الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول تحالف قوى اليسار في العراق

سلامة كيلة

2008 / 12 / 31
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


(ملاحظات على مسودة المشروع السياسي للجنة تنسيق القوى والشيوعية واليسار الماركسي)
بعد أن أصبح النقاش حول مسودة المشروع السياسي للجنة تنسيق القوى الشيوعية واليسار الماركسي علنياً، حيث نشر الصديق رديف شاكر الداغستاني ملاحظاته مرفقة بنص المسودة (الحوار المتمدن العدد 2505 -24/12/2008)، وكذلك نشر د. عبد الوهاب حميد رشيد ملاحظته ( الحوار المتمدن –العدد 2511 -30/12/2008)، ونشر النص في ذات اليوم. أبدي ملاحظاتي، التي كان جزء أساسي منها قد أرسل إلى الصديق صباح زيارة قبلاً.
*****************
ما من شك في أهمية العمل على هذا الصعيد، وعلى ضرورته الملحة، حيث أنني أعتقد بأن الوضع الراهن يفرض أن يتقدم اليسار الماركسي لكي يلعب الدور الرئيسي في مقاومة الاحتلال الإمبريالي وتحقيق استقلال العراق، لأن وضع الحركات الأصولية التي بدا أنها هي التي تقود الصراع ضد الإمبريالية بات يؤشر إلى تراجع وعجز، خصوصاً في العراق، الذي بات يؤشر على أخطار نتيجة الطابع الطائفي لها. ولأن وضع المقاومة العراقية بات مرتبكاً بفعل الصراعات الطائفية والطابع الطائفي من جهة، لكن أيضاً نتيجة طبيعة بعض القوى التي ولدت من السلطة القديمة، والتي قبلت المساومة الأميركية وباتت تشكل مجالس الصحوة بعد أن أحست بأن مقاومة الإمبريالية تحتاج إلى سنوات أخرى، وكانت تعتقد أنها عائدة إلى السلطة قريباً. وهو الأمر الذي أوجد إرباكاً في كل الوضع، وفتح لتصاعد الصراعات الطائفية.
ثم أن الوضع العالمي الذي فجر أزمات الرأسمالية يعيد طرح الصراع كصراع طبقي، وليس صراع حضارات كما أرادت له الإمبريالية الأميركية. وهو الأمر الذي يجعل اليسار في مركز الاهتمام.
لكن لم أجد في المسودة ما يسمح بأن يكون مشروعاً لليسار، وأعتذر على هذا النقد. حيث أن المقدمة تعيد تكرار الماضي بينما المطلوب فيها التركيز على دور اليسار الوطني، حيث أنه وحده هو الذي يستطيع أن يعطي الصراع هذا الطابع، نتيجة الطابع الإسلامي للمقاومة، ولأن القوى القومية تتأسلم كذلك. وبالتالي تنحصر في وحدود طائفة محددة في العراق (السنة)، وتأتي مقاومة الاحتلال المرتبكة في الشق (الشيعي) طائفية كذلك.
وأيضاً على دور اليسار الطبقي كونه يواجه الإمبريالية وليس الغرب. يواجه الطغم الإمبريالية التي أتت لتنهب وتدمر. وبالتالي يستطيع أن ينطلق من الطبقات الشعبية في سعيها لتأسيس نمط بديل.
ثم أن الأهداف التي تطرحها مسودة المشروع تضيع الأساس، فالمشكلة ليست في المعاهدة ولا في التواجد العسكري (هكذا)، ولا في نصوص دستور عام 2005.....ألخ، المشكلة الأساس في الاحتلال ذاته، وكل هذه هي نتاجه. لهذا فإن الهدف المركزي لليسار يجب أن يكون طرد الاحتلال، وطرد أعوانه الذين قبلوا العمل في إطار مخططاته. وبالتالي يجب التركيز على تطوير المقاومة الشعبية بكل أشكالها ضد الوجود العسكري الأميركي وكل القوى المرتبطة به من أجل تحقيق استقلال العراق، وبناء دولة ديمقراطية علمانية، وتمثل الطبقات الشعبية في سعيها لتحقيق التطور الاقتصادي الاجتماعي وتحديث المجتمع والثقافة. وبالتالي بناء ما جرى تدميره ونهبه. وإذا كان الصراع ضد الاحتلال الإمبريالي الأميركي هو صراع وطني عام، فإن على الشيوعيين التأكيد على أن يكونوا في الصفوف الأولى، وأن يعملوا على توحيد الشعب على أساس طبقي، وفي إطار تحالف طبقي من أجل تحقيق الانتصار. وهم هنا يجب أن يلعبوا الدور الفعلي والحقيقي في النضال، الشعبي والمسلح كذلك، وأن يمسكوا بخيوط التناقضات لكي تصب كلها في مواجهة الاحتلال وأعوانه.
وبالتالي فإذا كان التنسيق بين قوى ماركسية يفترض قدراً من التفاهم على الصعيد الأيديولوجي، فإن البرنامج العملي يرتكز على مقاومة الاحتلال، وعلى تأسيس نمط بديل، دولة ديمقراطية علمانية تمثل الطبقات الشعبية بقيادة العمال والفلاحين الفقراء. طبعاً يمكن الإشارة إلى طبيعة الدولة الديمقراطية، والى السياسات الاقتصادية (مثل تطوير قوى الإنتاج، والبنية التحتية التي تعمل قوى الاحتلال على تدميرها) والسياسات الاجتماعية (حق العمل والضمان والأجور). لكن الأساس الآن هو في التركيز على المقاومة.
يمكن أن يثير التركيز على المقاومة بعض الاعتراض لأنه –كما يعتقد – يفرض التحالف مع قوى طائفية تقاوم الاحتلال. لكن التحالف ليس فريضة، ويمكن لليسار أن لا يقيم تحالفات مع هذا النمط من القوى، خصوصاً التي تسعر الصراع الطبقي لأنها تنطلق من أساس طائفي (وهي هنا تخدم المشروع الإمبريالي)، أو التي تقتل العراقيين تحت أي مسمى كان. ويمكن أن تكشف سياساتها كذلك، أو أن هذا هو دورها، لكن دون أن تحول الصراع إلى صراع ضدها، إلا إذا فرضت تلك القوى ذلك.
أعذروني إذا قلت أن النقاط الواردة ضعيفة، وهي رد على ما هو نتاج الاحتلال ذاته، وبالتالي فهي تزول حتماً بزوال الاحتلال، رغم إمكانية الإشارة إليها. وربما كان يجب أن تكون بداية النص بالفقرة التالية (مع بعض التدقيقات):
"إن ما يمر به اليوم شعبنا من مآس وما يحاك من اتفاقيات تستهدف تكريس احتلال بلادنا بأشكال جديدة، والسيطرة على مقدراته الاقتصادية وتكبيل تطوره الاجتماعي، يضع الشيوعيين وسائر الماركسيين العراقيين أمام مهامهم التاريخية باستنهاض قواهم وتوحدهم وتنظيم صفوف الجماهير وترسيخ علاقتهم بها. فتأريخ الحركة الشيوعية العراقية ونظريتها الثورية يضعانها في مقدمة القوى المناهضة للاحتلال والعولمة الرأسمالية والمشروع الأمريكي في المنطقة"، وبدل "وذلك من خلال سعي" وضع (وهو الأمر الذي يفرض عليهم التوحد بتشكيل) (لجنة تنسيق القوى الشيوعية واليسار الماركسي) لتنسيق نشاط الفصائل الشيوعية وصولاً لإقامة (حزب يوحدهم على طريق تحقيق الاستقلال وبناء) دولة المؤسسات الدستورية الديمقراطية والفصل الفعلي بين السلطات واعتبار مبدأ المواطنة أساس الدولة" ، وإضافة مهمات اقتصادية واجتماعية كما أشرت للتو.
وكذلك الفقرة الأخيرة " إننا في الوقت الذي نضع ثقتنا الكاملة بقدرات شعبنا على خوض صراعه التاريخي لنيل السيادة الوطنية، فإننا واثقين من أن وحدة الفصائل الشيوعية وصلابتها سيجعلانها رأس حربة القوى الوطنية واليسارية في معركة شعبنا من أجل الهدف المنشود، لذا فإننا ندعو الفصائل والشخصيات الشيوعية كافة للانضمام " للجنة تنسيق القوى الشيوعية واليسار الماركسي " وصولاً لإنجاز مهام توحيدها سياسياً وفكرياً وتنظيمياًً".

