الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وحدهم أهل غزة يدفعون ثمن الجحيم الإسرائيلي

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2009 / 1 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


لا يخالجني شك في أن أميركا هي (الشيطان الأكبر) في العالم، والشيطان هو الكائن الذي يرفض ويتمرد ويوسوس ويخرّب ويستمر قدماً، غير عابئ بخسائر (الأخوة المؤمنين ـ الطيبين والسذج)..
ولا يخالجني شك في أن إسرائيل مشروع إمبريالي متوحش، ماكر ومخادع، لكنه في الوقت نفسه مشروع حقيقي ومصيري وعصي على التحطيم، فضلاً عن رمي أصحابه في البحر.
ولا يخالجني شك أيضاً بأن العالم العربي قد تحول إلى أضحوكة من الصعب تكرارها في زمن العولمة،
ودرس غزة اليوم خير دليل عما نقوله.
المؤكد أن ما يحصل في غزة هو جريمة بحق البشرية جمعاء، فضلاً عن الفلسطينيين والعرب والمسلمين..
فالآلة الوحشية الإسرائيلية اتخذت قرارها في دفن غزة، وتحويلها إلى أشلاء أمام عيون العالم أجمع، لتقدم درساً دموياً في بشاعة القتل والمجازر الجماعية ضد الإنسانية.. وتعلنها بوضوح وقح أن (هذا الشيء!!) ـ على حد تعبير تشرشل ـ المسمى أمم متحدة ومجلس أمن لم يخلق إلا لإعطاء الشرعية للأقوياء، أما (المستضعفين في الأرض) وأصحاب الكتاتيب فلهم أمم متحدة أخرى .. ربما كانت في السماء!!
أميركا غير عابئة بالدم الفلسطيني، وتبدو كأنها غير معنية بذلك، إن لم تكن مشاركة بالجريمة، تحريضاً وحمايةً للإسرائيلي الذي خرق جميع قواعد اللعبة الدولية..
مجلس الأمن ـ الممثل الدولي لأمم العالم، لم يهزه أكثر من ثلاثة آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، لكي يصدر ولو إدانة للقتل فضلاً عن المطالبة بوقف العدوان.
الزعماء العرب لم يجرؤوا على عقد قمة، لأنهم استبقوا الحدث وتيقنوا أنها قمة ستبدو عبثية، وهزلية باستنكارها لعدوان يتطلب موقفاً عملياً، وتهديدات حقيقية، إن لم يكن تحريك جيوش وإشعال جبهات.. وهو الأمر العاجزين حتى عن التفكير فيه.
الشارع العربي الغاضب يبدو مستلب الإرادة، وتبدو جماهيره أشبه بالمصفقين أو الهتافين الذين يريدون تسجيل موقف ليس إلا.. ولا أشك بنوايا هؤلاء وصدق غضبهم إزاء المذبحة، ولكن غياب الديمقراطية والتمثيل الشعبي عن (المؤسسات) السياسية داخل الأنظمة العربية يجعل من موقفهم (جعجعة بلا طحين)!!
ويبدو بالتالي الغضب العقائدي بأنه يفرغ شحنة إيمان، والهتافات القوموية تفرغ شحنة وطنية، أما التوتر أمام شاشات التلفزة وهي تعرض شوارع غزة وقد زرعتها قوات الاحتلال بالجثث فليس له موجب إلا كسر ملل الركود ورتابته، وهو الأمر الذي أصبح اعتيادياً إزاء محنة الفلسطينيين والعراقيين واللبنانيين.. ومحنة بقية شعوب العالم العربي تحت حصار الاستبداد والأنظمة التوتاليتارية، والأخطر تحت حصار التأخر التاريخي.
حماس بدورها تعلن صمودها (حتى لو أبيد القطاع بأكمله).. فمشروعهم مشروع شهادة أو نصر.. وبما أن النصر الحقيقي بعيد فلتكن الشهادة إذاً!!
لكن قيادة الشعوب والأمم لا تتم عبر الشهادة وحدها، هناك أجيال يجب أن تستمر وتبقى وتتقدم حضارياً لتستطيع استرداد الحقوق التاريخية.. ذات يوم.
أما فتح فما زالت تراهن على المفاوضات والعملية السلمية، وعلى دور السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ولم تقتنع حتى اليوم أن مبدأ المفاوضات يحتاج إلى مبدأ القوة أيضاً، وهذا يحتاج إلى وحدة الصف الفلسطيني.
وحدهم أهل غزة يدفعون الثمن، وحدهم يعيشون الجحيم الإسرائيلي في أكثر صوره إجراماً وهمجية، ولن يذكر التاريخ يوماً إلا تلك الدماء البريئة التي عافتها أرض المسيح وأرض الأقصى لكثرة تدفقها، وغزارة جريانها منذ أكثر من نصف قرن.
والخطير أنها الدماء التي كلما تدفقت، كلما ضاقت خياراتنا، وكلما بكينا على خيارات الأمس، وامتلأنا رعباً من خيارات الغد.
هل نستطيع فهم درس غزة اليوم؟!!
لا حل للشرق الأوسط، فلا تنمية ولا مدنية، ولا حضارة، ولا دول وطنية في العالم العربي، دون حل عادل للقضية الفلسطينية.
الدرس الآخر: أن الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع حضاري، ما دامت المدرسة الإسرائيلية متفوقة على مدارسنا، علمياً وثقافياً.. فسنظل مهزومين، ولن تنفعنا الهتافات والشعارات والتجييش وجميع التنديدات والاستنكارات العالمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل