الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدين ظاهري ونجاح وهمي

أيمن رمزي نخلة

2009 / 1 / 7
الصحافة والاعلام


يطلع علينا الكاتب الكبير فاروق جويدة بهوامش حرة كل جمعة في جريدة الأهرام يمتعنا دائماً بشعره ويؤلمنا كثيراً بتبصيرنا بحقائق أليمة. كتب هذا الأسبوع، بتاريخ 26/12/2008 مقالة بعنوان: أحمد شفيق.. نموذج للنجاح. وأحمد شفيق هو وزير الطيران المصري، والمشروع الناجح ـ على حد قول الكاتب فاروق جويدة ـ هو مطار القاهرة الجديد، أو، ما يُسمى بصالة "3". تناول الكاتب ـ من وجهة نظره ـ عظمة تشييد المطار الجديد مقارنة بالمباني الهشة ومئات المدارس الجديدة المتهالكة بعد بنائها بفترة وجيزة وكذلك آلاف الوحدات السكنية التي تصدعت وهرب سكانها والمشروعات التي سرق أصحابها قروض البلد ـ على حد قول الكاتب ـ وهربوا الأموال إلى خارج مصر، حتى بلغت ديون مصر 650 مليار جنيه. كل التعميمات السابقة ذكرها الكاتب الراقي فاروق جويدة في مقالته الأسبوع الماضي.
وليسمح لي الكاتب الكبير بوقفة سريعة نعرض ونناقش ما كتبه لأنه شاهد أمين على تداعيات العام الماضي:
• يسأل فاروق جويدة: "أين أختفت البلايين التي تسربت في مباني متصدعة ومدارس بلا دورات مياه ومساجد علمت الشعب الإرهاب؟". انتهى المقطع المعبر الذي أخذته من كلمات الكاتب الراقي. حقاً هناك ترابط كبير بين كثير من المدارس وأماكن العبادة ـ أياً ما تكون هذه الأماكن ـ التي يتم صرف بلايين الجنيهات عليها لتكون أماكن للتدين الظاهري والعبادة التي بدون عمل صالح وتعليم بدون جدوى سوى مزيد من الإرهاب وكراهية المختلف في العقيدة، أياً ما تكون هذه العقيدة. ويا ليت الأمر توقف على مباني المدارس المتصدعة، لكن حتى الجامعات جميعها لم تنل واحدة منها شرف محاولة أن تكون في ترتيب أفضل الجامعات العالمية، بما فيها الجامعات التي تتخذ الدين علماً بدلاً من علوم العصر. ومع تزايد التعليم ومظاهر التدين وإنشاء الهيئة العامة لتعليم الكبار وفخامة المباني المشيدة لمحاربة الأمية، إلا أن الأمية تتزايد عاماً بعد عام حتى مع الحاصلين على شهادات التعليم العالي.
• ربط الكاتب فاروق جويدة بين الفريق أحمد شفيق كونه من أبناء الجيش المصري العظيم صاحب أكتوبر وصانع النصر وبين إنجاز المطار الجديد. لا أعرف ما حقيقة هذا الترابط وهناك بعض القيادات من رجال الحرب السابقين في مناصب مشابهة ولهم مظاهر عمل براق لكن قد لا يبدو لها قيمة في رقي وتقدم وحضارة البلد.
• تم بناء هذا المطار الجديد في وسط العمران وفي أرقي المناطق السكنية الحديثة في القاهرة الكبرى. لماذا لم يتم بناء مثل هذا المطار في الصعيد المهمل في أغلب مناحي الحياة؟ أو لماذا لم يتم بناء مثل هذا المطار في الصحراء الشرقية أو الغربية، وما يتبع ذلك من زراعة مجتمع سكني وصناعي وزراعي جديد موازي للدلتا كنقلة حضارية ورؤية لمائة سنة قادمة بدلاً من زيادة التكدس في أماكن التكدس؟؟؟
• الفاضل فاروق جويدة، هناك العديد من المشاريع التي كانت براقة في بدايتها لكن أُُكتشف بعد مرور الوقت أنها كانت قبور مبيضة من الخارج ومن الداخل عظام وروائح أموات نتنة، أو "بطولة من ورق". يا عزيزي كم يحزنني عدد من أماكن العبادة الضخمة الفخمة وكثير من المدارس التي أسير أمامها في ذهابي وإيابي وأجد حولها "مقالب قمامة عمومية" تصنعها بعض المجالس المحلية كأماكن لتجميع القمامة لحين نقلها لأماكن أخرى. إنني أدعوك لتبني منظومة عامة من البناء والتشييد التي يجب أن ترقى بالمجتمع كوحدة متكاملة يرى الجمال والحضارة في النظافة والنظام والعمل بعيداً عن تدين ظاهري يرفض الآخر المختلف ويرهبه مادياً أو فكرياً أو عقائدياً.

في النهاية للكاتب الراقي الشاعر فاروق جويدة كل التقدير والاحترام لأنك علمتنا أن لا ننخدع ونُغيب بنصف الكوب الممتلء، لكن ننظر إلى نصف الكوب الفارغ حتى نفكر كيف نعمل على ملئه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -