الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسلحة وثقافة التسلّح الحربية...!

مازن فيصل البلداوي

2009 / 1 / 2
الارهاب, الحرب والسلام


كما هو معروف لدى معظم الناس أنّ تسمية (ألأسلحة الحربية) هي خاصة بالأسلحة التي تستخدم في الحروب التي تقوم بين الجهات المتصارعة على مستوى دول أو شعوب ولتمييزها عن أنواع أخرى من الأسلحة والتي قد تستخدم في ألأعتداءات أو ألصراعات الشخصية وتاريخ ألأسلحة حافل بالتطور ومنذ زمن بعيد،منذ بدأ الأنسان بتطوير آليات ألصيد بما تطلّبته مراحل تطوره وضرورات أستخدام الأسلحة حتى وصلت الى مرحلة التصنيف النوعي حسب مجالات الأستخدام.
ومن الطبيعي فقد كان للتطور العلمي الذي تحقق تزامنا مع التطور الأجتماعي وألأقتصادي للأنسان كبير الأثر على تطور الأسلحة النوعي وحسب الحاجة لحماية المكتسبات التي حققتها المجتمعات لاحقا.ونظرة متفحصة دقيقة في تاريخ الأسلحة وصناعتها نجد ان أهم تصنيف قام عليه وضع الأسلحة من بدايات القرن الماضي هو وضعها تحت صنفين أساسين،صنف دفاعي وصنف هجومي ولم تكن بهذا الشكل أبان فترة الحروب التي قامت خلال القرن التاسع عشر،فبعد قيام الحرب العالمية الأولى وأنتهائها تبيّنت الحاجة الى مثل هذا التصنيف لأن الدول الكبرى التي كسبت الحرب وأعادت توزيع المكاسب التي حصلت عليها من خصومها دعى الى التفكير في موضوع التصنيف هذا ليتم فيما بعد السيطرة على سوق السلاح العالمي كما كان واضحا وجليا بعد الحرب العالمية الثانية التي أعادت تشكيل خارطة المصالح والمكاسب العالمية على حسب ماأنتجته الحرب.
وبعيدا عن الدخول في حيثيات عملية التطور في أنتاج الأسلحة وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى،نجد أن مصانع الأسلحة أو الشركات التي تخصصت فيما بعد في مجال صناعة الأسلحة قد طورت دراساتها وبحوثها وتم صرف الكثير من الأموال لهذا الغرض،فنرى أنّ اليابان وألمانيا اللتان خسر محورهما المتعاضد الحرب أصبحتا دولا لاتمتلك أرادة كاملة في مجال تصنيع الأسلحة الأ بالقدر الذي تسمح به دول الحلفاء التي كسبت الحرب لتبقي هذين البلدين تحت ضغط خسارة الحرب ولتقتنع كلتا الدولتين بأنتاج ألأسلحة الدفاعية فقط،أي صناعة الأسلحة التي تدافع فيها عن نفسها لو أضطرت لخوض حرب ما،وسيطرت الولايات المتحدة ،بريطانيا،فرنسا،وألتحاد السوفياتي(سابقا) على سوق الأسلحة العالمي وتطورت هذه الصناعة التي كانت تشمل الصنفين مع بعضهما (الهجومي والدفاعي) وقامت كل من هذه الدول بتزويد مستعمراتها القديمة وكل حسب مستعمراته بأنواع الأسلحة والذخائر وعلى مدى زمن ناهز الـخمسـون عاما والى يومنا هذا،ناهيك عن مدّ الكثير من الفصائل التي كانت يتم دعمها عسكريا وسياسيا كل على حدة وحتى أشتباكات القبائل المتصارعة على بئر ماء كان يتم بموجب تلك المعايير،لذا فأننا نستطيع ان نجد داخل دولة واحدة مجموعة من الفصائل المسلحة المتصارعة تستلم أسلحتها كل حسب الداعم الرئيسي،فتجد في نفس المكان أسلحة أميركية وروسية وبريطانية........!
وتطورت هذه الصناعة بشكل كبير وأصبح لها سماسرتها وتجّارها ووسطائها فارتبط الجميع بحلقة مصالح متبادلة مترابطة بشكل وثيق وأتسعت الحلقة لتكبر وتكبر وصارت تسيطر على الكثير من مناحي الحياة في بلدان متعددة وتعمّقت علاقاتها لتصبح حلقة سياسية أقنصادية تسليحية كي تبقي عجلة أنتاج الأسلحة دائرة في خط الأنتاج بعدما أصبحت المكاسب الأقتصادية لهذا القطاع كبيرة وتشكّل جانب مؤثرا في تقييم الميزانيات السنوية للدول الصانعة واخذت هذه الأسلحة جانبا كبيرا من جوانب الحياة على وجه الكرة الأرضية وأتخذت جانبيا أعلاميا على مستوى عال من الأهمية والتأثير على الناس فقد دخلت صناعة الأفلام الحربية والبوليسية مدخلا أدى الى أنتشارها بشكل واسع أثّر على طريقة تفكير المجتمعات وخاصة الأجيال الناشئة بعدما أصبحت هذه الأفلام في متناول الجميع أما عن طريق الستلايت أو عن طريق الأقراص المدمجة فأصبحت مشاهد القتل والتدمير حاضرة في كل بيت كما لو أن الحاضرين قد كانوا شاهدين على المعركة وحضروا المشهد وبدأت هذه المشاهد تشكل جزءا كبيرا من ثقافة جيل الشباب المعاصر للزمن الذي قامت به حروبا حديثة وأتخذت مسارات وصل قسم كبير منها الى التطرّف في ثقافة الأسلحة وأتى متزامنا مع ظهور خطوط سياسية جديدة على أرض الواقع وفي شتى أرجاء المعمورة.

