الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غبش إستيقظ تواً !

محمد حسين الداغستاني
صحفي وشاعر وناقد

2008 / 12 / 27
الادب والفن


( وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ
يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (يوسف:25)

أرمق نفسي من ثقب الباب , وأفكر مليا ً في أمرها , وأنوء بفائض ودٍ لا ينضب , وأتسائل كيف لها قدرة
الفـرادة في الإختيار والفعـل , وأعجب لها , لكنني أبرر نقاءها المفقود وإصرارها ا لذى لا يلين في تداركـها العسير
لتوقها المعلن في لحظات الانتشاء والغيبوبة السـاحرة , وهو يتشـظى بدفـق لهيـب تلك الفتنة الوهاجة التي يسمونها الحب ! فأشفق عليها وهي تتسامق أمام عـيني , آه .. كم أنتِ قويـة وند ية تموجين في ثنايا الفـؤاد كشال ِ عروس ٍ بهيجة فوق متون السحاب !!

ولسببٍ ما استذكر فتوحات المصابين بداء القحط والغيرة والخواء , وأتوسم في الآخرين بعض الوفاء والتضحية
, وأدري كم انت تكتملين بالعرفان في أوقات الإمتحان العصيب , وتعلمين كيـف أتدافع نحـو المواجهـة لأحمي قدسية
مشاويرنا غير المعلنة !

حبيبتي .. سيدة الأقمار المنيرة , هي الذاكرة تتناسل مع بيئتها , فأشفق على الفتى حين راودته إمرأة العزيـز
عن نفسه , فإذا بسيدهما أمامهما فركنت للبراءة وإتهمته بالأمر الجلل وأدعت وهي المتيمة بـه بما ليس فيه , لتنقذ
نفسها, آه هل الحب يعني خلاص الذات بأي ثمن على حساب المحبوب أم أنه إفتراض يوجب إفتداء الحبيب بأغـلى ما يمكن ومجابهة المحنة بشجاعة الفرسان ؟ إلاّ إذا كان ذلك شيء آخر غير الحب ، عندئذ نكتشف بأن نداء الجسد أقوى من نداء الروح !

إني أعرف بأنك تفهمين عمق هذه المعاناة ، أعرف ضنـك الجسـد المحترق ، وأدرى كم كنا كبـا را ًعندمـا إبتلينـا بإختيار يفوق الإحتمال حين كانت اللحظة الآسـرة تنثر الملح على جرح ٍ وقاد ! ومثلما العزم الملسوع , كانت قطرات العرق الناضح من خلايا جسدينا تفشي فينا التـوق اللاهب الذى كنا نروضه بعنـاقٍ رطـبٍ ، ولمسة حانيـة ، وشــهقة جامحة تحول دوننا والطيش المستحيل !!

ومثلما الروافد هي أصل الأشياء , فإن تلك اللحظة البكر التي فجرت طوفان الملح المنثور في جرحنا المكابر لم
تكن سـوى أول المشوار , وشرع الوهم ينتشي في عروقنا , وبتنا في سهد مستديم نقارع الأفكار الضالة ونغرق في
نشوة احلام اليقظة , ونرسم عوالم جديدة تنبض بالود الساحر والذكريات المنسية .

وحالما تتفرق بنا السبل ، أعانـق وحـدي تباريح الوجد , وأطوي خطاي , وأجنح الى غربة الروح , وأتكوم في
زاويتي حيث الباب , وحيث يملأ الدغل من ورائه روحي , فأبتلي بحزن المسافات والهمس الخافق عبر نوافذ الهجـر , وأشفق على نفسي من وجدي , وأحصي أنفاسي بإنتظار الآتي !

سيدتي إنها الحكاية القديمة ذاتها .. انتظر عودتك دون ملل , وأحس وهجا ً ينبثق من نقمتي على الليل الطويل ، وأدرك معنى اللوعة ، وأطمح لو ثانية ً أضمك ِ الى ضلوعي ، فالغبش إسـتيقظ مبكراً وطـار الطيـر مـن أوكـاره ، وإنبجس الصباح الندي وأشرقت الشمس .. وحضرت الدنيا كلها .. لكنك وحدك لمْ تأتين !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر