الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اجتياح غزة خطوة متقدمة في المشروع الإسرائيلي

معتز حيسو

2008 / 12 / 31
القضية الفلسطينية


بداية وقبل الدخول في أي من التحديدات السياسية والنظرية لموقفنا مما يجري على الساحة الفلسطينية. نؤكد على رفضنا الكامل لكافة أشكال السياسية الإسرائيلية القائمة على استخدام العنف والقوة العارية لإخضاع غزة وشعبها المقاوم .
ونرى أن من الضروري أولاً توضيح تناقض السياسات الإسرائيلية القمعية القائمة على مفهوم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني مع كافة المواثيق الدولية وشرعة حقوق الإنسان وكافة الأديان السماوية التي تعتبر بأن حق الحياة حق مقدس يجب عدم المساس به أو التطاول عليه ، أي إن حق الحياة فوق كل المصالح والاعتبارات . ومن هذه النقطة نؤكد وقوفنا ضد الاجتياح الإسرائيلي لغزة، و ضد ما يرتكبه الصهاينة من جرائم إبادة وقتل وتهجير.. والتي لا يمكن توصيفها إلا بكونها جرائم ضد الإنسانية. وفي هذا السياق نؤكد على التناقض البنيوي بين الشكل الديمقراطي الظاهري للدولة الإسرائيلية الذي يُروّج لها عالمياً ،وبين كونها كيان امبريالي استيطاني عسكري توسعي ديني يقوم على التمييز والفصل العنصري وتنظيم حملات الإبادة الجماعية للمواطنين الفلسطينيين.
أما في المستوى الأخر فإننا لم نستغرب أو نفاجئ بما قامت وتقوم به القوات العسكرية الإسرائيلية لجملة من الأسباب أولها:كون المرحلة الراهنة تشكل لحظة انتقالية في القيادة الأمريكية،ومن البديهي أن تغتنمها الحكومة الإسرائيلية وقيادتها العسكرية لتثبت بشكل ملموس تقدماً على أرض الواقع قبل الدخول في أية مفاوضات محتملة مع الفلسطينيين،أو مع أياً من الأطراف الإقليمية التي يمكن أن تشكل لها حركة حماس قوة ضغط .
ثانياً : اختلال كفة التوازن العالمي لصالح السياسة الإسرائيلية المدعومة أمريكياً بحكم الترابط العضوي بينهما .
ثالثاً : يشكل النظام العربي الرسمي الغطاء الفعلي للعدوان الإسرائيلي بأشكال ومستويات مختلفة ومتباينة تبعاً لعلاقة هذه الدول مع الكيان الإسرائيلي .
رابعاً : يمثل تراجع أداء غالبية الأنظمة العربية (والذي يصل في بعض اللحظات كما هو سائد الآن إلى درجة التواطؤ مع المشروع الإسرائيلي الأمريكي والخضوع له) إشارة واضحة للبدء باستكمال المخطط الإسرائيلي الذي يأتي فيه اجتياح غزة والقضاء على حركة حماس الخطوة الأولى .
خامساً : يشكل التناقض والصراع الفلسطيني الداخلي أحد أهم الأسباب المحفزة للهجوم الإسرائيلي على غزة لما للتناقض والصراع الفلسطيني البيني من قدرة على إضعاف المقاومة الفلسطينية وفصائلها السياسية .
سادساً : يأتي الاجتياح الإسرائيلي في سياق(( ضم 7% من الضفة الغربية، ومساحات واسعة من "القدس الكبرى"، لتصل نسبتهما معاً إلى حوالي 10% من مساحة الأراضي المحتلة عام 1967.إضافة إلى ضم المستوطنات الكبرى إليه "كمعاليه أدوميم" و "بسغات زئيف" و "غوش عتصيون"، وبداخل الضفة الغربية بعمق 22 كم من حدود 4 حزيران/ يونيو "مستوطنة أرئيل".)) (نايف حواتمة )
سابعاً : نؤكد في هذا السياق على أن الاجتياح الإسرائيلي لغزة يأتي كخطوة أولى في سياق مشروع إسرائيلي يهدف إلى تنفيذ ترانسفير جماعي لترحيل سكان /الـ 1948 / ، وليس مستبعداً في اللحظة الراهنة أن يشكّل العدوان الإسرائيلي خطوة أولى وتمهيدية من اجل حل قضية الدولة الفلسطينية خارج الأرض الفلسطينية،ومن الممكن أن تكون الأردن الحل البديل.لكن يبقى الهدف الأساس للعدوان الإسرائيلي على غزة وفي إمكانية تحقيق ترحيل سكان أراضي الـ 1948،هو إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، ويأتي المشروع الإسرائيلي في سياق مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم على تكريس أشكال من الدول والكانتونات الدينية والعرقية .. .
ثامناً : يشكل العدوان الإسرائيلي خطوة متقدمة في سياق القضاء على كافة أشكال المقاومة بعد حرب /تموز 2006 /التي قامت بها القوات الإسرائيلية ضد حزب الله في لبنان . وفي هذا الإطار يمكن أن نؤكد بأن العدوان الإسرائيلي على غزة يهدف بشكل أساسي إلى القضاء على حركة حماس كخطوة أولى للمشاركة في التسويات السياسية المحتمل قيامها مستقبلاً ،و يتقاطع هذا الهدف مع العمل على ضبط مقاومة حزب الله في إطار الجيش و الدولة اللبنانيين ،هذا في حال لم يستطع الإسرائيليين القضاء عليها لتقطيع أوصال التحالف الإيراني الذي تعمل من أجل إنجازه الحكومة الإسرائيلية عِبر مسالك متعددة ومتنوعة .

إن اعترافنا بحقوق كافة الأطراف السياسية في التعبير عن ذاتها وعن برامجها السياسية لا يعني عدم التعبير عن موقفنا السياسي الرافض لمشروع حركة حماس الانقلابي غير الديمقراطي و الهادف إلى إقامة إمارة دينية إسلامية تعمّدت بالدم الفلسطيني . ونشدّد على ضرورة رفض وإدانة الاقتتال الفلسطيني الداخلي الذي لا يخدم إلا استمرار هيمنة الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني ، والذي يمتد تأثيره إقليمياً.ونشدد بالمقابل على أهمية الحوار الديمقراطي الفلسطيني بين كافة الأطراف الفلسطينية .
إن اللحظة الراهنة تفترض التأكيد على أهمية وضرورة التضامن الدولي والنهوض الشعبي الذي يجب أن يشكل جبهات ضغط فعلية وحقيقية من أجل اتخاذ موقف موحد لإيقاف الاجتياح الإسرائيلي والكف عن استباحة الدم الفلسطيني .

أما في المستوى الآخر فإننا نرى ضرورة التأكيد على أن المخرج من التناقضات الفلسطينية ، ومن الواقع الفلسطيني المتأزم والمأزوم يمكن أن يساهم في إنجازه تغيّر الخارطة الجيو سياسية العالمية ، والانتقال من الهيمنة القطبية الأحادية التي يقودها الطرف الأمريكي (يرتبط في سياقها عضوياً وبنيوياً مشروع الكيان الصهيوني الساعي لإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين) إلى نظام عالمي يقوم في أشكاله الأولية على التعددية الديمقراطية ، ويمكننا أن نرى بوادر هذا التحول على قاعدة الأزمة الاقتصادية الأمريكية التي من المرجح بأنها سوف تعجّل في الانتقال إلى توازنات عالمية جديدة . لكن هذه التحولات يفترض تعزيزها بداهة وجود البديل الطبقي على المستوى العالمي .
وفي سياق طرحنا وعلى أساسه نرى ضرورة تفعيل دور قوى اليسار العالمي وكافة التشكيلات المدنية والحقوقية ذات المصلحة في الانتقال إلى نظام عالمي ديمقراطي بديل . وهنا يجب أن نركز على أهمية دور القوى العلمانية واليسارية والمدنية الديمقراطية العربية المرتكزة على قاعها الاجتماعي ، و التي يشكل نهوضها المدخل الفعلي لحل التناقضات الفلسطينية عبر تشكيل دولة علمانية ديمقراطية يتعايش في كنفها كافة مكونات الشعبين الفلسطيني واليهودي على قاعدة التنوع القومي والسياسي والمذهبي .

ويجب أن ننوه بأنه حتى لو تجلى راهنياً بأن المخرج من التناقضات الفلسطينية وتأزم القوى السياسية بأشكالها الراهنة يمكن أن يكون بقيام دولتين ، لكن يبقى هذا الحل منقوصاً ومرحلياً بحكم اختلال ميزان القوى لصالح الكيان الصهيوني من جهة تطوره العسكري والعلمي والصناعي وسيطرته على معظم الأراضي الفلسطينية ، إضافة إلى الدعم العالمي وتحديداً الأمريكي .. . ليبقى من وجهة نظرنا المخرج الموضوعي والاستراتيجي لحل الأزمة الفلسطينية في الانتقال إلى الدولة العلمانية الديمقراطية الواحدة .

ونخلص في النهاية إلى أن المهمة الأساسية في اللحظة الراهنة تكمن في التضامن الشعبي والرسمي عربياً وإقليماً وعالمياً مع الشعب الفلسطيني ضد الهجوم الإسرائيلي الذي يستبيح حرمة الدم الفلسطيني في غزة . ودعم الشعب الفلسطيني في التحرير والعودة لإقامة دولته على أرض فلسطين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسعى لمنطقة عازلة في جنوب لبنان


.. مسؤولون عسكريون إسرائيليون: العمليات في غزة محبطة وقدرة حماس




.. ما أبعاد قرارات المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر الخاصة بالضف


.. صحيفة إسرائيلية: نتنياهو فقد السيطرة ما يدفعه إلى الجنون وسق




.. ما أبرز العوامل التي تؤثر على نتائج الإنتخابات الرئاسية الإي