الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستلاقي باكستان مصير سابقاتها من الدول المافوق قومية ؟...-

محمد سيد رصاص

2009 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


تفككت، خلال القرن العشرين،دول عديدة كانت تحوي تركيباً مافوق قومي في بنيتها،بدءاً من الدولة العثمانية1918إلى الإتحاد السوفياتي1991ويوغسلافيا1991-1995وتشيكوسلوفاكيا1992،وفي عزِ الصدام بين القوميين العرب والإسلاميين،البادىء عام1954،أشار القوميون إلى انقسام البنغاليين في باكستان الشرقية عن الغربية،إثر حرب1971الخاسرة مع الهند،بإعتباره دليلاً على فشل مشروع محمد علي جناح مؤسس باكستان،كدولة تقوم على الرابطة الدينية المتجاوزة للإطار القومي.
في تلك التجارب الأربعة،استخدمت أيديولوجية أممية لتعزيز اللحمة المتزعزعة بعد استيقاظ المكوِنات القوميةالعثمانيون،أولإنشاء دولة ذات مشروع عالميالسوفيات،أولإنشاء رابطة تعوِض عن فقدان التلاحم والوحدة بين المكوِناتيوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا:كان المشروع الباكستاني خاصاً ومختلفاً عن تلك التجارب الأربعة،من حيث كونه أتى بالتصادم والتناقض مع مشروع غاندي- نهرو المكرَس لإنشاء رابطة "قومية هندية"تتجاوز المكوِنات الدينيةهندوس ومسلمين وسيخالموجودة في شبه القارة،لتأتي باكستان في عام1947وهي تضم قوميات(البنغاليون في الشرق،والبنجابيون والسنديون والبلوش والباتان في الغرب،إضافة للمهاجرين الذين أتوا لباكستان بعد التهجيرات المتبادلة بين الهندوس والمسلمين في أعقاب الإنفصال)ظلَلتها الرابطة الإسلامية التي أعطاها السيد جناح كإسم لحزبه.
هنا،كانت الحرب الباردة وانخراط باكستان النشط في المعسكر الغربي منها،واقياً لباكستان من عواصف الزمن،الذي حكم على تلك الدولة بخصام مزمن مع الجارة الهند وبحروب معها بدأت بعد أشهر من ولادتهما المتزامنة كدولتين مستقلتين،فيما كان انخراط الهند في تأسيس مشروع سياسة عدم الإنحياز عبر مؤتمر باندونغ عام1955مع مصر ويوغسلافيا ثم اتجاهها لتأسيس تحالف وثيق مع السوفييت منذ أواسط الستينيات،دافعين كبيرين للأميركان لكي يعطوا باكستان مظلة دولية وحماية،إلى أن وصل ذلك كله إلى ذروة أميركية(وغربية)كبرى في فترة مابعد الغزو السوفياتي لأفغانستان عام1979.
تغير كل ذلك جذرياً مع انهيار السوفييت وتحوُل واشنطن إلى القطب الواحد للعالم:إذا كانت العوامل الدولية قد حمت باكستان من تأثيرات هزيمة1971 وانفصال باكستان الشرقية،وشكَلت جداراً منع من تفاقم الأوضاع الداخلية إلى حدود الإنكسار،فإن العكس قد حصل في فترة مابعد الحرب الباردة،حيث كان تناقص الوزن الدولي لباكستان عند واشنطن منذ بداية اتجاه الأخيرة إلى تفضيل نيودلهي على اسلام آباد في اللوحة الدولية لعالم مابعد عام1989(بحكم عاملي حاجة الأميركان إلى حاجز غربي هندي أمام العملاق الصيني المتنامي القوة ودخول واشنطن في مجابهة الحركة الإسلامية العالمية التي كانت باكستان المنسِق التنفيذي لتحالف الأميركان معها في فترة الحرب الأفغانية ضد السوفييت)مؤدياً إلى بداية اضطرابات داخلية باكستانية،أخذت أبعاداً خطرة على إثر 11أيلول،لما اجتمع سقوط الحليف في كابول=الطالبانبأيد أميركية مع انقسام باكستاني داخلي عميق بين الجنرال مشرَف الذي وضع(ومن والاه من المؤسسة العسكرية وأحزاب مدنية وقوى اجتماعية كان بينها فئة رجال الأعمال)بيضه في السلة الأميركية وبين كتلة مجتمعية كبيرة كانت مع الأحزاب الإسلامية المختلفة ضد واشنطن،وسط حياد مترقب لحزبي السيدة بوتو والسيد نواز شريف،حتى جرى ايجاد توليفة بين هذين الحزبين والمؤسسة العسكرية تحت رعاية دولية منذ خريف عام2007قادت في النهاية إلى استقالة الجنرال مشرَف.
الآن ،تعيش باكستان بين ناري مواجهة الإسلاميين الكشميريين(المدعومين من كتلة باكستانية اجتماعية كبيرة)مع الهند المتعاظمة الحظوة الدولية ودعم اسلامييها لطالبان والقاعدة في حربهما ضد الأميركان:يؤدي هذا وذاك إلى عصر باكستان تحت ضغط مزدوج،بانت أبعاده جنوباً مع الضغط الهندي(المدعوم أميركياً)على باكستان على إثر أحداث مومباي،فيماظهر ذلك شمالاً مع الغارات الأميركية على داخل الأراضي الباكستانية المستهدفة اسلاميين محليين أوعابرين للحدود مع أفغانستان،فيما تظهر علامات متزايدة على اضطراب داخل،يعيش حالة لااندماج اجتماعي بين مكوِناته بالأصل ليضاف هذا لإختلاف داخلي عميق بدأ يظهر باكستانياً حيال قضيتي كشمير وأفغانستان،مايمكن أن يؤدي إلى انفجار مجتمعي،ليس مستبعداً أن يصل لحافة الإنفجار والتشظي ،في ظل حالة مازالت فيها الإنقسامات القومية بين المكوِنات الباكستانية كامنة تحت الرماد،ولم تصل بعد لحالة الإندماج المجتمعي.
إلى أين سيقود كل ذلك باكستانياً؟......... هل سيصل إلى حالة تلك الدول المافوق قومية التي تداعى بنيانها لما شجع الوضع الخارجيهزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى،وهزيمة الكتلة الشرقية في الحرب الباردة عام1989على تفكك البنية الداخلية التي ظلت تعيش حالة اللااندماج؟........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دروس الدور الأول للانتخابات التشريعية : ماكرون خسر الرهان


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن




.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما


.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن




.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي