الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خروج مصر من التاريخ

طارق قديس

2009 / 1 / 9
السياسة والعلاقات الدولية


غريب هو حال الشعوب العربية، فهي مازالت تُعَلِّق أنظارها على الدور السياسي المصري الرسمي حيال الكارثة الإنسانية التي ألمَّت بأبناء قطاع غزة منذ بدأ العدوان الإسرائيلي البشع عليه قبل عدة أيام، وكأنها - أي الشعوب العربية - قد فقدت ذاكرتها، ونسيت أنَّ الخطاب السياسي المصري قد غيَّر جدله منذ عدة عقود ، وتحديداً منذ أن غرَّدت القيادة في القاهرة وحدها بعيداً عن السرب العربي بعقدها اتفاقاً ثنائياً مع إسرائيل في كامب ديفيد عام 1978.

فتلك الاتفاقية التي رأى فيها البعض زوايا إيجابية لمصر ، هي ذات الاتفاقية التي قد قامت بإخراجها من المعادلة السياسية في الصراع العربي الإسرائيلي، مما جعلها تقف موقف الحياد الفعلي حيال أية مشكلة تقع بين الفلسطينيين والإسرائليين، في حين يصل البعض الآخر بآرائهم إلى أن مصر حتى لم تعد بموجب الاتفاقية تقف على الحياد، وإنما أصبحت عبئاً على الفلسطينيين أنفسهم، وذلك لأنها قد أصبحت أسيرة بنود الاتفاق، ولا تستطيع أن تنفكَّ عنها، إذ أضحى أي إجراءٍ مرتقب لمساعدة الفلسطينيين عسكرياً أو لوجستياًً، خرقاً لتلك البنود المقدسة، ويمكن حتى أن تلوِّح به تل أبيب في وجه القاهرة محلياً وعالمياً، فلم يبقَ من سلاحٍ أمام مصر حيال أي صراع في المنطقة تكون طرفه إسرائيل سوى الثالوث المعتاد : الشجب، والاستنكار، والإدانة.

ولعل ما طالعنا به الرأي الرسمي المصري في مواجهة منتقديه من القول بأن مصر لن تفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين إلا في حالة العلاج فقط ، وأنها تترفع عن قول المنتقدين، وبأنه ليس بإمكان أحد أن يزايد على مصر في دورها العربي، هو خير دليلٍ على أن الدور المصري في المعادلة العربية الإسرائيلية قد انتقل من النقيض إلى النقيض.

وبذلك تكون الرسالة قد وصلت بوضوح: "أيها الفلسطينيون، نحن لا نستطيع أن نفعل لكم شيئاً، فلا تنتظروا منا الكثير، فنحن لن نفتح لكم معبر رفح حتى لو أبادكم الإسرائيليون عن بكرة أبيكم، فنحن لن نفتح المعابر إلا للجرحى منكم ، والموتى مع وقف التنفيذ، فنحن لا حول لنا ولا قوة، وقد عقدنا اتفاق سلام مع دولة إسرائيل ، ولا يمكننا بموجبه أن ننقض ما اتفقنا عليه ، وبعابرة أخرى : "أنتم في طريق أيها الفلسطينيون ، ونحن في طريق آخر سائرون".

ومع هذه الكلمات أرى لزاماً عليَّ أن أقول لمن يقول: " ليس بإمكان أحد أن يزايد على مصر في دورها العربي " بأن هذا الكلام هو ذرٌّ للرماد في العيون فقط،، وهو قول أكل عليه الدهر وشرب، وقد كساه الغبار، وكان يمكن أن ينفع لو أننا في الماضي البعيد.

كما أرى لزاماً عليَّ أن أقول كذلك لمن لا يزال مراهناً على الدور السياسي المصري في قضية غزة، أنه لا بد لهؤلاء ممن توقفت عقارب ساعاتهم عند لحظة وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، بأن يعيدوا شحذ بطارياتهم، وأن يسفيقوا من غيبوبتهم، وأن يدركوا بأن الشعب المصري في وادٍ وإعلامه الرسمي في واد آخر، وبأن الدور السياسي المصري لم يعد كما كان، ولنا أن نترحم عليه، وأن نقول بملء أفواهنا أن مصر قد خرجت من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي ، فلم تعد هي مصر التي قرأنا عنها في كتب التاريخ ونحن بعد طلابٌ في المدارس، فكأنها بلدٌ آخر غير ما قرأنا عنه، أو أنها قد شاءت في هذا الزمن العصيب أن تخرج من كتب التاريخ.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كفاية غوغائية
مصرى ( 2009 / 1 / 8 - 19:57 )
مصر لم تخرج من التاريخ ، بل هى التاريخ نفسه ، وكفاكم أوهام حول العروبة والوحدة العربية ، وعلى كل دولة أن تحمى ارضها وشعبها حتى لو تحالفت مع الشيطان ، وليذهب العرب وفلسطين وعزة والقدس إلى الجحيم ، وإذا كنت زعلان قوى على غزة وحماس ، لن يمنعك أحد من الذهاب والقتال بدل الجعجعة على الفاضى


2 - كفاية اقليمية يا أخ مصري
عربية ( 2009 / 1 / 8 - 20:44 )
يا أخ مصري، لتذهب كل القيادات المتآمرة الى الجحيم ، في مصر و باقي الدول العربية... و لتحيا كل الشعوب المناضلة من أجل الحرية. فأنت لولا النضال، لكنت لا تزال تحيا تحت الاحتلال الفرنسي أو الانجليزي. زعلان قوي على مبارك ؟؟!! وهل التحالف مع اسرائيل هو اللي حيجيبلك السلام؟؟ الدور جاي على الجميع اذا ما بقيناش ايد وحدة. وبعدين ازاي بتقول- لن يمنعك أحد من الذهاب - والقتال بدل الجعجعة على الفاضى- هو احنا منقول ايه من الصبح.... ما هي المعابر مقفلة و حتى المساعدات يدوب توصل
!!!!
البركة في مبارك


3 - إن كان
المعلم الثاني ( 2009 / 1 / 9 - 12:27 )
لو كانت الرؤيا السياسية الحكيمة والعمل لمصلحة الشعب هي الخروج من التاريخ فليذهب التاريخ المجنون للجحيم وليعش شعب مصر وكافة الشعوب التي تعمل من أجل السلام والحياة....ليخزى كل من يدعوللتعصب و للخراب و ليتقدم كل مزايد إلى المعركة ليطبّق ما يؤمن به ويفنى وحده

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي