الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقلالية القضاء في ديمقراطيتهم ، واذلال المواطنين باسم ديمقراطيتنا

فاطمة واياو

2009 / 1 / 6
حقوق الانسان


قدم الوزير الاول البلجيكي يوم الجمعة 19 ديسمبر الماضي، استقالة حكومته لجلالة الملك البير، وياتي هذالقرار في اعقاب تلقي الحكومة البلجيكية برئاسة إيف لوتارم لاتهامات بمحاولتها منع إحدى المحاكم من عرقلة بيع بنك فورتيس البلجيكي المتعثر إلى بنك بي أن
بي باريبا الفرنسي.

معلوم أن هذه القضية أدت إلى تنحي وزير العدل جو فانديوزن مباشرة عقب صدورتقرير لرئيس محكمة النقض غيسلان لودرس يعلن فيه أن لديه ما يشير إلى أن الحكومة مارست ضغوطا على القضاء وإن كان لا يملك أدلة.

هكذا أصبحت في بلجيكا فضيحة اطلقت عليها الصحافة البلجيكية فورتيس غيت، والتي عصفت بالحكومة برمتها بعد ان اجبرت وزير العدل على الاستقالة.

لايمكن ان يختلف اثنان في كون مجال القضاء واستقلاليته من أهم الركائز التي تنبني عليها الديمقراطية الحقيقية، وإن اية حكومة ديمقراطية تحترم المواطنين لا يحق لها ان تمس بجوهر الديمقراطية الا وهو القضاء المستقل. ورغم ان الظروف التي تمر بها المملكة البلجكية ليست بالهادئة خاصة مع الازمة المالية التي اثرت في الاقتصاد البلجيكي ، إضافة للازمة السياسية المتمثلة في تعثر الحكومة المستقيلة عن إيجاد ارضية مشتركة بين اطرافها لحل الاشكالات الدستورية، رغم كل هذا فإن التقاليد الديمقراطية حينما فرضت استقالة الحكومة بسبب مسؤوليتها في قضية بنك فورتيس، اتخذ القرار بدون تردد.

لعل ما يحز في النفس ، عندما نولي وجهنا في اتجاه المنطقة العربية ، التي تكثر فيها الفضائح بالجملة ، تصل إلى حد القتل ومشاركة القضاء في التستر على المجرمين-قضية العبارة المصرية- ومباركة الحكومات وتزكيتها لشتى اعمال الظلم والاستغلال ، دون ان يستحي المسؤولون او يكترثوا، فبالاحرى الاعتراف والتنحي.

المسؤول العربي لم يتعلم ادبيات الديمقراطية قبل ان يعتلي منصبه، كل ما لقنوه له هو كيف يحسن فن الخطابة باستحضار القاموس الديمقراطي، من اجل الظفر بالمنصب، ثم بعدها يولي ظهره لوعوده ولكل ما يمت للديمقراطية بصلة، كيف له ان يكون ديمقراطيا وهو لا يرى في المنصب سوى فرصة للاستغناء وللحصانة كي يصبح مجرما فالتا من العقاب.

من المحيط إلى الخليج تفوح رائحة الفضائح، قد لا يتسع المجال للوقوف عندها بالتفصيل، سنبدأ بالمغرب نموذجا لذكر بعض هذه الفضائح على سبيل الذكر لا الحصر:


فضيحة النجاة:

تعود فصول هذه المسرحية التراجيدية فضيحة النجاة إلى ربيع 2002 ، حينما تم الاعلان على ان شركة خليجية مقرها بالامارات العربية المتحدة تسمى النجاة تود تشغيل الشباب المغربي العاطل قد يصل عدد المشغلين إلى 30000 شاب ، لم يكن الامر سيكون ذا اهمية لولا تدخل الدولة في شخص وزير التشغيل آنذاك عباس الفاسي، مما اصبغ على العملية الشرعية والجدية، حيث أن حوالي 90 ألف شاب مغربي قدموا ملفات ترشيحهم لدى فروع الوكالة في جل أنحاء المغرب ليتم اختيار 30 الفاً منهم من قاموا بإجراء فحوصات طبية بقيمة900 درهم، وغيرها من مئات الدراهم لإعداد الوثائق اللازمة لذلك، على أساس تسلم مناصبهم بأجرة تتراوح ما بين 6 آلاف و7 آلاف درهم، لكن هذه الأحلام سرعان ما تبخرت وتحولت إلى مأساة اجتماعية كبرى طالب من خلالها الضحايا بمحاكمة المسؤولين على هذه الفضيحة وعلى رأسهم وزير التشغيل عباس الفاسي الذي لم يحاكم ولم يقدم الاستقالة.
اليوم وبعد مرور خمس سنوات ، لم ينصف القضاء المغربي ضحايا فضيحة النجاة، ضحايا تكالب الشركة الوهمية واجهزة الدولة من وزارة ومكتب التشغيل واعوان السلطة، بل إن اشكال الاحتجاج التي خاضها الشباب الضحية لم تجد سوى الهراوات والكلاب البوليسية، فهل هذه هي التقاليد الديمقراطية؟ ومن المفارقات العجيبة ان وزير التشغيل عباس الفاسي سيصبح هو الوزير الاول الحالي!


فضيحة التصويت على قانون المالية لسنة 2009 :


من بين مظاهر الإسفاف والإستخفاف بمصالح وبثقة المواطنين، عدم حضور النواب في جلسة تعتبر من بين اهم جلسات مجلس النواب، فقانون المالية في كل الدول الديمقراطية هو
المحدد لسير وتطبيق السياسات العامة للبلاد، ما وقع خلال جلسة التصويت على قانون المالية لسنة 2009 في البرلمان المغربي حيث حضر 95 نائبا فقط من أصل 325 للتصويت على أهم قانون يصوت عليه سنويا ويعرف إهتمام كل الفئات و المؤسسات .
هكذا يضر النواب بمصالح منتخبيهم ويؤكدون لا مبالاتهم بالشعب المغربي ويتنكرون بوعودهم خلال الحملة الانتخابية فهل فكر القضاء المغربي والحكومة المغربية في انصاف المواطنين؟


فضائح الاختلاسات بمؤسسات عمومية:

بالرغم من ان ميزانيات ضحمة ترصد للمؤسسات العمومية وتسييرها، فإن دورها في تغيير الواقع الاقتصادي والاجتماعي شبه منعدم ام قليل التأثير مما يضع كثيرا من التساؤلات عن جدوى هذه المؤسسات وهذه الميزانيات ومما يزيد الوضع كارثا وفضائحيا هو الاختلاسات والاختلالات في التسيير المالي امام مؤشرات تضع المغرب في مرتبة متدنية على الصعيد العالمي وتقارير تشهد على تراجع البلاد في الكثير من الاصعدة.


لعل ما جاء في تقرير المجلس الاعلى للحسابات من التخوف من تزايد الاختلالات مع بروز معطيات عن اختلاسات مهمة حدثت في مؤسسات عمومية كبيرة تبخرت بفعلها مبالغ خيالية، يؤكد ان اليات المراقبة ضعيفة إن لم نقل منعدمة، خاصة وأن القانون المالي لا يخضع هذه الاليات للمحاسبة، ومع غياب المساطر القضائية في مثل هذه الجرائم والتجاوزات يصبح الوضع مؤشرا على أن هناك فسادا إداريا وأن الدولة بدأت تعيش مرحلة مرضية قد تنذر بعواقب اجتماعية واقتصادية لا يمكن التكهن بمداها ونتائجها، ويبقى التساؤل عريضا وماساويا :هل هناك ديمقراطية في ظل المحسوبية والزبونية وغياب نظام فصل السلط واستقلالية القضاء.

يبدو أن لا مجال للمقارنة بين ديمقراطية الآخر وديمقراطية العرب الافتراضية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق على المقال
neil ( 2009 / 1 / 6 - 00:44 )
المقال رائع وواقعى وأنت ياستاذة فاطمة سردت المقارنة بأمانة وتدقيق فشتان بين تصرف الغرب وتصرف العالم العربى ؟؟

اخر الافلام

.. بريطانيا.. اشتباكات واعتقالات خلال احتجاج لمنع توقيف مهاجرين


.. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإسكوا: ارتفاع معدل الفقر في




.. لأول مرة منذ بدء الحرب.. الأونروا توزع الدقيق على سكان شمال


.. شهادة محرر بعد تعرضه للتعذيب خلال 60 يوم في سجون الاحتلال




.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار