الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درس نهى رشدى

ناهد نصر

2008 / 12 / 27
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف


لا أفهم رغبة البعض الدائمة فى تشويه ما يصل إليه الآخرون بالإصرار والعرق والدموع وماء الوجه أحياناً. وبالتالى، لا أفهم هدف محامى الفرقعات الإعلامية، ومعه محامية تمتهن التنقل بين الجناة والمجنى عليهم والعكس، من الظهور كل حين فى وسائل الإعلام للحديث عن إيمانهما العميق ببراءة المحكوم عليه بتهمة التحرش بنهى رشدى، ومحاولاتهما المدهشة لإدانة الفتاة. ولا استغرب ما يفعلانه وغيرهما رداً على الصدمة التى أحدثتها نهى بكسبها للقضية، فأياً كانت نتيجة ما ستسفر عنه جهودهما، فإنها لن تغير شيئاً من أهمية ما أنجزته نهى رشدى.

فأهمية الحكم الذى نالته نهى لم تكن فقط فى نجاحها وبشجاعة نادرة فى معركتها ضد امتهان كرامتها فى الطريق العام. بل لأن الطريقة التى أدارت بها نهى القضية كان بمثابة النموذج لملايين الفتيات اللاتى لا ترين طريقة لمواجهة التحرش الإجبارى سوى الصمت، بينما واجهته نهى بجرأة. واللاتى لا ترين فائدة من اللجوء لمركز الشرطة، بينما إصرار نهى أثبت أن رجل الأمن يمكن أن يكون حليفاً هاماً فى الطريق نحو إنفاذ القانون. واللاتى لا ترين فى اللجوء للقانون سوى "حباله الطويلة"، بينما تمسك نهى بحقها القانونى أثبت أن حكماً قضائياً عادلاً قادر على أن يرفع الرأس. واللاتى لا ترين فى الإعلام سوى أداة للتشهير بالأعراض، بينما وقوفه مع نهى أثبت أن الإعلام الجاد والمحترم هو صوت الضحية إلى المجتمع وإلى صناع القرار مهما كانت كلفة ذلك. واللاتى لا ترين فى المجتمع سوى آلة صماء محكومة بثقافة القطيع، فيما أثبت من وقفوا إلى جوار نهى أنه فى قلب هذا المجتمع أيضاًً هناك أنصار وحلفاء على استعداد للدفاع عن الحقوق حتى النهاية. واللاتى لا تثقن بقوتهن، وقدرتهن على قول كلمتهن بجرأة ووضوح خوفاً من العار، بينما أثبتت نهى أن العار الحقيقى هو أن تخسر نفسك.

ربما لم تقصد نهى رشدى أن تعلمنا شيئاً، وربما تصرفت وفقاً لفداحة إحساسها بالمهانة، ولرغبتها القوية فى التحرر من الشعور بالظلم، ولإحساسها بأنها لن تستطيع نيل احترام المجتمع الذى تعيش فيه، إذا لم تشعر بالاحترام تجاه ذاتها أولاً. لكن هذه الدوافع التى تبدو شخصية، هى بالتحديد ما حول قضية نهى رشدى إلى درس.

لا أعرف ما الذى يكون عليه إحساس نهى رشدى تجاه المتعاطفين مع ذلك الشخص الذى عانت بسببه لأيام طويلة. لكن كل ما أعرفه وأتمناه أن تثق نهى رشدى فى أن ما فعلته كان هو الطريق الوحيد الصحيح، وأن يثق كل من تابعوا قضيتها وناصروها أن حاجز الصمت الذى كسرته نهى لا ينبغى أن يلتئم مرة أخرى، أياً كان ثمن ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل..؟
المعلم الثاني ( 2008 / 12 / 27 - 11:16 )
هل لو كانت نهى أصولية محجبة أو منقبة كانت ستتهم؟ لا أظن ذلك لأن الظلاميين أنفسهم هم محركي التعديات الجماعية والفردية لخدمة أهدافهم ليعودوا و يطالبوا بزيادة الجرعات الدينية.. ننتظر يوم نشر البروتوكولات السرية للجماعات التخريبية

اخر الافلام

.. المشاركة تيجان شلهوب


.. المشاركة أمل المدور




.. المشاركة في الاحتجاج نجمة حطوم


.. المشاركة تفريد الباسط




.. -بالزهور وسنابل القمح مستمرون في حراكنا السلمي-