الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة : القادمون للهلاك

مهدي بندق

2009 / 1 / 1
الادب والفن



(1)

الظباء الغواني الخرائد ُ
والسمهريات ُ برق ُ الخـُزامى الأقاح ُ القرنفل ُ
والياسمين اللواتي
تشبـّهْن بالمرأة العربية ِ ،
هذي التي يتمطى بها المسك ُ في الإبطيـْن ِ ،
فتنهض من ُسرر السيسبان ِ
لتغسل خصلاتـِها الذهبية َ بالأرجوان ِ ،
تفرّش ُ أسنانها بحليب الجـُمان ِ
أنا لا أراها ..
ولا هي ، فيما تقول ، تراني
ذاك ما بيننا من جحود ٍ تخذناه عمدا
مفاتنها ، وهي تعلم ، راحلة ٌ
وأنا قبلها قد رحلت ُ فمالي وللأعين ِ النـُجـْل ِ ،
أو .. للشفاه ِ التي تتقطـّرُ في القيظ ِ
بردا ً و ُشهدا
والرؤوس حواليا طائرة ٌ كالذباب ِ،
العظام ُ نقيع ٌ من النمل ِ ،
هذي الجماجم ُ فارغة ٌ تتبادل ُ
تحت الثرى الاصطكاك ْ
الجماجم ُ ؟! هاكم رفاقي
فأين القصائد ُ فيها ؟
وأين الدساتير ُ والفلسفات ُ ؟
وأين المقدس ُ والشهوات ُ ؟
وأين المصيد ُ وصائده ُ .. والشباك ْ ؟
لم يعد في الموانئ ِ غير ُ رياح ِ الغياب ِ ومهراسِه
والمسامير ُ عاوية ٌ والهياكل ُ غائرة ٌ في
جبين الفضا
تحتها صلصلات ُ جيوش ٍ من الميتين القدامى
يصيحون بي :
الجليد ُ هنا و اللهيب ُ هناك
ترى اخترتَ ماذا ؟
أيا قادما ً مثلنا للهلاك ؟
قلت ُ : هذا
وذاك

(2)

يا أخوتي المسلسلين في النوارج الجريحة
الغائصين في مزارب المدائن المفتوحة
إليكمو استراحة قصيرة بمهجتي
هنا تقام للثوى (1) المآتم ُ
فما لكم لا تحتسون قهوة الخذلان بالملوحة
والميتون أنتمو
والقادمون للعزاء أنتمو
أما أنا فمنشد ٌ أمامكم قصيدتي
وبحرها جهنم ُ

( 3 )

ساعة الـَغلس ْ
يقف المرء ُ على طلل ٍ بسيجارته ويبكي
يتذكر غرناطة
وهو ينفث الدُخـَان
ما ضره لو جلس
وتذكر الجولان ؟

( 4 )

في رقدة الوفاة ِ ُبدّلت ْ أحوالي
فمزقت ْ رغائبي عـِقالي
هفهفت ُ نفسي في ندى الإياب
عيساء َ ترعى ُحـلـّة َ الخيال ِ
والتبغ والأوركيد والحـَباب
وكاعبا ً تمتاح من بيادر الضوء ِ ما
تمتاح بالأهداب
تذروه في سنبله ِ ،
وما يفيض منه ..
تعدو به إلى ّ كالغزال ِ
... ... ...
فمن ترى ذكـّرني بـ عِلـّة ِ الكـُلى
وعاطل ِ الطحال ِ
ومن ُترى أتى إلي تلالي
بمزنة ٍ ، الغيث ُ فيها للعدو القالي
وكل ما في الكون ِ من ظما .. لي

( 5 )

يقول لي شهاب ُ فحمة ِ الجلمود
- لا تبتئس فكلكم معي
في دورة الهبوط والصعود
فقلت ُ إني آخر الهنود
لعقت ُ في بغداد إصبعي (2)
ولوعتي تسبقني لرمسيَِ الموعود
لتنثر الديدان في دمائي
لكنني في سائر العواصم الصـّماء ِ
رأيتني ُأعـَدّ ُ للرواية الدورية
ممثلا ً يرائي
أو جالسا ً في مكتب الحدود
مراقبا ً بغير بندقية
فلا أموت ميتة الجنود
ولا أنا من جملة الأحياء ِ

فقال لي معزيا ً
- يكفيك أن ُذكرت َ في التوراة والتلمود
يكفيك أن نجوت َ بالركوع والسجود
مما رأت ثمود
فاقنع بهذا البين ِ بين ْ
وخذ من اللقاء ِ
زادا ً لعصر البيـْن

( 6 )

عن طاعتي لأولياء الأمر في تعاقب الدهور
كوفئت ُ بارتداء هامة ٍ تطير في الهواء
من قبل أن يحتزها مسرور
وجثة ٍ منزوعة ِ الحياء
تفر من لقائها القبور
فحاذري يا حدأة َ الأباطح
أن تلمسيها .. ربما يحل ُّ فيك الداء
... ... ...
لم تستمع لقولي َ الحمقاء
فأصبحت دجاجة ً ُتعد ُّ للعشاء

والقطط ُ المدربات ُ يرحن ويجئن
على نواصي وول ستريت صائحات بنشوة ٍ
Shock and Awe
يعرضن ريقهن للعلاقة الفموية
ثم يحلن إلى مجلس الأمن القضايا المعقدة
مثل : هل الإنسان مسير أم مخير ؟
ومثل : هل مص ُّ بصاق ِ الصديق ِ ُيفسد الصيام ؟

(7)

عناكب المسلـّمات في سرادب الدماغ
لا تستقيل ُ إنما تقابل الرميم
في دارنا ، بصيـّب الأصباغ
فننتشي بزهوة من زائف الصبا
ونشرب التمويه َ شرب الهيم
وفي فراش العهر والفراغ
نضاجع الموتى من الحريم
نساءنا المروعات ِ مثلــََنا
آه لنا من نسلنا الغريم

(8)

قرار بفصل أبي سعيد السيرافيّ
ويونس بن متـّى (3)
من وظيفتيهما بجامعة الدول العربية
وقرار بإلغاء المواد : الأولى والثانية والثالثة
وسائر المواد ( بالمرة ) من ميثاق حقوق الإنسان


(9)

قالت قصيدة ُ النثر ِ
للمتصابية ذات المصراعين :
أنا عملك الردئ ُ أنا بروليتاريا الشعر
وبثورتي عليك لم أخسر سوى أغلالي
فلماذا لم أربح العالم كما قيلا ؟
فجاء من أقصى المدينة رجل يسعى
بفائض القيمة ِ وتأتأة الشغيلة ِ ومنتوجات أودية ِ
السليكون .. بماء كالمهل ِ ، ومدن ٍ كالعهن ِ
وشجر ٍ كالفروج

سألته ٌ فأين يا سليل " منشم ٍ " أخوالي (4)
سلافة ُ الإكرام والقـِرى ومنبع ُ الجلال ِ
فقال إن دجلة الذي يوضئ النجوم َ
والنخيل َ والأعناب
أهريق في معتقل الرمال ِ
وهاجر الفرات ُ خلسة ً
كي لا يبول في قفاه الوالي
والنيل ُ ذاك السيد المهاب
قد صار كبش العيد في الحبال ِ
يبيعه التجار ُ باسمين
لـ "عازر" القصـّاب

(10)

يبدأ موسم الحج الثوري من مدينة سياتل
حيث تطوف الجموع ملبية ً بميادين جنوا وديربان
وبورت إلليجري
وفي قاموسنا المحيط يزداد الدولار زخـْما ً وزخـَما
فانتبهي يا عشيرتي لهذه الإشكالية الكتابية
فالزخـْم – بتسكين الخاء – يعني الدفع الشديد
والزخـَم – بفتحها اللعين – معناه الرائحة النتنة
... ... ...
فلتسكنوا وتزخموا شعوبكم ُتيسروا
أو فانظروا إلى اليسار ُتعسروا
فتشعروا وُتشعروا وُتقعشروا

(12)

هنا الزيتون بالكُـلاب ِ كالأسنان مقتلع ُ
وكل منازل الرهط ِ
مجنزرة ٌ مجرفة ٌ مونشة ٌ
يحل ُ البوم ُ في الأركان ، والغربان ُ والقمـَع ُ
وتلك مخادع ُ الزوجات للتفتيش تمتقع ُ
بها الأثداء ُ ما ُسترت ْ ولا أطفالـُها رضعوا
وكل إشارة منكم
مسامحة ٌ لمن صفعوا
مسافحة ٌ بمن دفعوا
مسالمة ٌ لمن لدياركم بالحرب يندفع ُ
وتلك تفعيلات ُ "الدولار" الوافر
وأنتم تعلمون
هللويا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


هوامش :
1- الثوى : البقاء
2- لعق الإصبع : كناية عن الإحتضار
3- مناظرة النحو العربي مع منطق أرسطو – أنظر أبا حيان التوحيدي
4- منشم : إمرأة عربية عطـّرت جيشا ً فأبيد جميعه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | الناقد طارق الشناوي يرد على القضية المرفوعة ضده من


.. ياسمين سمير: كواليس دواعى السفر كلها لطيفة.. وأمير عيد فنان




.. تفاعلكم | بعد حالة الطوارئ الثقافية التي سببها في الرباط، حو


.. تفاعلكم | مخرج فيلم -آخر سهرة في طريق ر-، محمود صباغ، يرد عل




.. أحمد السقا يروى كواليس تعرضه للخطر في أفلامه ونجاته من الموت