الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا

حنان كوتاري

2009 / 1 / 7
الادب والفن



إن الحرية التي تبحثين عنها................. يجب أن تـنبع من داخلك
و إلا............
الأربعاء01 دجنبر
أستغرب القلم بين أصابعي ... لم أظن من أقبل أنني سأحمله في يوم من الأيام لأكتب لك ... لأحدثك عن نفسي ... لأصف لك مشاعري ... لأذرف الدمع بين يديك... و لتشاركني الضحكات ... من أنت؟... لست أدري ؟... لكن صدقني ... أنت أنا و أنا أنت.
*****
الأربعاء 08 دجنبر
مر زمن طويل على ذاك الصباح الذي وقفت فيه أنظر إلى الجدران و النوافذ و الأبواب، بنظرات تقول لجميع الأشياء... وداعا...
اكتشفت يومها أن المساكن تسكن فينا كما نسكن فيها ...نحملها في داخلنا.... بمساحتها و غرفها.... بذكرياتنا التي نحتنها في جدرانها بسنوات عمرنا... نحملها لتكمل معنا مسيرة الحياة.
و لا تظن أنني أحدثك عن المساكن التي عشنا فيها سعداء، فأيام شقائي في منزل زوجي كانت أكثر بكثير من لحظات سعادتي، و مع ذلك ... ذرفت الدمع و أنا أودعه.
*****
الأربعاء 15 دجنبر
لم أكره على الزواج منه ... و لم أكن مختارة، و أعتقد أن نساء كثيرات بداية زواجهن تشبه بداية قصة زواجي...لا اختيار ...لا إكراه ... و لكن.....
ماذا كنت تظنني فاعلة؟ ... كنت في الثانية و العشرين من عمري، و كان هو ثالث عريس يتقدم لخطبتي و أنسبهم حسب رأي العائلة.... فماذا عساني أنتظر؟ .. أن أحصل على أعلى الشهادات و أعمل بأفضل المناصب... حتى و إن حدث هذا... فلن يمنع عني نظرات الشفقة التي سترسلها عيون الناس إلي، إن مرت السنون دون أن أتزوج....
المرأة في مجتمعنا تستمد قيمتها من رجل ترتبط به ، و إلا فلن تساوي شيئا عند أهله.
تزوجت ...
كانت ظروف زوجي المادية جيدة ، سدت عنا أبواب الكثير من المشاكل، و لم تكن معاملته قاسية أو عنيفة...
لطالما استمعت باستغراب إلى شكوى صديقاتي من قسوة أزواجهن التي تصل أحيانا إلى الضرب
لكني عشت مشكلة..
كانت المشكلة بداخلي أنا... كنت أشعر أن طيبوبته صنيعا يتفضل به علي ، صدقة يتصدق بها على ضعيف. مسكين يجب أن يقابل العطف و الحنان بدوام الطاعة و الخضوع و الامتنان ، و لذا كنت أرى في وجهه علامات الاستغراب و الدهشة كلما أبديت معارضة أو شكوى أو تأفف.
******
الأربعاء 22 دجنبر
لن أنسى كلماته إلي حينما طلبت منه البحث عن خادمة تساعدني في ترتيب منزلنا الجديد و تنظيفه، نظر إلي باستغراب وهو يطوي الجريدة ، ثم سألني بهدوئه المعتاد: لم؟
قلت: أشعر بآلام في ظهري و لن أستطيع حمل الأثاث الثقيل وحدي.
قال: لو كنت أحب دخول الخادمات إلى منزلي ، فلم تزوجت بك إذن؟
سألته بانفعال: هل دوري في حياتك ينحصر في تنظيف المنزل و طهي الطعام فقط... هل قيمتي عندك . أنا زوجتك . تماثل قيمة خادمة في منزلك ؟
ابتسم ابتسامته المعتادة التي يقابل بها أي تساؤل أو استفسار عن وضعي و قيمتي و دوري، و قال: مسكينة ، إنك مريضة بأوهام الذات و القيمة و الدور ، ألا يكفيك اختياري لك زوجة.

... كنت أرى النساء سعيدات و هن يتحدثن عن وصفات الأكل و الأزياء و الرشاقة، فأسأل نفسي أينا غريب الأطوار؟ أينا العاقل و أينا المجنون؟.. فلا أجد جوابا.

