الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين فكيّ كماشة

شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)

2008 / 12 / 30
القضية الفلسطينية


أن تنتظر عوناً عربياً ليوقف المجازر في غزة فهذا يعني أن تنتظر المطر في ذروة يوليو , وأن تؤمن بأن مجلس الأمن قادر على وقف المذابح والانفجارات الفتاكة فهذا بحد ذاته الإيمان بالغول أو العنقاء .
لقد اعتاد الشعب الفلسطيني على مدار تاريخه النضالي أن يكون وحيدا في مواجهة الموت ولم تكن عزلته اختيارية يوما وإنما هي عزلة دافعها عدم الإيمان بأن هنالك مساندة أو دعم يعزز من صموده من الجيران العرب المكللين بالانهزامية اللا محدودة .
وها هو المشهد يتكرر مع إحداثيات الوقت والأنظمة والتخاذل ذاته من قبل عام النكسة وحتى العام الحالي الذي نودعه بتسديد فاتورة ضخمة من الدماء والضحايا , فاتورة لم نكن ملزمين بها واستحقاق يجب أن يدفعه المتخاذلون عن إسناد القضية وعن حفظ الأرض والعرض , وها نحن على مشارف عام جديد يحتفل به الصهاينة على طريقتهم ويلقون بكرة ضخمة متفجرة في ملعب السياسة الذي تسيطر عليه حركة حماس في غزة .
فرغم الحرب التي تشنها الطائرات الصهيونية ورغم الشهداء والضحايا والجرائم الإرهابية التي تقوم بها حكومة الاحتلال إلا أن مبرر إيقاف إطلاق الصواريخ ليس هو البتة غاية تلك الحكومة وإنما تلقي دولة الاحتلال وبتواطؤ عربي واضح الكرة في ملعب حماس وكأنها تقول : عليك يا حماس أن تدركي أن الاحتلال قادر على سحق غزة في أيام دون اللجوء لحرب برية يتكبد فيها خسائر كبيرة من جنوده , فإما الخنوع لاملاءات خاصة تكرس الانقسام فيما يخدم المصلحة الصهيونية , أي أن تبقى حماس على سلطتها في غزة بموافقة الاحتلال وشروطه أو أن تكون معرضة للتدمير هي وشعب غزة .
وبلا شك أن حركة حماس الآن بين فكيّ كماشة , فإن قبلت بتهدئة بعد هذا التدمير وهذه المجزرة فإن هذا سيجعلها مثارا للانتقادات الحادة وخسارة الكثير من المصداقية لدى كثير من الأطراف وأهمها الشعب داخل غزة والذي تعوّل حماس على نسبة كبيرة منه .
وإن قررت حماس التحدي والمقاومة بكافة الوسائل بدءاً من الصواريخ وصولا للعمليات الاستشهادية داخل العمق الصهيوني في الأراضي المحتلة عام 1948 , فهذا يعني أن حماس تغامر بكل ما حصلت عليه من امتيازات سياسية خاصة تعتبرها انجازا كبيرا للحركة.وقد تلجأ حكومة الاحتلال إلى استهداف كافة قيادات حماس السياسية والعسكرية ولن يردعها شيء عن قصف البيوت الآمنة أو ارتكاب المزيد من المجازر لا قرارات مجلس الأمن ولا غيرها حتى تحقق دمارا كاملا لهيكلية حركة حماس وبنيتها العسكرية والسياسية .
لذلك بالإمكان القول أن الموقف في غزة خطير جدا ومعقد وحركة حماس في مأزق , ومن الاحتمالات القائمة أن تتدخل أطراف كثيرة لإقناع حماس بأن تقبل بتهدئة جديدة من خلال وسطاء أوروبيين غالبا وستحاول حماس أن تقنع فصائل المقاومة بقبول التهدئة ليخرج موقف فلسطيني موحد من كل الفصائل بهذا الشأن مما يخفف الحرج السياسي الذي أجبرت عليه الحركة .
وغالبا لن تعاند الفصائل هذا القرار حقنا لدماء أبناء غزة , وكعادة هذا الشعب سيعضُّ على الرصاصة وجعا ويدفن شهداءه وضحاياه ويمضي مرة أخرى في صمود لا تُدْرَك له نهاية .
ولربما هذه الظروف تستوجب أن يبادر الرئيس عباس مرة أخرى ليمد يده لحوار مع حركة حماس وسعي نحو وحدة حقيقية بعيدا عن فكرة أن هنالك مهزوم ومنتصر لدى الطرفين , فالمنتصر في حالة الانقسام هو الاحتلال ومن الضروري أن تعود اللُحْمة بين أبناء الشعب الواحد , فلا يمكن أن نحقق نصرا وكل منا يتهم الآخر أو يخوّنه ولا يمكن أن ننجز استقلالا ونحن نلقي باللوم على الآخر .
كل هذه السلبيات هي التي أرجعت القضية الفلسطينية آلاف الخطوات للوراء وهي التي غرزت خنجرا مسموما في خاصرة الوطن .
ونتساءل : هل نحتاج لكل هذه الدماء والضحايا لندرك قيمة توحدنا ؟ وهل نحتاج لمئات الشهداء لنفهم أن عدونا لا يفرق بين فلسطيني وآخر , فالكل أعداؤه والكل الفلسطيني هدف للقتل والتدمير. .
آن الأوان أن نهتف كفى انقساما فهذا وحده ما يجابه الاحتلال ويوقف شلال الدماء .
رحم الله شهداءنا في غزة الصابرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -عفوا أوروبا-.. سيارة الأحلام أصبحت صينية!! • فرانس 24


.. فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص




.. رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس


.. انقلاب سيارة وزير الأمن القومي إيتمار #بن_غفير في حادث مروري




.. مولدوفا: عين بوتين علينا بعد أوكرانيا. فهل تفتح روسيا جبهة أ