الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة فهم للمرونة الاقتصادية

كريم الهزاع

2009 / 1 / 8
الادارة و الاقتصاد


بانتظار القمة الاقتصادية العربية التي ستعقد في الكويت في التاسع عشر من هذا الشهر، نتمنى بأن قمة من هذا النوع تكون مغايرة لكل ما فاتها من القمم العربية السياسية التي لا تغني ولاتسمن من جوع في ظل منظمة جامعة الدول العربية، التي انتهت من تاريخ طويل إلى طحن بلا طحين.

أقول إننا نعوّل كثيراً على تلك القمة بسبب الرهان على معطياتها الاقتصادية، ولأن الاقتصاد هو المحرك الأول للتاريخ إذا تماشت معه نصوص وأفكار جديدة تدفعه للأمام، ما يدعونا لطرح سؤال هو غاية في الأهمية، حينما نجد له إجابة فإنها تمنحنا الطيران والتحليق في سماء الكونية، والسؤال هو: كيف نحصل على درجة غير مسبوقة من المرونة الاقتصادية.؟

هذا هو السؤال الذي يحاول الاقتصاديون منذ أيام آدم سميث الإجابة عنه. فنحن نظن أننا مشغولون اليوم بمحاولة فهم اقتصادنا المعولم. ولكن سميث كان عليه أن يخترع الاقتصاد من الصفر تقريبا كطريقة يحسب بها حساب تطور اقتصادات السوق المعقدة في القرن الثامن عشر على حد قول آلان غرينسبان.

نعم، علينا أن نفهم اقتصادنا المعولم، وحركة التاريخ وتبدلات العالم وتغيراته المتسارعة، ولنا في تجربة انهيار جدران برلين والوحدة الأوروبية وظهور العملة الجديدة «اليورو»، درس علينا أن نفهمه ونستوعبه جيداً في سياقه الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، حيث أن الغرب أو العالم المتمدن لم يستطع التطور وتطوير سرعة ماكينته إلا بعد الخلاص من كل ذلك الإرث الموجع والمعقد الذي ولّد في فترات من الزمن عنصرية وحروبا، وإيجاد نصوص وأفكار جديدة بعد فترة الظلام التي كانت أنتجت محاكم التفتيش والقبضة الدينية التي ليس لديها سوى التشدد والرجوع بالعالم إلى أكثر من ألف عام، وأن الاقتصاد الذي يظل يدعم نوع من النصوص التي لا تمت إلى حركة التاريخ الجديدة والديمقراطية وحرية الرأي، والفكر سيظل يدفع ثمن دعمه لهذا النوع من النصوص ثمناً باهظا جداً.

لذا علينا إيجاد بيئة جديدة مستقرة بدلاً من تلك البيئة الرخوة والملغمة بالكثير من الألغام المدفونة في أرضنا لأكثر من ألف عام والذي ندفع نحن والأجيال الجديدة ضريبته من دمائنا وعقولنا وحرقة قلوبنا وسحبنا نحو الظلام والتخلف بسبب القطيعة الإبستمولوجية مع الآخر ومع كل العالم المتنوّر والمجتمعات المدنية الديمقراطية المتطورة، وما يحدث في العراق وأفغانستان وباكستان وكل الأماكن الموتورة خير شاهد، ولكي تنجح أجندتنا الاقتصادية يجب أن يحل السلام في عالمنا العربي أولاً وقبل كل شيء.

وبالنسبة إلى أجندة القمة الاقتصادية العربية نتمنى أن تطرح مشاريع حيوية مثل مشاريع توليد الطاقة الكهربائية والربط الكهربائي بين الدول العربية، ومشاريع المياه، والربط البري عبر مشروع السكك الحديد، وإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص، من خلال تأسيس مصارف استثمارية عربية لتمويل المشاريع التنموية. وحسب ما تناقلته الأخبار بأن الدول العربية أعدت مشاريع كثيرة إلى القمة، على الرغم من أن الأزمة المالية العالمية قد تضعف التوقعات المتفائلة، لكننا سنظل متفائلين بأن تنجح القمة في إنجاز أهم المشاريع، بل والكثير منها. كما أننا نتمنى أن تحرص القمة على إقامة صندوق للتنمية العربية كخطوة أولى لمشروع مشابه لمشروع الوحدة الأوروبية. وأن تناقش القمة المعوقات التي تعترض منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، خصوصاً استكمال قواعد المنشأ، ما يساعد على الانتقال إلى المرحلة التالية، وهي الاتحاد الجمركي العربي، وتوحيد العملة ودراسة الحالة الأوروبية والاستفادة منها.

كما أنني مع الدعوة التي أطلقها رئيس اتحاد المصارف العربية عدنان أحمد يوسف، وهي أن تبادر المصارف العربية، من خلال اتحاد المصارف العربية، إلى تشكيل أجهزة تنسيقية أقوى، تواجه من خلالها، الأزمات الطارئة مع وضع آليات عمل واتخاذ توصيات تهدف إلى خلق عمل مصرفي عربي موحد يرسل إشارات موحدة وقوية إلى المستثمرين والمصرفيين العرب، العملاء والمستثمرين ومالكي الأسهم كافة، مفادها أن هذه المصارف تعمل في صورة منسقة ومتجانسة لمواجهة أزمات المال العالمية.

وفيما يخص الخليج العربي تحديداً استشهدت في مقالي السابق بقول الصحافي والكاتب الفرنسي باتريك سيل الذي قال «إن دول الخليج في حاجة اليوم إلى أن تكون حذرة للغاية. فيجب وضع مشاريع إنفاق المال أو تبذيره أحياناً، جانباً، وتكريس كل الجهود والموارد للتعليم وللتدريب التربوي ولإصلاح أحوال العمال، ولإنشاء فرص جديدة للتعبير الحرّ والحكومة الرشيدة في شكل عام. كما يجب حماية نجاح بلدان الخليج كقطب جديد للتقدم والحداثة العربية مهما كلّف الثمن».

وأقول مرة أخرى: هل من منصت لصوت باتريـك سيل أو العـقــلاء الــذين يشبهــونه بالطرح؟ أم أن أمـــورنا ستسيـــر وفـــق أسطـــوانة «هــذا ما قدر الله وما شاء فعل» و«كل ما يحدث للعالم هو غضب إلهي» ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردوغان ونتنياهو .. صدام سياسي واقتصادي | #التاسعة


.. تركيا وإسرائيل.. مقاطعة اقتصادية أم أهداف سياسية؟




.. سعر الذهب عيار 21 يسجل 3080 جنيها للجرام


.. الجزائر في المرتبة الثالثة اقتصاديا بأفريقيا.. هل التصنيف يع




.. ما تداعيات قرار وزارة التجارة التركية إيقاف جميع الصادرات وا