الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
شهوة الصمت
محمد بقوح
2009 / 1 / 5الادب والفن
انتظرت حتى اختفت قدماي في عمق التراب .
الحافلة الحمراء المرقعة في جهاتها الأربعة ، يبدو أنها لن تصل أبدا ..
تذكرت مهزلة الثقب الواسع ، الذي بدأت تتفاقم رائحته الكريهة ، في أسفل الكرسي الجلدي .. كرسي سائق الحافلة طبعا ..
فكرت في ركوب سيارة الأجرة الصغيرة . لا أثر للسيارات ، و بدلا منها رأيت عربات ممسوخة ، يجرها آدميون .. أو هكذا بدت لي ، أنا على الأقل .
جاءتني فكرة ، و هي محاولة الحفر في التربة ، حيث وجدت جسدي، كما لو نبت مزهوا كقصبة فارعة ، في شارع المدينة هذا الصباح . و لما التصقت أصابعي الصلبة بوجه التراب ، عند مستوى ركبتي اليسرى، أصبت بخيبة أمل ، لأنني وجدت أصابعي عارية من مخالبي ، التي أمضيت دهرا طويلا معتنيا بها ، من أجل ظرف قاس كهذا . قلت ما الفائدة من جسد مشدود إلى تربة صلبة ؟ و ما الفائدة أيضا من أصابع خالية من أظافر كأصابعي ؟ . فأدخلت يدي اليمنى داخل قميصي لأجذب خنجرا كانت تلازمني في أسفاري ، لأقطع بها ما تبقى من مهزلتي .. أقطع أصابعي العشرة ، و أرميها قطعة قطعة للكلاب الضالة .. و بدل أن أخرج الخنجر بقيت يدي ملتصقة بصدري. دون أن أفهم ماذا يحصل لي ..أنا الذي لم أكن أنوي، سوى الوصول مبكرا، إلى مكان عملي ، لأقوم بواجبي أحسن قيام .. ككافة البشر في هذا العالم الشاسع ..
نظرت يمينا و يسارا، فوجدت الناس المنتظرين معي ،على قارعة الطريق ، يتبادلون أطراف الحديث ، فرحين و مزهوين ، منهم من اختلى بعشيقته يغازلها ، و منهم من اختار ركنا يقهقه متسليا بلعبة "الضاما"، وسط سحب متعالية من الدخان الكثيف ، في حين حاولت بدوري المناداة على أي شخص من كل هؤلاء ، حتي يعرفني بحالي ، و يخبرني بمن أكون ؟؟ لكن ، لحسن حظي ، وجدت فمي الواسع ، سعة الحلم ، خاليا حتى من أدق عناصر لساني .. فلم أر حينذاك مانعا ، من مواصلة مسيرة هذا الانتظار الطويل ، المغسول بمياه شهوة الصمت ..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شبيه الفنان دريد لحام ضيف صباح العربية
.. اللوحة الأخيرة لأشهر فنانة برازيلية تظهر فجأة .. والتحقيق سي
.. إلغاء حفل -هولوغرام- للفنانة الراحلة ذكرى في تونس.. ما السبب
.. موجة من ردود الفعل على رسالة حكومية مُسربة تؤيد ترشيح وزير ا
.. محمد الأخرس: الرواية التي قدمتها المقاومة الفلسطينية حول عمل