الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في حاجة النشر الإلكتروني إلى الأقلام العربية المتنورة
إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي
(Driss Jandari)
2009 / 1 / 7
الصحافة والاعلام
![](https://ahewar.net/Upload/user/images/c5e0a51a-d293-447b-a8d0-d1fe6204aa26.jpg)
يعتبر الانترنت من الوسائط – بتعبير الأستاذ سعيد يقطين- الحديثة ؛ التي تساهم في نشر الثقافة ؛ بين شريحة واسعة من القراء ؛ بأسهل الطرق و أنجعها كذلك . فهو يوفر إمكانيات كبيرة أمام الباحث ؛ لكتابة و نشر أفكاره و تداولها بين شريحة واسعة من القراء ؛ في جميع أقطار العالم .
لكن المتابع للنشر الإلكتروني العربي ؛ يخرج بخلاصة أساسية مفادها ؛ أن المثقف العربي التنويري ؛ ما زال إلى حدود الساعة لم يدرك خطورة هذه الوسيلة ؛ و بالتالي فهو لا يستعملها لنشر أفكاره ؛ إما تعاليا منه و ميله إلى الطابع الأكاديمي ؛ عبر نشر كتب و مقالات في مجلات و صحف ؛ و إما اعتبارا منه أن أفكاره تتجاوز قدرة المتلقي العادي ؛ الذي يشكل نسبة مرتفعة من التلقي الإلكتروني .
لكن هذه الأسباب مجتمعة رغم صحتها؛ لا يمكن أن تبرر ترك المثقف التنويري –الذي يتميز في الثقافة العربية بتكوينه المعرفي المتين و شهاداته العليا- المكان شاغرا ؛ للجهلاء و المتطرفين كي يعيثوا في الثقافة العربية فسادا و جهلا ؛ و يرسموا صورة العربي على طريقتهم الخاصة ؛ باعتباره كائنا جنسيا ؛ يهفو وراء نزواته الحيوانية ؛ أو كائنا إرهابيا ؛ يستخدم مفاهيم دينية لتبرير القتل و الإجرام . و لعل هذه الصورة ليست بالخيالية ؛ بل تؤكدها إحصاءات كوكل ؛ التي أكدت أن العرب حققوا رقما قياسيا في البحث عن كلمتي جنس و جهاد على محرك البحث .
لكن ألا يعد المثقف العربي التنويري مسؤولا عن هذه الوضعية ؛ لأنه ترك الساحة الإلكترونية فارغة للجهلة ينشرون جهلهم على الملأ بحرية كاملة . و النتيجة أن أصبح النشر الإلكتروني باللغة العربية ؛ لا يشفي غليل نخبة من القراء ؛ تبحث عن التنوير الفكري ؛ و لذلك فهي إما تنزوي بنفسها عن متابعة ما ينشر إلكترونيا؛ أو تساير أمواج التجهيل و التطرف ؛ و تصبح عنصرا فاعلا فيها .
و ما توالد المواقع الإلكترونية المتطرفة كالفطر إلا ملمح من ملامح هذا التردي السائد ؛ بحيث أصبحت فتاوى التكفير و التحليل و التحريم ؛ تمثل أعلى النسب على الشبكة ؛ و أصبح بلادن و الظواهري ؛ و أمثالهما من المجرمين و الإرهابيين ؛ يسيطرون على الشبكة بنسب تتجاوز ما ينشر في المعارف العلمية مجتمعة . ناهيك عن صنف آخر من (الكتبة) ؛ الذين لا يمتلكون أبسط شروط الكتابة ؛ التي تدرس في مادة التعبير و الإنشاء ؛ فما بالك بالكتابة الفكرية ؛ التي تتطلب تكوينا معرفيا رصينا ؛ و رؤية فكرية واضحة .
كل هؤلاء مجتمعين هم الذين يستغلون مساحة واسعة على شبكة الأنترنت ؛ و يدمرون ما بقي في الفكر العربي من روح تنويرية ؛ مستغلين في ذلك غياب الفكر النقدي المرتبط بالعلوم الإنسانية الحديثة عن المنظومة التربوية العربية ؛ لذلك فهم يحققون انتشارهم بين فئة من القراء بسيطة التكوين ؛ و يوجهونها بطريقتهم الخاصة ؛ عبر الوعظ الديني تارة ؛ و عبر سب و شتم المختلف – في شكل مقال – تارة أخرى ؛ و عبر الوعد بنعيم الجنة ؛ و الوعيد بنار جهنم في أغلب الحالات . و قد يستعملون الخرافات و الشعوذة ؛ إن أعوزتهم الحيلة ؛ و جمد فكرهم ؛ و عجز عن الإبداع و الخلق .
في ظل هذا الواقع الثقافي المتأزم ؛ هل يمكن للمثقف العربي التنويري أن يظل متعاليا عن مجتمعه ؛ بدعوى غياب التلقي ؛ أم إنه من الأفيد له و لمجتمعه أن يخوض المعركة ؛ متسلحا بفكر متنور؛ و قدرة على التفكير و الخلق و الإبداع ؛ مستلهما في ذلك نماذج ثقافية رائدة ؛ من جرامشي ؛ الذي دافع عن المثقف العضوي ؛ الذي يخوض المعارك الفكرية و السياسية و الدينية ؛ متسلحا بمعرفته دفاعا عن القيم الإنسانية الراقية ؛ و هجوما على جميع أشكال التردي و الجهل الممنهج . إلى بيير بورديو ؛ الذي كان يعتبر المتخصص في العلوم الإنسانية؛ ومن بينها السوسيولوجيا ؛ محاربا في معركة شرسة ؛ سلاحه الوحيد فيها هو تكوينه المعرفي الرصين ؛ و إيمانه بالقيم الإنسانية؛ و دفاعه عن الحق في الاختلاف و التعددية الثقافية و الدينية .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. التوتر بين روسيا وإسرائيل يتصاعد.. هل يخرق نتنياهو خطوط بوتي
![](https://i4.ytimg.com/vi/YLzTOXJ0708/default.jpg)
.. إيران تؤكد أنها ستدعم حزب الله في حال تعرضه لهجوم إسرائيلي
![](https://i4.ytimg.com/vi/Hxc8CZPsdqU/default.jpg)
.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لسوق بحي الزيتون
![](https://i4.ytimg.com/vi/5hRGbh6GXFE/default.jpg)
.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف خلية في مخيم نور شمس بطولكرم أ
![](https://i4.ytimg.com/vi/Ad2uP7ytrZI/default.jpg)
.. الدفاع الروسية تعلن استهداف 5 مقاتلات أوكرانية بصواريخ إسكند
![](https://i4.ytimg.com/vi/oq1l8f88nT8/default.jpg)