الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثلاثاء الدامي، خدمةٌ لأية سياسة؟

شمال علي

2004 / 3 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كان يوم الثلاثاء الثاني من آذار يوماً دامياً، فكأن الدماء التي كانت تريقها القامات لم تكن كافية، ليأتي مؤمنون آخرون بعقيدة احتقار الإنسان والحياة ويكتبوا بدماء العشرات من الضحايا الأبرياء وبالاشلاء البشرية الممزقة فصلاً آخر من فصول السيناريو الأسود في عراق اليوم.
إنه حقاً فصل آخر من السيناريو الذي بدأته أمريكا وحلفائها بحربها المدمرة على العراق وما برحت تزيدها قتامة بسياساتها الرجعية في دعم القوى اليمينية القومية والدينية وتمزيق أوصال المجتمع بسكاكين الطائفية والمذهبية. فهذه المجزرة البشعة التي لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة في عراق ما بعد الحرب، جاءت وبعكس ادعاءات الإعلام الغربي الكاذب والمسؤولين الامريكيين والبريطانيين والاوساط السياسية الرجعية في العراق ليس لإيقاف العملية السياسية الجارية في العراق، بل لتدفع الأوضاع بأتجاه تلك السياسات اللاإنسانية والمغرقة في الرجعية.
إن خطورة هذا النوع من الإرهاب الإسلامي في الظروف الحالية في العراق لا تقاس بعدد ضحاياها وأبعادها الإنسانية، فالواقع الذي تكرسه مثل تلك الجرائم والابعاد السياسية لهذا الإرهاب الممذهب لهو اخطر بمئات المرات.
من المستبعد أن تثير مثل تلك الأحداث حرباً طائفية ومذهبية، فجماهير العراق وعلى الرغم من محاولات من نصبوا أنفسهم ممثلين للطوائف والمذاهب أكثر حنكة ودراية وأكثر وعيا من الانجرار وراء الدعوات المسمومة والانزلاق إلى مستنقع الحرب الأهلية. غير أن الجماهير وفي ظل الاجواء السياسية المتخمة بروح الطائفية والمذهبية وفي ظل تصنيف سكان العراق حسب الإنتماءات المذهبية والطائفية والقومية التي تحولت إلى صناعة تستثمر فيها المليارات من الدنانير والتومانات والريالات والدولارات، يدفعها الخوف والهلع، دون إرادتها إلى الانضواء تحت راية تلك الهويات المهترئة والمزيفة.
إن الذين اتخذوا من تلك الهويات مقياساً ومعياراً وراحوا رغماً عن رغبات الجماهير وإرادتها يصنعون ويفرضون مؤسساتهم ويقسمون الوزارات والمناصب ويأسسون الجيش وحتى الشرطة وفق مبدأ المحاصصات المذهبية والقومية، أصبحوا اليوم مدينين بشكر كبير لمرتكبي جريمتي بغداد وكربلاء، فها هي دماء العشرات من الابرياء تطبع الاختام على الهويات المذهبية المزيفة وتكلل جهودهم بالنجاح.
وهاهو الإسلام السياسي الذي يجد نفسه في حصار تجاربه الفاشلة في إيران وافغانستان والسودان وفي مواجهة الأحتجاج الجماهيري الواسع ضد ممارساته، وقد ولد اثر ذلك على الرغم من ضخامة جثته مشلولاً في الواقع السياسي الجديد في العراق، ها هو يتعكز على الطائفية ويمتطي حصان المذهبية ليخفي عيبه وليظهر كفارس للميدان السياسي في العراق. من حقهم والحال هذه أن يحتضنوا مهللين بركات هذا الإرهاب، بدل البكاء وذرف الدموع المزيفة.
الإرهابيون يغذون بعضهم بعضاً، ويتغذون على دماء ضحاياهم. من المستبعد أن يستطيع أبو مصعب الزرقاوي والإرهابيين الإسلاميين تنفيذ ما خططوا له في مخيلتهم المريضة، بيد أن الحرب الأمريكية والبريطانية على العراق وإغراقه في لجة الفوضى وأنعدام الأمن والأستقرار ومخططهم الرجعي لإعادة فرض دولة يمينية قومية و دينية عن طريق تقنين الطائفية والقومية وحتى العشائرية وتثبيتها في تركيبة السلطة السياسية، مهدوا أرضية ظهور وتقوية الإرهاب الإسلامي وأصبحوا يساعدون الإرهابيين سياسياً لتفتيت المجتمع في العراق. إن التهديد الحقيقي لمستقبل العراق يأتي من قبل الإرهاب الأمريكي ومخططه التدميري بمشاركة القوميين والإسلاميين الرجعيين، وليس من تلك العمليات الإرهابية مهما بلغت أبعاد أجرامها ووحشيتها.
إن التصدي المؤثر لهذا التهديد ليس في سد منافذ الحدود و تصعيد التدابير الأمنية وتعيين عدد أكبر من الشرطة، بل يتحقق بإفشال سياسة افغنة أو لبننة العراق وأنهاء أوضاعا يتكاثر فيها الإرهابيون الإسلاميون مثلما تتكاثر الجراثيم من القمامة، ويتحقق بتمحور جماهير العراق حول مطالباتهم وتطلعاتهم الإنسانية والتحررية لإفشال مخطط فرض دولة قومية ودينية والتشديد من نضالهم لأجل بناء دولة مدنية-علمانية وغير قومية. إن العلمانيين وسائر التحررين والجماهير المتعطشة للأمان والحرية مدعوون للإلتفاف حول البديل التحرري الذي يضمن تحقيق تلك التطلعات والحزب الشيوعي العمالي يحمل راية هذا البديل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