الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة شابين

باسنت موسى

2008 / 12 / 27
حقوق الاطفال والشبيبة


مأسي الحياة عندما تظهر قسوة تأثيرها في عيون الشباب يتحول بفعلها ربيع عمرهم إلى خريف تسوده البرودة والجفاف والتصحر في كل شيء فلا يضيفوا للحياة من حيوية شبابهم أي شيء فيخسرون هم أولاً وتخسر كذلك المجتمعات التي يحيون بها إذ تظل متجمدة في أفضل النتائج أو قد تتأخر للوراء سنوات وسنوات.

مجتمعنا يحوى الكثير من الشباب عمراً الكهول حالاً ونفساً لا لعيب فيهم وإنما لسوء حظهم الذي أوجدهم في مجتمع غارق في الأزمات ومن ثم لا يعترف بأي حقوق لمواطنيه وإنما يقتلهم سريعاً ويقصيهم بعيداً ليستمتع العائمين في فساده المغرق بمزيد من الراحة وهم فاسدين، منذ أيام تقابلت مع شابين يجسدا بمأساتهم الحياتية حجم فساد مجتمعنا.
الأول شاب في الرابعة والعشرين تخرج من كلية التربية ليصبح معلماً ومربياً للأجيال ولإيمانه بأن المعلم صاحب رسالة مقدسة أخذ يبحث عن عمل في الحقل التعليمي فإذا به يجد أن أمثاله من الشباب يريد لهم مجتمعهم وقادته واضعي الخطط والمعايير أن يعملوا كالمتطوعين بحيث يتقاضى راتب لا يتعدى المائتين جنيه وعليه بهذا المرتب أن يتزوج ويطور مهاراته وقدراته كمعلم إضافة لأن يعتمد على ذاته في مصروفاته الشخصية!!
درب من الخيال أن يحقق هذا المسكين أي شيء من خلال راتبه هذا لذلك هو يائس من الحياة لأن الحياة جمدته كما يقول ولم تمنح له فرصه واحدة للنجاة من طوق اليأس الخانق الذي يعيشه وحقيقة ورغم أنني دائماً أرى أن الإنسان يمكنه دائماً بإرادته أن ينجح إلا أنني أرى أن هذا الشاب مجمد لأسباب أعلى من أن تغيرها إرادة صلبة له أو طموح مرسوم بدقة.
فهو تعلم... لكن داخل نظام لا يخرج إلا بواقي أدمغة لا تصلح لعالم اليوم، لقد خدع أهله بتعليمه وربما كان من الأنسب لإبنهم أن يمتهن أي حرفة خير له من الكتاب والمدرسة والتعليم لسنوات طوال من أجل مائتين جنيه في نهاية المطاف.

لو رغب هذا المسكين الآن في الحصول على وظيفة تتناسب ولو نسبياً مع سنوات تعليمه الطوال لأصبح لزاماً عليه أن يبدأ تعليم من أول وجديد بمصروفات جديدة ليعيد بناءه كعقل وإنسان خاصة وأنه إن لم يمتلك المال لتحقيق ذلك سيظل هكذا مجمد على هامش الحياة.

الشاب الثاني أو صاحب المأساة الثانية لم يتخطى أيضاً الرابعة والعشرين نال تعليم متوسط ثم بدأ رحلة العمل ونجح في أن يتحقق مادياً ونفسياً بفضل ما يتكسبه من عمله الحر، لكن ولأن الفوضى تغمر شوارعنا وعقولنا وكل مفردات حياتنا تعرض لحادث مروع نتيجة خطأ سائق جعله يفقد القدرة على السير بطريقة طبيعية إضافة لفقدانه الثقة بالنفس وبكل شيء وتحولت حياته من اللون المتفائل للون أخر أسود مخيف بل مرعب، يواسيه من حوله ويقولون له أن الحوادث قدر والتجارب القاسية من السماء, هم بذلك تناسوا أن الحوادث إهمال وفوضى ورخص سيارات تخرج من المرور بحفنة أموال لتهدر حياة أفراد وتدمر حياة البعض الأخر تحت دعاوى القدر والمكتوب وما شابه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثقافة التواكل
جحا القبطي ( 2008 / 12 / 26 - 20:56 )
أستاذة بسنت تعرفي وأكثر منا نحن المغتربين أن ثقافتنا العربية ثقافة التواكل ففي بلاد الغرب التأمين ضد الحوادث _علي الأقل _يعوض من تعرض إلي حادث أما عن التعليم فغالبية دول الغرب تطبق منظومة الدورات التدريبية والتعليمية السريعة لمعظم المهن والحرف إما مجانا أو بمبالغ رمزية ومن خلالها تساعد أي إنسان لديه الرغبة في العمل _ودون النظر إلي مؤهل_ فأين نحن بمنظومتنا التواكلية من تلك الأنظمة


2 - الحكومات هي الداء والدواء
غازي الجبوري ( 2008 / 12 / 27 - 07:19 )
اولا اود الاشادة بموقع الحوار المتمدن لانه لم يكن ينقص موقعه سوى مكان التعليقات وثانيا لاتغيير يذكر في حياة الشعوب مالم تتمكن من استبدال السلطات المقصرة.تحياتي للكاتبة والباحثة المتالقة باسنت

اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا