الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا ينتحر الصينيون ؟

محمد نبيل

2008 / 12 / 30
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الانتحار ظاهرة مرعبة تهز أركان المجتمع الصيني، بشكل لفت نظر الصحافيين و الخبراء. فالمجتمع الصيني يسجل أكبر حالات الانتحار في العالم، و الأسباب متعددة و متشابكة وعلى رأسها، الإيقاع السريع للحياة الصينية، و اجتياح ثقافة الاستهلاك للمجتمع الصيني، إضافة إلى مواجهة أربعة أجيال عاشت تحت سقف واحد، أزمة التفكك الأسري و تخلي الآباء عن أبنائهم في القرى من أجل لقمة عيش في المدن الكبرى. و النتيجة يختزلها نحو 300 ألف حالة انتحار تسجل كل عام في الصين.

الصين أول بلد تنتحر فيه النساء أكثر من الرجال
ولفهم ظاهرة الانتحار في المجتمع الصيني، لابد من استحضار العوامل الداخلية و الخارجية التي تطوق الصينيين حاليا. فالانفتاح الاقتصادي للمجتمع، شكل بؤرة مهمة تنبع منها العديد من الأزمات، كتفجر البنيات العائلية التقليدية، و كذلك العلاقات العائلية، التي وضعت الإنسان الصيني تحت إكراه الضغوطات اليومية. فالفردانية الجديدة، والمنافسة الشرسة بين الأفراد و الجماعات، خصوصا في مجال العمل، في ظل عائلة الابن الواحد، جعل الآباء يواجهون مخاطر الإنفاق و انعكاسات "الاستثمار في تربية هذا الابن".

وحسب الخبراء، أصبحت الصين تضم ربع المنتحرين في العالم، و هي البلد الوحيد عالميا الذي ينتحر فيه النساء أكثر من الرجال. وفي هذا السياق، يقول يانغ شونغ، مدير شبكة المساعدة ضد الانتحار في نانكين (شرق البلاد)، إن المجتمع الصيني بات أكثر هشاشة من السابق.

وفي بلد يعد الرابع عالميا على المستوى الاقتصادي، يمثل الانتحار أول أسباب الوفاة في صفوف الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و 35 عاما. وحسب معطيات مركز الأبحاث و الوقاية من الانتحار في مدينة بيجينغ، يسبب التعب و الانهيار في 80 في المئة من حالات الانتحار في المدن. لكن يانغ كينغ، أستاذ علم النفس في جامعة شنستن (جنوب البلاد)، يوضح، بأن عدد المنتحرين في صفوف سكان القرى ، أكبر ثلاث مرات من مثيله في المدن الصينية. فالمجتمع الصيني تحول شيئا فشيئا إلى فضاء لإنتاج القلق النفسي و العصبي، على حد قول هيو داتونغ، أول من فتح عيادة للطب النفسي في الصين .

ووفق تحاليل الخبراء، تعج المستشفيات الصينية بالمرضى النفسيين، بسبب فقدان الروابط الاجتماعية و الانعزال و النمو الاقتصادي المتسارع، ما ينتج في النهاية ضغطا يوميا يمارس على الصينيين، الذين يعانون من التمزق. لصينيون يواجهون تعدد النماذج، و نعني بذلك، النموذج الشيوعي و الرأسمالي و تعاليم الكونفيشوسية الأخلاقية و الدينية . فالصين وكما يقول تسو وانلي، عالم نفس في شونغ كينك، ليست كالبلدان الغربية حيث نجد السواد الأعظم من سكانها، يعتقدون في ديانة واحدة.

دراسة علمية شملت 16 مؤسسة جامعية صينية كشفت النقاب عن انتشار ظاهرة الانتحار في صفوف الطلبة. وتقول الدراسة، إن جزءا من أسباب ذلك، يعود إلى عدم تكيف الطلبة مع محيطهم الجامعي، و تداعيات الفشل في ربط علاقات اجتماعية. و يظل الانطواء النفسي في مراحل الدراسة الثانوية، و رفض التلاميذ و الطلبة للحياة الاجتماعية الحالية، التي فقدت في رأيهم طهارتها و نقائها، إلى جانب المشاكل المادية للعائلات و اتساع الهوة بين الفقراء و الأغنياء، من العوامل الأساسية التي ساهمت في فقدان الطلبة لتوازنهم النفسي وبالتالي لجوءهم إلى الانتحار . وفي مقابل هذه الوقائع الإجتماعية، يرافق انتشار ظاهرة الانتحار في الصين، نقص في الأطر في مجال الطب النفسي و العقلي، فعلى سبيل المثال على الحصر، نجد في المدرسة العليا للأساتذة في مدينة نانكان، 4 أطباء نفسانيين فقط ، بما معدله، طبيب نفساني لكل 1000 طالب جامعي .

الأرنب المنتحر يسبب في أزمة صينية...
الانتحار سلوك فردي مفجع، أدى بالصينيين إلى منع المكتبات من بيع كتاب يضم مجموعة من الرسوم المتحركة ويحمل عنوان : "الأرنب المنتحر"، و هو عبارة عن رسومات ساخرة لأرنب لا يريد الحياة، و يحاول الانتحار مرات عديدة و بطرق مختلفة . "الأرنب المنتحر" نال شعبية كبيرة في صفوف الأطفال و الشباب، ما دفع السلطات الصينية لمنعه، لأنه، حسب رأيهم سيؤثر على العقول، و يساهم في دفع العديد منهم إلى وضع نهاية لحياتهم.

تزايد عدد المنتحرين في الصين، واكبه انتشار للكتب التي تتطرق إلى ظاهرة التوجيه النفسي للمراهقين، في بلد سجل العام الماضي 287 ألف حالة انتحار. الظاهرة التي بدأت تقلق الصينيين كل يوم، دفعت بالعديد من الخبراء و العلماء، إلى البحث عن جذور الأزمات النفسية في بنية العائلة و علاقة الأطفال بمحيطهم، وخاصة بعد إبداء بعض المختصين في علم النفس، ملاحظات بخصوص حرمان الأطفال من الحنان أو الحب وسط عائلاتهم، وهم تحت ضغط مفرط بسبب نظام الدراسة الصيني .













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مجتمع مجهول
مازن البلداوي ( 2008 / 12 / 30 - 14:17 )
حضرة الأخ محمد المحترم
اشكرك على هذا المقال الذي احتوى تصريحات المصادر الصينية،ولكنّي مع خبرة السنوات التي عشتها في كنف المجتمع الصيني،استنتجت غير ماذكر،وانا متأكد بأن أصحاب التصريحات أعلاه يعرفونها جيدا ولكن ليس لهم الشجاعة الكافية لقولها،لأنها مشكلة أجتماعية عامة وليس مخصصة بمجموعة أو فئة.

تحياتي

اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة