الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محرقة من أجل الانتخابات

مصطفى الكمري

2008 / 12 / 31
القضية الفلسطينية


مهما اجتهدت إسرائيل في محاولة تبرير هجمتها الشرسة على قطاع غزة، فإنها لن تستطيع أن تقنع أحدا بأنها تدافع عن نفسها ضد صواريخ القسام البدائية. صحيح أن آلتها الإعلامية الضخمة تحركت منذ بداية القصف الهمجي، لتجعل الرأي العالمي يتعاطف معها، وتجعل القوى الكبرى تغض الطرف عن مجازرها ضد المدنيين العزل، والأطفال الأبرياء... وهو ما نجحت فيه إلى حد بعيد، بدليل العناوين الصحفية التي صدرت عن كبريات صحف العالم، والتي ساوت بين الجلاد والضحية، واعتبرت أن إسرائيل تقاتل منظمة إرهابية (حماس) كما تقاتل الولايات المتحدة الأمريكية تنظيم القاعدة الإرهابي، وبدليل صمت المنتظم الأممي، وتفهم جورج بوش لدوافع الهجمة الإسرائيلية التي صنفها في خانة الدفاع عن النفس، مثله مثل باراك أوباما الرئيس الأمريكي المنتخب.

ولكن هذا التواطؤ الدولي، ليس دليلا على عبقرية إعلامية إسرائيلية، بقدر ما هو شيء مبرر ومفهوم. فالموقف الرسمي للولايات المتحدة لا يحتاج إلى كبير عناء لشرحه، على اعتبار أن قصة الزواج الكاثوليكي بين إسرائيل والولايات المتحدة خصوصا، و القوى الغربية على العموم، صارت من المسلمات في السياسة الدولية التي يجب التعاطي معها كحقيقة ثابتة لا تقبل النقاش، على الأقل في الوقت الراهن. أما موقف الإعلام الغربي المنحاز، والذي يتخلى عن مبادئ المهنية كلما تعلق الأمر بإسرائيل، فهو يجد تبريره في سيطرة اللوبيات الصهيونية على أبرز المؤسسات الإعلامية، وبالتالي توجيهها دائما نحو الاتجاه الذي يتفق والمصالح العليا لإسرائيل، حتى وان كان دم الأبرياء والأطفال ثمنا لذلك.

لقد اعتقدت إسرائيل أنها باستغلالها لانشغال العالم بأعياد الميلاد ورأس السنة، وباستغلالها لانشغال الناس بتداعيات الأزمة المالية التي تهدد مستقبلهم، ستكون بمنأى عن أي غضب... فمن سيهتم في العالم للخروج للشوارع تضامنا مع غزة، في وقت احتفال وفي في ظرف أزمة؟ ولكن حساباتها أخطأت فخرج الناس في مختلف عواصم العالم ينددون بالجريمة.

أولمرت وليفني وباراك أرادوا أن يقطعوا الطريق على نيتنياهو زعيم حزب الليكود، الذي كانت تشير كل استطلاعات الرأي إلى فوزه برئاسة الوزراء، في الانتخابات الإسرائيلية المزمع تنظيمها في 10 فبراير 2009، لذلك اختاروا طريق الحرب حتى يكسبوا جزءا من اليمين المتطرف الذي يساند نيتنياهو، والذي سوق لنفسه على أنه من سيعيد لإسرائيل هيبتها بعد نكسة الجيش الاسرائيلي أمام حزب الله في حرب يوليوز 2006... وهو ما نجحوا فيه لحد الآن حيث تشير أحدث استطلاعات الرأي الى تحسن موقع حزب كاديما بزعامة تسيبي ليفني، وحزب العمل بزعامة ايهود باراك.

ولكن هذا النجاح في تحسين المواقع، جاء عن طريق محرقة جددت الاستعداء العربي والتركي والايراني، والذي عادت لتنفخ فيه الروح من جديد، بعد فترة من الكمون كان دعاة السلام يحاولون استغلالها، لتحسين موقع اسرائيل الاقليمي، ومحاولة التطبيع معها، في اطار مبادرة السلام العربية، حتى وان ظلت اسرائيل ترفضها وتتحفض على العديد من بنودها.

وكما كذب بوش على العالم لتبرير اجتياحه للعراق، حين ادعى أن نظام صدام يملك أسلحة الدمار الشامل، وهي الكذبة التي فضحتها الأيام وتوالي الأحداث... فقد سقطت اسرائيل في نفس الفخ حيث ظلت تدعي أن اسرائيليا من بين كل ثمانية أي حوالي 800 ألف اسرائيلي في مرمى صواريخ القسام التابعة لحركة حماس، وأن حماس باستطاعتها اطلاق أكثر من 100 صاروخ في اليوم الواحد، وهو الأمر الذي ظهر بطلانه... حيث لم تطلق حماس سوى بعض الصواريخ البدائية المعدودة على رؤوس الأصابع، لم تخلف سوى قتيل اسرائيلي واحد، في الوقت الذي دكت فيه طائرات اسرائيل المتطورة بآلاف الأطنان من القنابل مدن القطاع، مخلفة 345 قتيلا و 1550 جريحا الى حدود الآن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس