الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا سيكون الانتصار في غزة مميزا أكثر عن سابقة انتصار تموز 2006 ؟؟

عماد صلاح الدين

2009 / 1 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


ما يهمني هنا ومن موقع الحديث عن تصور سير المعركة الاستراتيجي بالنسبة لغزة ومقاومة غزة، وفي المقدم منها حركة حماس فإنني أود أن أسجل للتاريخ ما هو آت :-

بداية ليس من الاهتمام بمكان أن أشير إلى الأطراف المرتبطة والمرتهنة للمشروع الأمريكي والغربي الصهيوني في المنطقة العربية الإسلامية ، فهذه الأطراف هناك العديد من الوقائع والأحداث البائنة والواضحة منذ فترة طويلة تشير بشكل جلي أنها تعمل لصالح الاحتلال وقواه الرئيسية الداعمة بما فيها السلطة الفلسطينية في رام الله .
وبالتالي ليس غريبا على المراقب الجيد للسياسات والأحداث في المنطقة أن يستكشف ماهية هذه الجهات منذ أمد طويل ، وليس فقط في الوقت الراهن وحيث العدوان الظالم والإجرامي وغير المسبوق على قطاع غزة اليوم .

وهنا ادخل في الموضوع مباشرة، حول يد الله ويد حماس والنقلة النوعية المرتقبة لصالح المنطقة فأقول : أن غدراً لئيماً وحقوداً تعرضت له المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، واقصد حين اخبر احد المسؤولين في النظام المصري حركة حماس مساء يوم الجمعة 26-12 – 2008 ، أن لا نية لإسرائيل إطلاقا في مهاجمة قطاع غزة ، وحدث العدوان في اليوم التالي السبت 27-12-2008 ، علما إنني حذرت يوم الخميس 25 -12 في إحدى اللقاءات الصحفية مع جريدة فلسطين المحسوبة على حركة حماس ، أن إسرائيل بصدد الهجوم على غزة قريبا سواء أكان ذلك جزئيا أو شموليا .

لكن المسألة لا تعد تقصيرا من حماس والمقاومة هناك ، طالما أن الأمر يتعلق بوساطة مصرية رسمية ، تؤخذ على وجه الجدية في إطار العلاقات الدولية إن جاز التعبير في هذا السياق .

وحدث الغدر ، واستشهد في جولة القصف الأولى على مقار الأمن في غزة أكثر من 180 شرطيا وضابطا بما فيهم قائد الشرطة اللواء توفيق إسماعيل جبر . وهذا الغدر والمكر أجراه الله عز وجل على يده مكراً من نوع آخر ، بحيث كان الغدر والمكر غرورا وتشجيعا لإسرائيل وبمباركة وتبرير أطراف إقليمية ودولية على الاستعداد واتخاذ القرار للهجوم على غزة بريا ، وهذا ما حصل في اليوم الثامن من العدوان على غزة .

وأما يد حماس ، فيبدو أن الأخيرة ومن خلال وعي قادتها الروحي والسياسي والعسكري ، قد التقطت رسالة التسيير المقدور من الله عز وجل ، ففهمت إستراتيجية ضرورة استدراج العدو الإسرائيلي إلى معركة برية واسعة وفي أعماق القطاع مستقبلا إن شاء الله تعالى ، ولقد استهجن البعض في بداية الهجوم الجوي على غزة بما فيهم أنا بالتساؤل عن هذا الانخفاض العددي في الصواريخ المنطلقة على المواقع والمستوطنات الإسرائيلية القريبة منها والبعيدة عن القطاع .

ويبدو أن الخفض الحمساوي والمقاوم عموما في غزة قد فهم الإشارة من هذا الباب ، ليزرع في إسرائيل الأمنية والعسكريتارية حالة الشعور بمزاجية القوة والقدرة على انجاز المهمة المطلوبة حتى النهاية ، وبالفعل حدث الهجوم البري قبل أيام قليلة .

وهكذا تمضي إسرائيل بمجمل حربها العدوانية على غزة ، وهي ستمضي بحربها البرية التي ستتورط فيها ،بحالة الاطمئنان الواهم الذي تشكل عند السيكولوجية الأمنية الإسرائيلية المترددة أساسا وجوهرا من قبل في الهجوم على غزة سواء بالقصف المكثف أو بالهجوم البري وان كان محدودا أو جزئيا. واعتقد أن حجم التورط الإسرائيلي في الحرب البرية سيكون عميقا وشاملا ، وهذا ما نتمناه حتى تكون الخسائر غير مسبوقة على الإطلاق على الأقل قياسا إلى معركة تموز مع حزب الله 2006 .

إن مجمل تصورنا الاستراتيجي لما سيكون عليه الوضع بعد اعتماق المعركة البرية مع الاحتلال الإسرائيلي ، أن إسرائيل ستخسر جنودا بالمئات ، ويتوقع كاتب هذه السطور أن يتجاوز عددهم الخمسمائة قتيل من الجنود الإسرائيليين وما يزيد عن الألف جريج منهم ، وستكون الخسائر في القطاع من الفلسطينيين مدنيين ومقاومين في حدود 2000 – 3000 شهيد ، هذا عدا عن ألاف الجرحى الفلسطينيين،وهذه الخسائر الإسرائيلية المتوقعة ستجعل دولة الاحتلال تنسحب من القطاع ربما في ليلة واحدة حين تتوقف مجمل القدرة الإسرائيلية عن تحمل واستيعاب حجم هذه الخسائر

وها هي تدخل إسرائيل في المرحلة الثالثة في حربها العدوانية على غزة ، وهذا يعني مرحلة أخرى وخطيرة من هجوم البر الإسرائيلي ، وستستدرج إسرائيل مرة أخرى ، من خلال إيهام المقاومة لها بتوقف الصواريخ أو تخفيضها لدرجات كبيرة جدا بمعدل صواريخ على اقل من أصابع الكفين ، وكذا بالسماح لقواتها البرية بالدخول أكثر وأكثر عمقا في أراضي القطاع بالتوقف عن اعتراضها لحين وقت ، حتى يكون جنود البر والياتهم قد غاصوا كثيرا في وحل غزة ، وهناك تكون الكارثة المأمولة على العدو الذي استهدف كل شيء في القطاع ودون استثناء .

نعم إن قطاع غزة شريط ضيق ومحاصر منذ سنوات من العدو ومن النظام المصري عبر معبر رفح ، وإسرائيل تستهدف كل شيء حتى المساجد والمستشفيات ، وربما تقصف مستشفى الشفاء وغير ها من مستشفيات القطاع بأمل توليد ضغط جماهيري في غزة على حماس والمقاومة ، كما فعل النظام المصري بإغلاق معبر رفح نهائيا بتزامن الهجوم البري على القطاع لمنع نقل الجرحى والمصابين ، لكن أنفاق غزة بالآلاف ورفح الغزاوية هي مدينة أنفاق ، وقد استقدمت الاحتياجات اللازمة لهكذا معركة بما فيها مستشفيات ميدانية . وإسرائيل لا تستطيع تدمير تلك الأنفاق ، لان هذا يعني قتل 70 ألف فلسطيني في رفح ، وهو ما لا تتحمله النظم الواهية بردة فعل الجماهير العربية .

وأما قناعتنا المعرفية والفكرية ، فتقول بان حماس والمقاومة ستحقق انتصارا استراتيجيا أقوى وافعل من ذلك الانتصار الذي حققته المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان ، وهذه أسبابنا :

أولا : بالنظر إلى طبيعة الفلسفة الحاكمة لهذه المنطقة ؛ اقصد العربية على وجه التحديد ، فهي تقوم على قضية الانتصار بالدين الإسلامي ، مهما تضاءلت الإمكانيات وعصفت الظروف ، وان دون الإسلام خيارا يعني الهزيمة الخارجة عن القبول عقلا ومنطقا ، كما حدث في حروب العرب السابقة 48 ،67 ،82 والحرب على العرق وغيرها في القرن الفائت .
ثانيا : إن مسار الحالة الانتقالية والدخول في المرحلة الإستراتيجية لتقدم الدين كنظام حياة ، ومن ثم منارةَ قدوة للانتشار العالمي والإنساني ، لابد أن تكون اللبنة والنسخة الأولية لهاتين الحالتين إسلامية سنية خالصة لا تشوبها شائبة على منهج الله وسنة رسوله عليه السلام ، وهنا لابد من انتصار حماس التي نحسبها هذه النسخة وهذه اللبنة للواجهة الإسلامية المستقبلية المتمناه .
ثالثا : قلنا أننا نحن في مرحلة انتقالية فاصلة باتجاه المفصلة الإستراتيجية القادمة لتقدم الدين ككل متكامل في عموم المنطقة ، وبالاستناد لما سبق في النقطة الثانية حول حسبان حماس اللبنة والنسخة للواجهة الإسلامية المستقبلية ، ضمن صيرورة السير السُنوي التاريخي المحتوم بانتصار الحق " أرسطو يقول في جدلياته الفلسفية التاريخ يكره الفراغ " ، فانه لا يمكن أن تسقط أو تخسر حماس والمقاومة في غزة بنتيجة المعركة الدائرة اليوم ، بل ولا يمكن ألا يكون النصر استثنائيا قياسا إلى إمكانات وظروف المقاومة هناك ، لأننا باختصار ، لسنا في مرحلة انهيار المنظومة الإسلامية في بداية القرن العشرين أو أي منظومة إسلامية عالمية في غيرها من القرون ، إننا أمام جهود إسلامية ُبذلت عبر أكثر من قرن من اجل إعادة مسيرة الدين كعقيدة ونظام حياة ورسالة عالمية ، وبالتالي فان الفشل غير مُتصور هنا ، لأنه -استغفر الله العظيم - فان سقوط حماس يعني بالمعنى الفكري والمعرفي الاستشرافي " سقوط الله من نفوس الناس" بعد طول معاناة وأمل بعودة مسيرة الإسلام الكلية ، حتى وان بقي هناك حزب الله في الجنوب اللبناني أو إيران الإسلامية في طهران .

رابعا : نحن ننظر إلى الجمهورية الإسلامية في إيران والى المقاومة الإسلامية في الجنوب اللبناني على أنها حلقات في جهود الدفع الطيبة لتشكيل الصورة الختامية للحالة الإسلامية الناظمة في المستقبل الاستراتيجي الإسلامي ، لكن حالة النظرة المذهبية في الدائرة الشيعية وما يرتبط بذلك من بعض خروج عن الدوائر العقدية والتشريعية للإسلام الخاتم ، وهذا ما تدعمه شواهد عدة ، لا مجال لذكرها هنا ، تجعلنا نؤكد على ضرورة تميز النصر الحمساوي الإسلامي عن انتصارات الشيعة في الجمهورية الإسلامية وفي حزب الله . وهذا ما نتوقعه في نتيجة العدوان الدائر حاليا على قطاع غزة ، لهذا كاتب هذا المقال المُوسع لا يعتقد أن يتدخل حزب الله في هذه المعركة الدائرة ، بسبب السبب المعرفي والفكري المتعلق بمسيرة التطور للخيار الإسلامي الذي ستكون جذور تميزه منطلقة ونابعة من طائفة تمثل القاعدة السليمة بشكل نسبي كبير للإسلام العالمي في المنظور الاستراتيجي المهم " وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين ".

أخيرا ، إن معطيات المعيقات والصعوبات التي وجدت أمام الحركة الإسلامية في فلسطين وعلى وجه الخصوص في قطاع غزة ، تمثل حالة خاصة ونادرة في التاريخ الإنساني ، بحكم حلقات المؤامرة والحصار المحكم الذي تعرضت له الجهة الإسلامية "حماس" التي تمثل خيار شعب كان قد انتخبها واختارها ، ذلك تحديدا في غزة لمدة قاربت على ثلاث سنوات ، باعتبار ذلك من فوزها في انتخابات 2006 وحتى لحظة كتابة هذه السطور مع بداية 2009 .

وهي حالة تتلاقى موضوعيا إلى حد ما مع طبيعة وماهية المعيقات التي تعرضت له الدعوة الإسلامية في مستهل بدايتها زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام .
إن الحالة الموضوعية التي يحياها قطاع غزة من تقتيل وتدمير واجتياح واستهداف الأطفال والنساء والمدنيين بطريقة جنونية وعشوائية من قبل الاحتلال الإسرائيلي ، حيث معظم الشهداء والجرحى من الفئات المذكورة آنفا ، ستجعل إرادة القتال والانتقام الفلسطيني في غزة لدماء شهدائه وجرحاه وما لحقه من دمار في كل جوانب الحياة ، فعالة جدا واستثنائية في مواجهة العدو الإسرائيلي والصمود والثبات أمام عدوانه ، هذا بالإضافة إلى عامل العقيدة والإيمان الأساس .

ولعمري أن ما سبق أخير لهو بمثابة المحنة والامتحان لأهل غزة ومقاومتها ، من اجل تحقيق النصر الاستراتيجي المميز عن كل انتصارات المنطقة في العصر الحديث .

وبرأي أن غزة ستكون شرارة النصر الاستراتيجي الإقليمي القادم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال
محمد الفار ( 2009 / 1 / 6 - 23:35 )
مع احترامي لكم : هل ما قدمته تحليل أم مجرد أمنيات


2 - عسكري وعالم رياضيات -عبقري-ي
ي.شيت ( 2009 / 1 / 7 - 12:34 )
يظهر أنك وضعت حماس في مكان يبعد عن اللّه سبحانه وتعالى بعدة سنتمترات لأنها منظمة سنيّة ،ولكن لم توضّح للقارئ أين مكان البقية،وهل أنّ حماس مقتنعة بهذا الكلام-الإلهي-.ثمّ من خوّلك أن تفصح عن خطط حماس في مقاومة الغزو الإسرائيلي . أمّا ماتقوله عن الأرقام من القتلى والجرحى من الجانبين هو من صلب نظريةالمباريات التي تعتمد على نظرية الإحتمالات والإحصاء الرياضي
وهل أنّ الرقم الذي حددته من الشهداء الفلسطينيين،وأغلبهم سيكون من الأطفال والنساء والشيوخ،هو رقم بسيط وكأنّه شئ تافه بالنسبة لك وكأنّك تخرج هؤلاء الناس من جيبك .وليس لدي ما أقوله أكثر من المثل القائل -إذا كنت لم تستحي ،إفعل ما تشاء-.ء/

اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