضير – والشابة سالي ) في أن يتعاملوا مع ما هو مناط بهم بكل جدية، وشكل الفنان علي خضير حضورا أدائيا مميزا ساهم في ازالة نسبة الشحوب التي غلفت هذا العرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انهيار ريم أحمد بالدموع في عزاء والدتها بحضور عدد من الفنان


.. فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي




.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض