الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-غادرتنا لكي تبقى- تأبين الروائي الراحل عبد الرحمن منيف

بهية مارديني

2004 / 3 / 13
الادب والفن


جرى في دمشق حفل تأبين الروائي الراحل عبد الرحمن منيف وامتلأت القاعة بالناس والصمت وبدأ حفل التأبين بفيلم وثائقي عن منيف كان عبارة عن مقتطفات من لقاءاته وآرائه فتحدث عن شرق المتوسط وتداول السلطة والحوار والآخر والرأي والسجن السياسي والديمقراطية وقال عندما يتحول الوطن الى مزرعة للحاكم فمن الطبيعي ان تكون هناك انتكاسات وتراجعات وتابع منيف ردا على سؤال عن الرواية فقال الرواية قراءة عميقة للمجتمع وليست لحظة ابداع فقط وان مدن الملح هي مدننا التي تذوب عند اول موجة ماء..
وألقى طلال سلمان كلمة قال فيها: ها نحن نتراصف هنا مرة اخرى لنتبارى في رثاء الغد..لقد بتنا محترفين يا أبا عوف..جاهزة اوراقنا واقلامنا لرثاء المبدعين ويأتيني صوتك لماذا لاتحررون ابناءكم منكم ؟..لقد ذهبت مدننا وبقي الملح يا أبا عوف..
واضاف سلمان: ما أكثر الكتاب.. ما أقل الأقلام.. ماأقل رواد الغد أيها النجدي في اليمن..أيها السوري في العراق..أيها العماني في مصر..
وألقى الياس خوري كلمة بدأها بالقول: أسمح لنفسي بأن أخاطبك في وصفك حاضرا فالعلاقة بين الحضور والغياب تشبه العلاقة بين اسم المؤلف وأسماء الشخصيات في الصفحات اذ يأخذنا المؤلف في روايته الى حيث ننساه وتصدقنا شخصياته القول وتحاورنا وتكشف لنا صدق المعاني ودور الكاتب ان يخلص للنص، خصوصا في مجتمعاتنا العربية الخرساء حيث تحول المجتمع الى أسيرا للحضيض والمهانة..
واضاف خوري: لقد رايتك يامنيف وقد ذهبت الى منافيهم وزرتهم في السجون..ملأت سواد أرضهم بالأسئلة من اجل ان ينطق الصمت..
كنت تبحث عن الواقع الذي يتفوق على الخيال فحولت الحكاية استعارة راسما عبر ألم أبطالك أفقا مكتوبا بحبر سري كان عليك ان تقرأه كي تستطيع كتابته ورأينا اثار التعذيب على كلماتك في شرق المتوسط مرتين فجعلت الصمت يتشقق بالكلمات مثلما تتشقق اجساد السجناء بالقيح..
وطنك لغتك وارضك سواد كلمتك في انتظار ان يستعيد المواطن الوطن وتستعيد الحرية الأرض..
والقى الشاعر اللبناني طلال حيدر قصيدة بالعامية في هذه المناسبة من أبياتها:
اسأل ضل السؤال
مافي جواب يدل
ليش هيك العرب
متل السؤال
- _ -
حطَ الملح على الجرح
وسمّاها مدن الملح
وقاس الوقت بالرمح
طلع الليل اطول
بفرق الصبح
اما الناقد فيصل الدراج فقد نقل اسئلته التي طرحها على الراحل منيف خلال جلساتهم الى حضور الحفل فقال:
سألت عبد الرحمن منيف وانا احاوره في مدن الملح وارض السواد لماذا يعطي شخصيات، تقول شبه جملة في الرواية ،اسماء مع انها لن تعود الى القارىء في النص فأجاب منيف:ان في ذكر الاسماء ما يعبر عن الاحترام والالفة وحين تعطي انسانا مجهولا اسما فانت تحاوره والروائي لايحسن التعامل مع اشخاص روايته الا اذا احترمها..
وعندماسألته لماذا لاتكتب عن فلسطين اجاب من الصعب علي ان اكتب عن موضوع لم اعشه ولم اتعرف على تفاصيله..ان الرواية ليست اختراعا او تلفيقا..
وقال منيف في شرق المتوسط ان السجون تتشابه كما تتشابه احلام البشر في انهيار السجون..
وسألته والكلام لفيصل دراج لماذا يكتب عن الصحراء بدفء كبير ؟ فاجاب منيف الصحراء هي البراءة والفضاء الحر ولكن ما اكتب عنه هو بطولة المكان فللمكان كيانه الخاص به وهو مخلوق من نوع خاص يتنهد ويتوجع ويجب احترامه كما نحترم البشر..
وعندما قال دراج لمنيف انه يكتب بسرعة قال منيف ان كتابا قادمون سيطورون ومهمتي ان اطرح الأفكار فطرح الافكار مسؤولية فردية وتطويرها مسؤولية جماعية والحياة قصيرة ولا يجب الانتظار طويلا..
لقد رأى منيف في القاهرة امام جامع الازهر طفلا يجلس على الارض ممسكا قلما وسط الغبار والشمس والذباب وعندما سأله ماذا يفعل قال انه يكتب واجباته المدرسية فقال منيف هذا مشهد يعيشه الانسان ولا يكتب عنه ان هذا الطفل يعطينا درسا في التحدي والمقاومة بهدوء ويسر، بلا كلمات كبيرة..
وقال منيف لاصدقائه ان موت سعد الله ونوس قصم ظهره..
اما الفنان السوري بسام كوسا فقد قال في قراءة لبعض ما كتب الراحل عبد الرحمن منيف مرددا كلماته:لااطلب منكم الرحمة ولا اريد عفوكم ان كنتم محسنين فامنحوا صدقتكم للمتسولين فانا لست مسكينا ولا اعتبر نفسي قاطع طريق ومع ذلك فان لدي مشكلة ومشكلتي ان الالم يعتصر قلبي..
ان المعادلة واضحة الديمقراطية اولا الديمقراطية دائما والديمقراطية ممارسة يومية وفي البداية يكون الحوار الذي يكون باقرار ثلاث مسلمات جوهرية وهي الاعتراف بالاخر وان الحقيقة نسبية موزعة والاعتراف بالحوار في جو متكافىء..
ويعتبر المثقف هاجس منيف وليس هناك مثقف حيادي اذ يجب ان يكون مع التقدم في زمن الانهيارات والهزائم..
ان العيب الاساسي يكمن فينا في تراجع العقلانية في الثقافة والعودة للغيبية والانتساب للقبلية وهناك ردة كبيرة تم تجاوزها او ان الوهم شبه لنا تجاوزها تحت غطاء العودة للتراث..
لقد عادوا الى الجذور من اجل الاحتماء بها والهروب من الحاضر والمستقبل دون ان نفهم جذورنا ومع انه انتهى عصر الوعظ ولكن هناك دروسا يجب ان يفهمها من بيده الحكم والسلطة والقوة..
واختتم كوسا قائلا يكفيني انني لمست اصابعك يا منيف بالمرحبا..
وتحدث صديق منيف الطبيب اسامة النقيب وقال ان اهم قراراخذه منيف هو قرار التفرغ للكتابة وظن اصدقاءه انه سيشتاق للعمل السياسي ويعود..
ولكنهم علموا بعد ذلك انه يوسع دائرة نضاله ويخلق منصة حرة عن طريق الكلمة..لقد انتزع نفسه من مشاغل العمل اليومي لانه كان مسكونا بهموم امته وبعد قراءتك لمنيف تصبح اوسع ادراكا لقضية الوطن..
يالوعة الغياب..
وتحدث صديق الراحل منيف الذي اتى من برلين الفنان التشكيلي مروان قصاب باشي وقال لقد كنا شبابا ونحلم بمستقبل عادل للعالم الثالث وكان مرسمي في عين الكرش بدمشق هو مكان لقاءنا حيث لاتزال رائحة الالوان التي يسجل منيف انها تلحقه في غمرة الاكتشاف والدهشة..
لقد حضر في التسعينات الى مرسمي في برلين مع جمال غيطاني وجلب لي ما قال لي عنه انه عقاب وليس هدية وكان عبارة عن مجموعة من رواياته..
وتحدثت رفيقة دربه السيدة سعاد القوادري التي بدت اشد نحولا واكثر شحوبا وقالت عن زوجها الراحل انه كان مؤمنا في بداياته السياسية على الانفتاح وان الادب قادر على ان يقول شيئا مختلفا بعيدا عن الشعارات..
لقد كان يقول دائما ان على المرء ان يخرمش واعتقد انه خرمش طويلا قبل ان يغادر..كان يتمنى بعد انتهاك مذكراته ان يقدمها بالشكل الصحيح فالمذكرات كما يقول ليست ثرثرة مجانية ولكن لم يسعفه القدر وظلت مذكراته بين حنايا كتبه..
انها رحلة طويلة من التيه الى الاخدود..لم نكمل ما نكتب.. ونكتب مع الاخرين ومن خلالهم..
وتخللت كلمات اصدقاء الراحل منيف مقاطع غنائية للفنانة نعمى عمران وختام حفل التأبين كانت مقطوعات شجية عزفها على العود الفنان نصير شما بسهم نفذ الى اعمق نقطة في القلب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??