فقط أود التوضيح بأن اليسار الماركسي في العراق يجب أن يركز على الاحتلال، وعلى رؤية لدولة ما بعد الاحتلال، وأن يكون واضحاً بأن الصراع مع الاحتلال هو أيضاً يشمل الطبقات الشعبية العربية كلها، وبالتالي أن يربط العراق في الإطار العربي. وبالتالي التنسيق مع كل القوى الماركسية في الوطن العربي التي تتوافق مع ذلك.
وبالتالي يمكن التأكيد على النقاط التالية:
أولاً: يجب أن يكون واضحاً بأن المطلوب هو برنامج مشترك لقوى وشخصيات اليسار الماركسي والشيوعي. وهذا يعني أن القواسم التي تجمعهم هي أوسع من برنامج سياسي راهن. فهناك الموقف من طبيعة فهم الماركسية، وهناك التحديد الطبقي الذي يشير إلى تعبير هؤلاء عن العمال والفلاحين الفقراء وكل المهمشين، وبالتالي الارتباط بمصالحهم. وهذا ما يميزهم عن القوى الأخرى التي يمكن أن يتقاطعوا معها في البرنامج السياسي، أو في بعض أهدافه. خصوصاً مسألة مقاومة الاحتلال من أجل طرده.
ثانياً: أن الهدف المركزي يتحدد في تنظيم النضال من أجل طرد الاحتلال، وبالتالي فإن الصراع هو ضد الاحتلال أساساً.
ثالثاً: يجب التركيز على النضال ضد كل الأحزاب والفئات الاجتماعية التي التحقت بالاحتلال، لأنها أدوات وغطاء له، وهي مافيات باتت تعمل على نهب العراق في إطار الفتات الذي يسمح به الاحتلال ذاته.
رابعاً: يجب التركيز على الطابع الوطني لمواجهة الاحتلال، وبالتالي يجب خوض صراع فكري ضد كل الميول الطائفية، وفضح كل القوى الطائفية، وتوضيح خطر نشاطها على مواجهة الاحتلال وعلى العراق ذاته.
خامساً: إن مقاومة الاحتلال يجب أن تتخذ كافة الأشكال، من النضال الشعبي إلى النشاط المسلح.
سادساً: إن "الدولة" التي شكلها الاحتلال، و"العملية السياسية" التي تجري في ظلها، لا تعني القوى الماركسية لأنها الغطاء لوجود الاحتلال ولشرعنته، وبالتالي فإن كل ما يمت إليها بصلة هو خارج الاهتمام، والمطلوب هو إنهاء "الدولة" التي كونها الاحتلال وليس إصلاحها، أو تحسين شروط وجودها.
سابعاً: يجب التركيز على الترابط مع كل القوى الماركسية في الوطن العربي، وتوحيد نضال كل القوى الماركسية والشيوعية ضد المشروع الإمبريالي الصهيوني.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انت تطرح اطروحات السبعينات للحركة الشيوعية
سمير نوري ( 2008 / 12 / 31 - 00:04 )
اخي سلامة كيلة انت تعيش في السبعينات من القرن الماضي ، لان الحركة الشيوعية في العراق قطع اشواطا خلال ثلاثة عقود مضى و انت اما لست مطلع على تطورات الحركةو اما انت تريد ارجاع دولاب التاريخ الى الوراء. ان افكارك غريب جدا بالنسبة للحركة الشيوعية في العراق احدا لا يجرؤ ان يطرح هكذا افكار في العراق في الوقت الحاضر و تحت راية اليسار الماركسي. انت بعيد جدا عن مجريات الحركة في العراق يقولون -العرب وين و الطمبورة وين- اني الآن ليس لي وقت كافي ان ارد على المواضيع المطروحة من قبلكم فقط اقول هذا الأفطار افكار السبعينات للحركة في العراق و لا يربطها اي رابط بالطبقة العاملة و النضال الطبقي.