*******
الأربعاء29 دجنبر
مازلت أذكر رد فعله يوم كنا في الحافلة و تعمدت دفع ثمن التذاكر، فوجئ بي أدفع النقود، ظهرت على وجهه علامات الغضب و ظل طوال الطريق صامتا، ينظر تارة إلى سقف الحافلة و تارة إلى النافذة دون أن يلتفت نحوي... و ما إن وصلنا إلى المنزل حتى ثار غاضبا يصرخ و يتوعد و يهدد ، ثم أنهى ثورته بقوله: احذري إعادتها مرة أخرى ، إنك لا تدركين خطورة هذا التصرف.
ظللت أتأمل ثورته لأجل كرامته و رجولته من تصرف بسيط يتوهم أن فيه مسا بهما، و عجبت كيف لم ينتبه إلى عشرات التصرفات التي أتلقاه منه و من غيره من الرجال .. و التي تسيء إلى إنسانيتي .. فلا ثرت و لا ثاروا.
مرت أربع سنوات ...
و لأن قوانين الحياة تقول : لابد من ولادة بعد المخاض ...
لابد من شروق الشمس بعد ظلمة الليل....
كان القرار...اكتشفت أني إنسان كامل الإنسانية... و أن الحقوق تؤخذ و لا تعطى... و أن دوري في الحياة أعظم مما رسمه لي مجتمعي... فقررت إتمام دراستي...
لم أر على وجهه علامات استغراب أو تعجب لحظة أخبرته بالقرار، و كأنه تعود على قراراتي المفاجأة المخالفة للمعتاد، قال ببرود : لا أوافق.
قلت: أنا لا أطلب منك الموافقة و إنما أخبرك بقرار اتخذته، إن دراستي لن تؤثر على واجبي نحوك ، لذا لست مجبرة على انتظار موافقتك.
قال : لا أدري ما الذي دفعني إلى اختيارك أنت بالذات زوجة لي دون غيرك من النساء ؟
قلت : لأنك محظوظ ..
قال: بل قولي إنك أخطأت عندما عاملتني بالحسنى، يبدو أنكن لا تحببن سوى الضرب ، و ضحك ضحكة استهزاء، ثم أردف قائلا: صدق من قال" لمرة ضلعة عوجة"
فقاطعته قائلة و رنة الغضب تزيد من حدة صوتي : نعم... نعم " لمرة ضلعة عوجة" و " شاورها و لا دير بريها".. إنها أمثال نسجتها عقولكم المريضة لتضمنوا بها استمرار تسلطكم و طغيانكم.....
ظل زوجي يحاول تهدئتي دون جدوى، و بعد أن يأس من عودتي إلى حالتي الطبيعية ،
جعل صوته أعلى من صوتي ثم قال : اسمعي إما أن تعالجي نفسك من أمراضك و عقدك و إما... سارعت قائلة: أريد الطلاق
كنت أعلم أنه سيقولها : ... و إما فانتظري الطلاق .
كنت أعلم أن الطلاق لا محالة واقع .. لقد فشلنا في أن نكون زوجين ... لذلك سارعت إلى طلبه ، لم أحب أن يكون في الطلاق أيضا.. متفضلا. متصدقا.
*****
الخميس 01 يناير
لقد مضت خمس عشرة سنة على هذه الحادثة و ما تزال راسخة في وجداني و عقلي ....
لم أكن أظن أنني إنسان حر الإرادة.. قادر على أن يحيا دون تبعية .. قادر على الاختيار و تحمل تبعات اختياراته، و قد علمتني تجربتي ذلك .. كما علمتني أن ما ينقصنا هو البحث عن ذواتنا، فكثيرا ما تنقضي الأعمار و قد عشناها بظلال حقيقتنا ، في حين تظل حقيقتنا الحقيقية راكدة.. جامدة .. ميتة بداخلنا، لأننا لم نحاول إحياءها .
و لا تظنني حاقدة على زوجي ... فما كان زوجي سوى ابنا بارا بعقليتنا و أفكارنا و ثقافتنا..

و بعد مرور هذه السنوات فهمت سر سعادة النساء و هن يتحدثن عن وصفات الأكل و الأزياء و الرشاقة... إنهن يعشن حياتهن حسب القالب الذي صنعن فيه، و العجين دائما لا يخالف شكله شكل القالب الذي وضع فيه .. لكني خالفته .. لأني إنسان .. و الإنسان.. عالم حي يصعب دوام خضوعه لمقاييس الجماد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد التاجى يتعرض لأزمة صحية ما القصة؟


.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا




.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل


.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل




.. الطفل آدم أبهرنا بصوته في الفرنساوي?? شاطر في التمثيل والدرا