الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانـون -ادارة الدولة العـراقية- تقيـيـد اسلامي وقـومي للمجتمع العراقي

مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)

2004 / 3 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعد فترة طويلة من الاخذ والرد صدر اخيراً نص " قانون ادارة دولة العراق للمرحلة الانتقالية" ولكن دون الاقرار النهائي عليه، حيث ان الاسلاميين في مجلس الحكم لم يرضوا في آخر لحظة بالقانون لكونه لايستجيب تماما لما يريدونه على صعيد مسألة الرئاسة والترتيبات المتعلقة بالقوميين الكرد.ان نظرة سريعة على القانون توضح بما يكفي بانه تم الحاق الدين الرسمي بالدولة، والذي هو الدين الاسلامي، والزام الدولة بان يكون الاسلام احد مصادرها الاساسية في التشريع، وبذلك، ومن خلال هذا القانون تتحول الدولة الى اداة عملاقة بيد الاسلاميين لقمع الحرية وحرية النقد والنضال ضد الرجعية والخرافات. انه قانون لتشريع الهجمة على العلمانية في المجتمع والحركة الاشتراكية والتحررية للطبقة العاملة فيه، ورسم ملامح مأساة قادمة لنساء العراق وفرض الخنوع عليها. انه هجوم على الطبقة العاملة وعلى محبي الحرية، والمساواة، والنساء في المجتمع، وايقاعها ضحية الصفقات السياسية بين الاحزاب الاسلامية والقومية من جهة وامريكا من جهة اخرى. ان هذا القانون وبشكله الحالي سيسلب امكانية انشاء نظام سياسي مدني وعلماني منفصل عن الدين الذي هو من مستلزمات تحقيق اية درجة من الحرية و المساواة في المجتمع، وسيسلب حق ايجاد اجواء تطور القدرات الخلاقة الفكرية والنقدية للانسان والتمتع المادي بالحياة المعاصرة. انه يهدف بطبيعة الحال الى منح الشرعية القانونية لانشاء نظام سياسي اسلامي و دكتاتورية اسلامية تلك التي ما تزال جماهير ايران تدفع ضريبتها. كما وان القانون يجسد "الهوية" القومية للجماهير وانقسامها على اساس قومي كي يسلب منها حق تعريفها على اساس هويتها الانسانية وحقوق المواطنة المتساوية وحقها في تنظيم حياتها الاجتماعية في اطار نظام سياسي مدني علماني وغير قومي.فتحقيق محاصصة حكم القوميين الاكراد وحزبيهما الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني، على حساب جماهير كردستان العراق، عن طريق الصاق الصفة القومية بالنظام السياسي في العراق وتشكيل حكومة اتحادية مبنية على اساس الامتياز القومي يبين مدى انفصال هذا القانون عن التطلعات المدنية لجماهير العراق وحقها في بناء نظامها السياسي بعيداً عن الامتيازات القومية والانقسام القومي. ان القانون لا يقف عند ذلك، بل يؤجج روح القومية لدى السكان العرب و يعترف رسميا بان يكونوا لهم هوية "قومية" عربية وامتداد قومي عربي واعتبارهم في القانون "جزءاً من الامة العربية". ان تلك الامثلة تبين كيف ان القانون والدستور العراقي لا يفصل نفسه ابداً عن تركة النظام البعثي الفاشي من خلال اقحام "الهوية" القومية والاسلامية بالمجتمع العراقي والدوس بالاقدام على جميع القيم الانسانية والمدنية لجماهير العراق والمجتمع العراقي. ان هذا القانون لا يقف عند ذلك ايضاً بال انه يعبر بشكل مفضوح عن معاداته ومناهضته الشديدة للمرأة بالرغم من الزيف الدارج والخدع المطروحة فيما يتعلق بقضية ازدياد نسبة تمثيل المرأة في البرلمان والنزول بقضية تحررها ومساواتها مع الرجل الى مجرد قضية النسب الشكلية في البرلمان. فلا تجد في اي مكان من القانون ذكر لتحقيق المساواة بين المرأة والرجل أوحرية المرأة. فحتى في البنود المتعلقة بالحقوق والحريات المدنية نرى ان القانون لا يوفر تلك الحريات والحقوق غير المشروطة او المقيدة. ليس هذا فحسب، بل انه بشكل ما يقطع الطريق على المجتمع لكي يتحرر من رعب الاستبداد والخوف، فلا يقول صراحة بمنع عقوبة الاعدام.لا يمكن الكلام عن الحرية والانسانية والقيم والتقاليد الطليعية للمجتمع العراقي دون انهاء سيادة التقاليد والاخلاقيات اللانسانية للاسلام السياسي والقومييين العرب والاكراد وغيرهما، من الحياة الحقوقية والسياسية للمجتمع العراقي. ان البعثيين بوصفهم قوميين عرب شوفينين قد ضربوا الحياة المدنية للمجتمع العراقي في الصميم واستطاعوا من ان يتحكموا بمصيرالجماهير ومستقبلها بالقمع من جهة، ومن جهة اخرى بالاستناد الى القيم والتقاليد البالية واللانسانية للحركة القومية العربية والاخلاقيات الرجعية الشائعة والخرافات سهلة الرواج داخل المجتمع. ما يحدث اليوم على ايدي القوى القومية والاسلامية في مجلس الحكم هو ان نفس تلك القوى التي تساهم في عملية تدمير واسعة النطاق لبنيان المجتمع العراقي من خلال اجندتهم القومية والاسلامية وممارساتهم الميليشياتية والقمعية تجسد تلك الاجندة وتلك الممارسات والصراعات فيما بينها في قانون ودستور المجتمع. ان قانون "ادارة دولة العراق" هو قانون "تنظيم صراعات ومحاصصة تلك القوى في الحكم".ان القانون الجديد للادارة يجسد التقسيم الطائفي والديني والقومي للمجتمع العراقي ولا يمثل أي تقدم على مسارالتقدم الاجتماعي ومسار انعتاق المجتمع العراقي من مآسي التقسيم الطائفي والقومي والديني ومخاطر الحرب القومية والدينية التي نرى تصاعد ابعادها باشكال مأساوية كل يوم. فاذا كان هنالك بلد بأمس الحاجة الى قانون تحرري ومساواتي كي يلعب دوراً في درء خطر وقوع كارثة انسانية كبيرة في المجتمع هو عراق اليوم. واذا كانت هناك ضرورة قصوى لبناء قانون ودستورمدني وانساني يساعد على تامين الامن والحرية للجماهير ويساعد على سد الطريق امام انزلاق المجتمع نحو الانهيار الكامل فهو عراق اليوم. ان العراق على حافة حرب قومية وطائفية ودينية واسعة النطاق، وقانون ادارة العراق يجسد تلك الحالة ولا يشكل مانعاً بوجه هذه الخطورة و هذا الانهيار للمجتمع المدني. فمن خلال هذا الدستور يمكن ذبح النساء وتهميشهن واظهادهن، ومن خلال هذا الدستور سيبقى التقسيم القومي والهوية القومية اساساً لتنظيم العلاقة المتوترة بين القوميين و الاسلاميين من مختلف الاصناف. لا يمكن ادامة بنيان المجتمع المدني والجماهير تقف صامتة امام فرض هذا القانون وهذا الدستور الرجعي المناهض لتطلعاتهم الانسانية والمساواتية والتحررية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل : لا مجال لبقاء حماس في السلطة بعد الحرب في غزة


.. أمير الكويت يعين الشيخ صباح خالد ولياً للعهد.. والأخير يؤدي




.. شكري يؤكد رفض مصر الوجود الإسرائيلي في معبر رفح| #الظهيرة


.. نجل بايدن يفسد فرحته.. فهل يفوّت بايدن فرصة إزاحة ترامب من س




.. غروسي: تفتيش منشآت نووية لدولة ما يخضع لأطر قانونية وفق التز