الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات العراقية والتحالفات السياسية

طالب الوحيلي

2008 / 12 / 31
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


اقترنت بعض صفحات العراق السياسي بظهور بعض التحالفات التكتيكية التي اقتضتها الظروف التي حكمت البلاد منذ نشوء الدولة العراقية الحديثة ولحد الآن ،وبغض النظر عن كيفية تكونها ومديات نجاحها او اخفاقها ،في تعتبر جزء من التراث السياسي ، وقد اضطرت العديد من التيارات السياسية الى اللجوء اليها انسجاما مع واقع المعارضة العراقية التي تصدت الى النظام البعثي في المنافي المختلفة ، مما أثمرت تحالفات استراتيجية مع القوى الكردية ومع احزاب سياسية تتصف بوطنيتها وصدق رغباتها في اسقاط النظام الصدامي، وبناء عراق ديمقراطي موحد، ولعل انسجامها بقي شاهدا في التأسيس لمجلس الحكم المنحل، وما بدر منه على صعيد السعي لاستعادة السيادة العراقية والتحكم ببعض القرارات الخطيرة ،ومنها تاسيس الجمعية الوطنية عبر فرض خيار الانتخابات العامة التي ،كانت بمثابة تحد شعبي كبير لكافة القوى التي راهنت على افشالها بكافة الوسائل والاساليب ،والتجارب الانتخابية بالامس القريب هي خير محك لظهور الائتلافات ،حيث ان طبيعة التجربة الانتخابية الجديدة التي اسست على نهج القوائم المغلقة وانفتاح العديد من الاحزاب والتيارات السياسية مع تباين حظورها في الشارع العراقي ووسط الجماهير ،واقتناعها بمحدودية فوزها بالمقاعد البرلمانية ،ادى بها الى سلوك طريق التحالفات وتشكيل القوائم ،اذ لا يمكن لاي كيان سياسي ان يفرض وجوده المطلق وسط تلك الارهاصات والتقاطعات الحادة التي افرزتها اخطر تجربة حكم مر بها العراق ،اساطاع فيها النظام البائد من تهشيم الكثير من المرتكزات السياسية والذاتية للمواطن الذي وجد نفسه امام متغيرات لا قبل له في استيعابها والتعايس معها الا بعد بذل المزيد من الخسائر المادية والروحية والجسدية ،والامر كله بتعبير اخر هو انقضاء عهد الاحزاب الشموليةوظهور عهد التعددية والتعاطي السلمي للحكم ،وذلك الوجه الطبيعي لدولة القانون والمؤسسات .
لقد شهدنا أول معترك انتخابي لتشكيل الجمعية الوطنية ،و تأكدت من خلاله حظور هذه التحالفات عبر كتل برلمانية تباينت فيها مظاهرالانسجام، لتبقى مستمرة لاعداد العدة للانتخابات النيابية وقد تبلورت اكثر بكثير خطوطها وخطواتها التي حققت حسما لمعادلات اللعبة الديمقراطية ،لكنها ادت بالنتيجة الى بروز اصطفافات طائفية وعنصرية كانت المؤجج للحرب الارهابية التي اجتاحت البلاد ، فيما كانت امامها مهام لا تقل شأنا عن مهمة كتابة الدستور لما تبقى منه من متعلقات خطرة، تتمثل بالقوانين المكملة له وبما يمكن ان يقع عليه من محاولات لتعديله عبر الآلية البرلمانية وما تفرزه نسب التصويت المختلفة داخل قبة مجلس النواب ، فضلا عن المشاريع الحيوية التي لا يمكن ان يشهدها العراق الا في ظل الحكومة الدائمة التي قد انتاب الناخب العراقي الياس من ظهورها على النحو الذي يرضي طموحه الانتخابي ،الذي لم ياتي بصورة اعتباطية او كترف سياسي ولا لسواد عيون البعض ،الذي يكاد يتهمه الشارع العراقي بالمستخف بصبر وحزن الملايين التي كابدت وكابدت حتى اختلط زادها بدمائها المراقة على اسفلت الشوارع البائسة، وامتزج بخراب المدن المزمن التي طالما ارتجت ان يعمرها ابناءها، الذين حانت لهم الفرصة الذهبية في ان يكونوا اصحاب الشأن في تنفيذ كل الاحلام المعطلة لكافة ابناء وادي الرافدين،وقد كثر حديث بعضهم عن ان المناصب هي تكليف وانهم ازهد ما يكونوا عنها وابعد من ان يكون طموحهم النهائي هو التمسك بالمناصب الدنيوية الزائلة كزوال كافة الديكتاتوريات والانظمة الشمولية ،الشعور المر بعدم الرضى عما يجري منذ سقوط الطاغية ولحد اليوم ،هو شعور مشروع في عرف الديمقراطية بل وفي حكم جميع الافكار الانسانية،فبالرغم من ايمان ابسط مواطن عراقي بان ظروف الاحتلال واستفحال الارهاب المتمثل ببقايا النظام المقبور وحلفائهم في الداخل والخارج وتدخل دول الجوار في فرض حالة عدم الاستقرار لحسابات كثيرة،الا ان واقعه البائس لا يتيح له المجال في قبول كافة ما يطلقه الساسة من مبررات، تكاد تتحول الى اتهامات خطيرة ضد كل من يقف اليوم في الميدان السياسي، ولاسيما منهم من يسعى لتعطيل وعرقلة استكمال المهام الدستورية في البلاد، او اعاقة عمل الحكومة التي غدت اليوم الحمّالة التي وضعت عليها كل الاخفاقات السياسية والادارية بما في ذلك معالجة الوضع المعاشي والخدمي والاداري الذي يضغط على كاهل الاسر الفقيرة بعد ان ابى الفقر ان يغادرها ،بسبب الحاجة الى توفير ابسط متطلبات الحياة اليومية ،حيث لا يستطيع احسنهم حالا شراء اسطوانة غاز او صفيحة نفط او استقلال سيارة اجرة ، فضلا عن اليأس من الحصول على وظيفة تليق به دون رشوة او محسوبيةاو محاصصة !!
وعودة الى موضوع تحالفات الكيانات السياسية التي تشكلت في اطار اللعبة الانتخابية ،فهل جرت بعيدا عن تلك التجارب وقد عاشتها بعض الاحزاب العراقية القائمة حاليا، وتلظت بنارها لتجد نفسها امام امتحان جديد ازاء تاريخها السالف ومستقبلها وسط ابناء الشعب ، وهل تمكنت من وضع برامجها المستقبلية بعيدا عن المصالح الآنية والتكتيكات القصيرة العمر؟ انه اختبار والحكم فيه الشعب و هو مدرسة كل السياسات..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موسكو تنفي اتهامات واشنطن باستخدام الجيش الروسي للكيماوي في 


.. واشنطن تقول إن إسرائيل قدمت تنازلات بشأن صفقة التبادل ونتنيا




.. مطالبات بسحب الثقة من رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف


.. فيضانات عارمة اجتاحت جنوب البرازيل تسببت بمقتل 30 شخصاً وفقد




.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات