الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصيدة الشعار الانتخابي

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2008 / 12 / 30
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


شعارت أستفزازية وبراقة ذات ايقاعات لغوية تدغدغ ذاكرتنا المليئة بموروث المجد والعزة والكبرياء .. احتفال من الشعارات يظهر هذه الايام في حمًُى المارثون الانتخابي الجديد لمجالس المحافظات والاقاليم المقبل موقع ومذيل بأسماء احزاب وجماعات جديدة وافراد .
كرنفال الشعارات هو واحد من تمظهرات عهد الحرية الجديد على الحيطان وشاشات التلفاز ومساحات الجرائد اليومية ،وتعدد الشعار ومصادره المختلفة علامة يقينية بانتهاء زمن الواحدية والشمولية والتسلط الفردي الى غير رجعة .
قد يصاحب هذا الكرنفال وتلك المباراة فوضى وصخب وعدم لياقة انتخابية احيانا واستغلال نفوذ خارج المسموح بضوابط الدعاية وآلياتها احيانا اخرى، ولكنه امر طبيعي يحصل عادة في الشعوب التي حرمت من الممارسات الديمقراطية الحقيقية لسنوات طويلة من مصادرة حرياتها وارادتها .
البعض من هذه الشعارات .مازال يحذو حذو الشعارات البعثية السابقةويذكر بحقبتها السوداء والاخر يعزف على لحن الخدمات المعطلة ويمني بالمدينة السعيدة المفقودة التي لم يعثر عليها العراقيون حتى بعد خمس سنوات من غياب الدكتاتورية والاخر يستعير من احزاب العالم المتحضر شعاراتها التي تتطابق واهواء الجمهور وتوقه لحياة كريمة لم تتحقق بعد.
الامر استدعاني للتسائل حقا :
هل مازالت حقبة الشعارات والكلمات الرنانة والحماسة البلاغية تحتفظ بسحرها وبريق تاثيرها في نفوس المشاهدين والمستمعين الناخبين ؟.
وهل مازالت هذه الشعارات تملك حضورها المؤثر في الذاكرة الجماعية بعد عقود متواصلة من الاخفاقات المتكررة لتجارب هؤلاء الشعاريين احزاباوافراد وحكومات في المعارضة والحكم معا؟ .
وهل ان العراق وهو جزء من تكوين عربي مازال موصوما بانه امة مسكونة بسحر الكلمات ومفعول الخطابات الحماسية وماخوذة بالبلاغة والشعر والكلمات دون الافعال والانجاز والابداع ويفسر البعض ذلك بسبب كثرة الشعراء في تاريخ الامة العراقية وندرة الفلاسفة والمفكرين والمخترعين على مدار التاريخ؟
وبعد ذلك كله ومضي هذه العقود الزمنية الشعارية وما ذاقته الامة من ويلات ودمار وخراب ،هل يمكن ان يكون الشعار احد الفخاخ المنصوبة لاصطياد الناخبين البسطاء اصحاب الذائقية البلاغية المتوارثة.كما اصطادهم بالدورات الانتخابية السابقة ببريق القومية ومهابة الطائفة ؟
رؤيتي الخاصة لهذه الظاهرة (وربما اكون مخطئا في تقديري) بان الناس بعد اخفاق الشعار وسقوط مراهناته في زمن الحرية وما بعدها لم يملك بريقه القديم والقه الموروث من بلاغة الادب السياسي التقليدي.
والناخب غدا اكثر يقضة ووعيا وتشكيكا .
فالشعار اليوم اصبح يثير التهكم او النفور او القرف وسيستمر هذا الشعور والانطباع حتى يرى المواطن البسيط بام عينيه تحول كلمات الشعار من الحيطان والملصقات الملونة ونزولها للشوارع والازقة بهيئة ارغفة ساخنة للفقراء ومدارس حديثة للاولاد تخرج منهم قوافل الموهوبين والمبدعين وبيوت مرفهة مضاء بالكهرباء على مدار اليوم ومرتبات لاتتبخر في منتصف الشهر ومقاه لاتزدحم بالعاطلين والشاذين .
عندها سيجد الناخبون طريقهم الصحيح لصناديق الاقتراع البيضاءوبدوافع ومحفزات كبيرة دون حيرة او تردد او شعار يصطادهم ويغرر بخيار مستقبلهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة