الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلا الأمن..(!)

عبد الإله بوحمالة

2009 / 1 / 1
حقوق الانسان


وأخيرا، ماذا تبقى لنا لنخاف عليه، أمام كثرة ما صرنا نخاف منه في هذا الوطن غير جلودنا نفر بها من ركن إلى ركن، وغير أظهرنا نسندها من حائط لحائط خشية سكين مطوية تحت إبط جانح عنيف، أو مخافة سيف مشهورة في يد عربيد مخمور هائج، أو توجسا من آلة غدر مبيت تتربص بنا المنون بين عتمة وأخرى في أحياء ودروب أغرقها فساد التدبير والتسيير في الظلام وحرمها لصوص المال العام حتى من الإنارة العمومية أبسط وأدنى شرط من شروط الأمن المتعارف عليها إنسانيا منذ أن اكتشف بشر الكهوف الفائدة الحمائية للنور والنار.
ماذا تبقى لنا، مما يمكن أن نصونه ونخاف عليه، غير أجسامنا.. غير لحمنا ودمنا، بعد أن أصبح المواطن يغادر بيته صباحا وهو لا يكاد يدري إن كان سيعود إليه في المساء أم لا، ولا يضمن إن عاد إليه هل سيعود على قدميه حيا يرزق أم جثة محمولة على نعش.. سالما غانما يوم حياة إضافي في عمره، أم معطوبا بعاهة، مصابا بتشوه.. وهل سيحل عليه الليل وعرضه وعرض أبنائه موفور وشرفهم مصان أم سيؤوب مكلوم الاثنين مهدور الكرامة.
ماذا تبقى لنا لنخاف عليه، في ظل استفحال موجة الإجرام وتناسل عصابات القتل والسلب والنهب وتجارة المخدرات.. وفي ظل امتداد كل الأيادي الآثمة واستعلائها واستقوائها على يد القانون ويد العدالة، وفي ظل التراخي الواضح للحس الأمني والتراجع المتواصل لكفاءة رجاله وفقدان معظمهم لروح المسؤولية الوطنية وانفلات زمام الأمور من بين يدي الأجهزة الوصية يوما عن آخر.
نعم، يمكن للمواطن المقهور المغلوب على أمره أن يبتلع على مضض كل المبررات والمسوغات التي تقدم له حينما لا يمكنه هذا الوطن من تعليم جيد مفيد، أو حينما لا يضمن له حقه المشروع في سكن كريم لائق أو حاجته الإنسانية إلى تطبيب في المستوى، بدعوى التخلف المزمن للبلد وبدعوى قلة الإمكانيات والموارد، لكنه قطعا وجزما لا يمكنه أن يعيش أو يتعايش مع واقع تخور فيه قوة السلطة وتعجز حتى عن توفير حد أدنى من الأمن والضبط والربط الذي يحفظ الأرواح ويحمي الممتلكات ويصون الأعراض، كما لا يمكنه أن ينام قرير العين وأن يحس بطعم السلم والطمأنينة، وهي من المقومات الأساسية للمواطنة، إذا استحوذت عليه القناعة وترسخ عنده اليقين بأن عدالة وطنه التي يفترض أن يستظل بها وينعم بفيئها وإنصافها ويثق فيها عدالة عرجاء أو عوراء أو عمياء وأن كفة الميزان فيها مائلة ومختلة وأن العفو والسراح لا يقومان دائما على التوبة النصوح للجناة ولا على ندمهم عما أجرموه في حق المجتمع ولا على التزامهم القطعي بالصلاح وعدم الرجوع.
إذن ماذا تبقى لنا في هذا الوطن يشدنا إليه ويحببنا فيه إذا بتنا غير مطمئنين إلى أن هناك بالجوار القريب وفي الأحياء الفقيرة كما في الأحياء الغنية.. في الشوارع والطرقات والمدارس والملاعب.. في القرى والبوادي.. في أي مكان وفي كل مكان، توجد أعين ساهرة حارسة وأجهزة راصدة متيقظة شغلها الشاغل أن يعم الأمن وواجبها المقدس أن يسود السلام وأن يشمل الناس جميعا بلا استثناء بقوة القانون وبسلطة العدالة وبروح تشريعات واتفاقيات حقوق الإنسان..
لأنه إذا كان هناك من شيء يمكن أن يذكرنا جميعا باستمرار أننا هنا نعيش في دولة يحكمها نظام وقانون، وأننا لسنا في غابة موحشة يعبث فيها الجناة العصاة، فلا شك أن هذا الشيء هو الأمن: رجل الأمن الكفء الشجاع.. جهاز الأمن القوي المنظم.. وزارة داخلية وطنية مواطنة تتوفر على كل الإمكانات والخبرات والموارد..
وغير ذلك هو ما نعرفه جميعا في تاريخ المغرب من صفحات السيبة والتسيب والانفلات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسط الحرب.. حفل زفاف جماعي بخيام النازحين في غزة


.. مظاهرة وسط تونس تدعو لإجلاء المهاجرين من دول جنوب الصحراء




.. ميقاتي ينفي تلقي حكومته رشوة أوروبية لإبقاء اللاجئين السوريي


.. بمشاركة قادة سياسيين.. آلاف الماليزيين يتظاهرون في العاصمة




.. وسائل إعلام إسرائيلية تتناول مخاوف نتنياهو من الاعتقال والحر