لقد بقيت الأسلحة ومنذ زمن طويل ملازمة للكثير من الناس ولأسباب عدة أهمها كان الدفاع عن النفس وبصورة شخصية،ألا ان ألأسلحة وبصورتها الحربية والمخصصة للقتال بين الفئات المتصارعة كانت بشعة بشكل لايصدّق على كثرة ماحصدت تلك الأسلحة من الأرواح لأطفال ونساء وشيوخ ورجال غير الذين أيتمتهم ورمّلتهم وأعاقتهم وصاروا عالة على المجتمعات يستنزفون مصادرها المالية لتأهيلهم وأعادة دمجهم مع المجتمع بصورة طبيعية وكل فئة من تلك الفئات وتبعاتها الخاصّة بها، وبقيت تلك الأسلحة عوامل ضغط أو تفوق أو ضعف لجانب تجاه الجانب الاخر تتلاعب بهم وبمصائرهم الفئات التابعة لتلك الحلقة التي ذكرناها وأذ كنا قد أشرنا الى أن مصالح عجلة انتاج الأسلحة كانت تعتمد على أثارة الأزمات هنا وهناك من أجل أبقاء عجلة الأنتاج دائرة لاتتوقف فقد كان لها نصيب أكبر من ميزانيات دول كانت ولازالت تخصص أموال طائلة في سعيها لشراء الأسلحة وتجديد ترساناتها الدفاعية أو الهجومية كل حسب موقعه على خارطة المصالح العالمية وهي معين لاينضب لشراء الطائرات والدبابات والعجلات المدرعة وصولا الى أسلحة ألأفراد.

وكما ذكرنا فأن عنصر التطور التكنلوجي كان ينصب على التطور التسليحي بشكل كبير وأوضح مايمكن رؤيته هو عند استعراض أحداث الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية وانقسام دول العالم الى معسكرين أساسيين سميا حينها المعسكر الشرقي الذي ضم مجموعة الدول التي كانت حصريا تحت سيطرة الأتحاد السوفياتي السابق وحلفاؤه أضافة الى الأنظمة السياسية التي كان يدعمها الأتحاد السوفياتي، والمعسكر الغربي الذي ضم الولايات المتحدة وحلفاؤها أضافة الى الأنظمة التي كانت ولازالت تدعمها الولايات المتحدة وبدأ المعسكران سباقا للتسلح وصل الى حد أنتاج الصواريخ البعيدة المدى سميت على أثرها تلك الفترة بفترة الحرب الباردة اشارة الى ان هناك استعدادا للحرب ان حلّت ولكنها كانت مخفية غير معلنة وتعيش تحت غطاء يتحكم به المعسكران كيلا تنفلت الأمور مما قد يؤدي الى حرب حقيقية قد تنهي العالم ومن يعيش على أرضه، وان كان هذا الأحتمال لازال يعيش بين ظهرانينا الى اليوم على الرغم من تفكك المعسكرين او على الأقل تفكك المعسكر الشرقي.

لايعلم أحد ولن يستطيع ان يعلم مدى تأثير ثقافة السلاح او التسليح على الأداء المستقبلي للعقول التي حملت بين طياتها ثقافة السلاح وأهميته كونه عنصر تعايش معه ذلك العقل مما جعل السلاح جزء لايتجزأ من الموصفات الشخصية للفرد او لتركيبته البنيوية وهذا بدوره سيبقى فعالا ومؤثرا على مناحي الحياة اذا ترك هذا الأمر بلا رعاية وبلا ثقافة مسؤولة من لدن الحكومات والمجتمعات وعلى الأخص منظمات المجتمع المدني ترشد وتوجّه أفرادها الى الخطر الحقيقي وراء استعار ثقافة الأسلحة باعتبارها سببا رئيسيا في كثير من الكوارث التي مرّت بها مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص ويجب على الجهات الرقابية ان تكون مطّلعة وبشكل مكثّف تجاه كل مايجري على هذا النطاق لأنّه جزء لايتجزأ من عملية أعادة بناء الأنسان ومدنيّته نحو حياة أفضل ومستقبل واعد.

الحقيقة انّ هذا الموضوع،هو موضوع متشعب ومتشابك وله كثير من الفروع التي تتداخل مع بعضها لتشكّل بالنتيجة خلاصة قد أكون أوجزتها بقدر السطور التي كتبت، وعذرا للأطناب










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أضواء قطبية -مذهلة- تنير السماء بفعل عاصفة شمسية -تاريخية-


.. النيابة العامة في تونس تمدد الاحتفاظ ببرهان بسيس ومراد الزغي




.. الجيش الإسرائيلي يعلن تكبده خسائر بشرية على الجبهة الشمالية


.. الحرب تشتعل من جديد في جباليا.. ونزوح جديد للغزيين




.. بعد الزلزال.. غضب في تركيا و-مفاجآت سارة- في المغرب