الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذاكرة الناس ... عذوبة الصدق

النصير ئاشتي

2009 / 1 / 1
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


تنهضُ صباحا ً، تحاول ُأن تفر َ من أخطبوط اِليأس ِ،الذي يحيط ُببعض جوانب حياتك ، ولكن عبثا ً، مادامت ْغيلان ُالحزن تسيرُ الهوينا الى خلجات ِروحك ِ، رغم َوجودك َبعيداً عن منعطفات ِالوطن ِالحادة ِ، غيلان ُالحزن رأيتها في حواجز الأسمنت ، وأزدحام ْالطرق ِ، وبكاءْ بغداد على سالف عصرها ،وأنحناءات نهرِ دجلة في مسيره ،يزوغ ُربما خجلا من ضفتي بغداد فيهرب ُمن رصافتها الى كرخها ، مثلما يهربُ من كرخها الى رصافتها ، فتستعيذ ُمن الحزن بإبتسامة ٍخفية ٍمن عينيَّ زمن قادم .
تنهض ُصباحا ً، كي تروي ظمأ الشوق ، وأنت في منفاك ، للبلاد التي ماغادرتك تفاصيل ذكراها ، رغم كل إغراءات الغربة .
قلت َ الشوق ُ؟ومنذ يومين عدت من هناك !
ليس ثمة َزمن ٍمحددٍ للشوق ، اللحظة هي الشهر والشهر هو السنة ، فمنذ إن بدأت العجلات المطاطية ، تهيأ ُهذا الكائن الحديدي للتحليق في فضاء أربيل ، بدأ هاجس الشوق يغزو روحك ، وأنت تنظر ُ أرض المطار ، وكأنك لن تعود َ ثانية ً.
فلربما قد لا تعود ْ،
ولربما يغريك َفي هذا الجليدِ بياضه ُ،
فتغض ُطرفك َ،
ثم تنسى ،
لوحة ًقد أطرَ التاريخ ُ ،
أشرعة ًلها .
تنهض ُصباحا ً، كي تروي ضمأ الشوق ، لتلك البلاد التي ماغادرتك تفاصيلها ، مثلما لم تغادرك خيوط إنتمائك ، تروي ضمأ شوقك ، حين تستعيد َكل تلك الأيام .
ولكن َّمغريات الغربة ، يحلم ُبها حتى سكان المنطقة الخضراء ، فكيف َلك َأن ْتغادرها ؟؟ إشبعْ غروركَ الثوري بمقالات ٍثوروية عن الأحتلال ، وأشتم الحزب الشيوعي ، كي يدعوك البعض ألهة للديمقراطية !! ، أو ألهة للتجديد في اليسار العراقي !!أحتسي ماشئت من الويسكي الأسكتلندي ، وتمتعْ بالتيار الكهربائي المتواصل طيلة العام ، وتنصل ْعن إنتمائك للشيوعية ، والتي من أجلها لجأت الى بلاد الجليد الدائم ، فليس هنا من أهل أو أصدقاء تخشى لومهم ، وليس هنا أم ٌ تذكرك بقصيدة البراءة ، أو أخت تعاتبك على ما تحملتْ من أجلك .......الخ
تنهض ُصباحا ً، تفكر ُ مليا ً، ما لكَ وهذا الذي يدعونه الوطن ؟؟ هل انت الذي جئت بالمحتل ؟؟ وهل أنت الذي زرعت كل هذا الخراب ؟؟ أما عملت الكثير من أجله ؟؟ فهل أنصفك َ ولو بشبر من أرضه يستقر ُ به جسدك ؟؟
تنهض ُصباحا ً، تنفضُ عن راسك غمامة َهذه الأفكار ، حين تتذكر أبتسامة رفيقك الذي يتابع البريد الوارد الى الجريدة ، ليس في الغرفة سواكما ، وبصوته الهادئ ، يقرأ لك رسالة عامل الميكانيك ، والتي يروي فيها ، من أنه يشتري كل شهر خروفا ً ،بعد أن يتأكد من صحته ، يذبحه ويقطعه ويخزنه في المجمدة ، وقد حذر زوجته من شراء اللحم من القصابين ، وفي أحد الأيام وحين عودته من العمل ، رأى على منضدة المطبخ فخذين من لحم الغنم ، عندها استشاط غضبا ، وذكرها بتحذيره لها ،
إلأ إنها أجابت وببرود تام ، من أن هذا اللحم صحي وجيد ، عندها ثارت ثائرة الزوج ، وسألها ، كيف عرفت من أن هذا اللحم صحي وجيد ؟؟ وببرودها التام قالت :
( لأن صاحب المحل مخلي لافته جبيرة بالدكان مكتوب عليهه وطن حر وشعب سعيد )
أن تستعيد الأن حزنك ،
ليس من ألم الفراق ،
إلا بأن تمضي بعيدا ،
حيث يأتيك العراق ،
على أكف الحالمين من الرفاق .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
محمد خليل عبد اللطيف ( 2009 / 1 / 1 - 02:58 )
كلام رائع لايصدر الا من مبدع

اخر الافلام

.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا


.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ




.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم


.. التوافق بين الإسلام السياسي واليسار.. لماذا وكيف؟ | #غرفة_ال




.. عصر النهضة الانجليزية:العلم والدين والعلمانية ويوتوبيا الوعي