الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مباحث مكافحة الفتاوي

خالد الكيلاني

2008 / 12 / 29
كتابات ساخرة


الحمد لله.. لدينا في مصر مصلحة الأمن العام وحوالي ألف قسم ونقطة شرطة، وأيضاً عدد كبير من أجهزة الشرطة الأخري التي تغطي كل مناحي الحياة علي الأرض. فلدينا شرطة للمرور وللسياحة ولمجلسي الشعب والشوري وللمرافق وللبيئة وللجوازات ، وللأحوال المدنية وللنقل والمواصلات وللسجون وللحراسات الخاصة، ولتنفيذ الأحكام ولأمن المحاكم وللترحيلات وللمسطحات المائية وللجامعة.. إلخ، ويتمتع المواطن المصري بعدد كبير من أجهزة المباحث، فتوجد مباحث لكل شرطة، وأيضاً أجهزة مباحث بدون شرطة، فلدينا بفضل الله وحمده مباحث الوزارة والمديرية والقسم والنقطة والمخدرات وأمن الدولة والجوازات والجمارك والسياحة، والتهرب الضريبي والترحيلات والسجون والسكة الحديد والأموال العامة، والمرور والمعلومات والمساكن والسيارات والنفس والمال والجامعة، وأيضاً مباحث الأحزاب وأحزاب المباحث، ومباحث داخل المباحث ومباحث علي المباحث، ولا توجد جريمة عرفتها البشرية إلا ولها في مصر جهاز مباحث أو جهاز مكافحة. وأحد المعتوهين قال منذ سنوات إنه عرض علي رئيس الدولة إنشاء مباحث للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ونتيجة للرخاء الذي بشر به المرحوم أنور السادات منذ ثلاثة عقود يوجد في مصر مخبر لكل مواطن، وعشرة عساكر أمن مركزي يقفون في خدمة كل من يقف علي سلم نقابة الصحفيين، حتي أن بعض الباحثين قالوا إن المصريين في الأيام الأخيرة أصبحوا يفضلون وجود الجريمة علي وجود المباحث، بسبب بعض الظواهر المرتبطة بوجود الأخيرة.
ولأننا في عالم متغير، تنشأ كل يوم جريمة جديدة لم تكن معروفة من قبل، ولأن لدينا في مصر برلمانيين نابهين- في الحقيقة كل السادة أعضاء مجلسي الشعب والشوري من النابهين -فقد اكتشف بعضهم انتشار ظاهرة الفتاوي في الصحف والفضائيات، مما خلق نوعاً من الفوضي والبلبلة، فقاموا بإدراج قانون في مجلس الشعب يضيف نصاً لقانون العقوبات يعاقب من يفتي بدون ترخيص بالحبس لمدة تصل إلي ثلاث سنوات.
وهذا القانون في حالة إقراره- غالباً سيتم إقراره، لأن الدكتور سرور قام "بإدراجه" في الدرج اليمين- سيتطلب إنشاء عدد من الإدارات التي تمنح التراخيص، وتفحص طالبي الترخيص وتقبل أوراقهم وتتحري عنهم وتراقب أداءهم، وسوف يصبح الإفتاء دون ترخيص جريمة، ومن المعروف في العالم كله أن الجريمة لا تفيد، سوي المحامي وأمين الشرطة، والمباحث لا تفيد، سوي "العجلاتي" الذي يقوم بإصلاح "المنفاخ" يومياً، لذلك سوف يكون من الضروري إنشاء إدارة شرطة، وجهاز مباحث يختص بتطبيق القانون الجديد ومكافحة الجرائم الناشئة عن مخالفته، وهي مسألة ليست هينة، فالمسألة تتعلق بجريمة تتم يومياً في أكثر من ألفي قناة فضائية وإذاعية تبث باللغة العربية، ومئات الصحف والمجلات، ومئات آلاف مواقع الإنترنت، تحتاج إلي أجهزة رصد واستماع وقراءة وتحليل ومئات من المتخصصين طوال 24 ساعة. وأنا أقترح من الآن علي الحكومة أن تبادر قبل صدور القانون- ولأن خير البر عاجله- بإنشاء إدارة عموم مباحث مكافحة الفتاوي وتخصيص الموازنة اللازمة لها لتجهيز المقرات وتأثيث المكاتب وشراء السيارات والأجهزة، والمصاريف السرية اللازمة للاستعانة بمرشدين جدد متخصصين فتاوي داخل الفضائيات والصحف، وسوف ينجح هذا الجهاز في الحد من فوضي الفتاوي كما نجحت مباحث المرور في إنهاء فوضي الشوارع، وسوف يزداد ضحايا الفتاوي في كل مكان بعد القانون الجديد، كما ازداد ضحايا حوادث الطرق بعد صدور قانون المرور الجديد، وسوف يزداد العالم كله ضحكاً علينا أكثر من ذي قبل لأننا بدلاً من أن نهيئ المجتمع والناس لتجاهل تلك الفتاوي وأصحابها والانصراف إلي صحيح الدين أو إلي عمل مفيد، نكرس تلك الخزعبلات ونقننها بتصاريح تصرفها الحكومة للمشايخ الموالين وتمنعها عن المشايخ المعارضين، ولكن كل هذا ليس مهماً فسوف يتبقي لدينا في النهاية جهاز مهم وخطير وكبير هو إدارة عموم مباحث مكافحة الفتاوي ليصبح مثل إدارة عموم الزير في رائعة الكاتب الكبير د.حسين مؤنس "إدارة عموم الزير".
دمك خفيف يا مضروب
الشيخ -بحكم السن- يوسف البدري، قال للزميل شاهر عياد، منذ أيام عقب الحكم علي الكاتب الكبير د. جابر عصفور بغرامة قدرها 50 ألف جنيه لصالحه، إن "في مصر 10 آلاف كاتب تضمهم نقابة الكتاب والمثقفين لم أرفع عليهم قضايا"(!). ولا نعرف أين توجد نقابة الكتاب والمثقفين التي يتحدث عنها البدري فهناك اتحاد الكتاب، وهناك عدد كبير من النقابات المهنية تضم مثقفين، وأضاف البدري أنه لم يقاض سوي ثلاثة كتاب فقط، مع أن كاتب هذه السطور ناله من البدري قضيتان مازالتا متداولتين في المحاكم، وقال البدري رداً علي الذين يتهمونه باستهداف المثقفين "إزاي أكون باستهدف المثقفين وأنا مثقف؟ أنا حاصل علي شهادة الثقافة العامة بينما معظم من يكتبون هذه الأيام لا يحملونها". الشيخ الظريف يقصد شهادة "الثقافة" التي كانت تسبق شهادة "البكالوريا" حتي خمسينيات القرن الماضي، والبكالوريا تعادل الثانوية العامة، أما الثقافة فتعادل الشهادة الإعدادية (!!)، فعلاً دمك خفيف يا مضروب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء خاص مع الفنان حسن الرداد عن الفن والحياة في كلمة أخيرة


.. كلمة أخيرة -درس من نور الشريف لـ حسن الرداد.. وحكاية أول لقا




.. كلمة أخيرة -فادي ابن حسن الرداد غير حياته، ومطلع عين إيمي سم


.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا




.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07