2 - عزيزي سمير
سلامة كيلة ( 2008 / 12 / 31 - 12:16 )
يا عزيزي سمير يبدو أنني أعرف الحركة الشيوعية في العراق أكثر مما تعرف، فما أطرحه هو في تناقض مع ما كانت تطرحه آنئذ، وطرحها ذاك هو الذي أوصلها إلى القبول بالمشاركة في سلطة تحت الاحتلال، دون أن تطرح على ذاتها مهمة المقاومة هذه المهمة التي هي بديهية لكل ماركسي.
لقد كانت الحركة تنطلق من:
1) أنها لا تريد أن تلعب دور قيادي في النضال الطبقي، لأن الزمن ليس زمنها بل زمن البرجوازية. لهذا لم تفكر في استلام السلطة حتى وهي قادرة على ذلك.
2) كانت تنطلق من التكيف مع الأمر الواقع ولا تقاومه، لهذا انضوت تحت قيادة وسلطة البعث، ولم تصبح في المعارضة إلا حينما شن النظام الهجوم عليها.
وهي إلى الآن كذلك، تقبل أن تكون في ظل أيّ كان.
ما أطرحه هو هذا، ما هو الدور الذي يجب أن تلعبه الحركة الشيوعية؟ التكيف مع الأمر الواقع أم مقاومته؟ هل هذا منطق السبعينات؟
ربما تقصد أن الصراع ضد الاحتلال هو موضة قديمة؟ أم هل تقصد الإطار العربي الضروري لكل صراع حقيقي من أجل الاشتراكية قبل كل شيء آخر؟
السؤال يا عزيزي هو ماذا يطرح الواقع القائم من مهمات، ما هي المهمات اليوم؟ ولا أظن أنه في بلد محتل يمكن أن يكون دون الشيوعيين غير المقاومة؟
على كل أنتظر تحديدك ماذا تقصد بالضبط؟ لكي أستطيع النقاش فيما تعتبر أ

اخر الافلام

.. اليمين المتطرف في فرنسا يعتزم منع مزدوجي الجنسية من شغل مناص


.. تركيا تدعو سوريا -لاستغلال الهدوء- للتقارب مع المعارضة والتح




.. VODCAST الميادين | حمة الهمامي - الأمين العام لحزب العمال ال


.. غريتا ثونبرغ تنضم إلى آلاف المتظاهرين لأجل المناخ في هلسنكي




.. نيران تأتي على البرلمان الكيني إثر اقتحامه من آلاف المحتجين