الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الديمقراطية ممكنة في العالم العربي؟

سامر خير احمد

2004 / 3 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


العرب منشغلون هذه الايام بعدة اسئلة عن انجاز الديمقراطية. فالقادة يسألون: هل يجوز ان تفرض الديمقراطية من الخارج؟ وهل ان بعض الاصلاحات الديمقراطية تكفي لاقناع الغرب والناس بتحقيق الحياة الديمقراطية؟ وكيف يمكن اجراء تعديلات سياسية هنا وهناك بحيث لا تمس واقع الحكم وسلطاته؟ فيما الشعوب تسأل: كيف السبيل الى انجاز الديمقراطية الحقيقية الكاملة؟ وكيف يمكن اجبار السلطات على التنازل السياسي لصالح شعوبها؟ وهل يجوز الترحيب بالضغط الاميركي على الحكومات العربية ما دام سيثمر اصلاحاً ديمقراطياً؟ وما الذي تخفيه اميركا وراء مطلبها بدمقرطة العالم العربي؟
غير ان احداً من الطامحين بديمقراطية حقيقية او من الراغبين بالالتفاف عليها لم يسأل: هل الديمقراطية ممكنة اصلا في العالم العربي؟ بمعنى: اذا توفرت لدى السلطة السياسية في مكان عربي ما نية صادقة لاقامة نظام حكم ديمقراطي، فهل سيتقبل الشعب العربي الديمقراطية ويتفهمها ويمارسها على اصولها في حرية الرأي والمشاركة والمساواة؟
اذا كنا صادقين مع انفسنا وعارفين لواقعنا فسنجزم بالاجابة: لا.
اما السبب، فهو ان الديمقراطية لا تتحقق في بنية اجتماعية عصبوية بمفاهيمها وعمودية ابوية في تشكيلها، لأن هذه البنية تفتقد قيمة المساواة بين افرادها، والمساواة هي اصل الديمقراطية واساسها. فالواقع ان التنظيم القبلي لا زالت له اليد الطولى في مفاهيم العرب وسلوكهم، وفي هكذا تنظيم تتحدد قيمة الفرد في ضوء قيمة القبيلة التي ينتمي لها لا في ضوء كفاءته الشخصية وقدراته، وهنا تسقط المساواة والعدالة، وتحل محلها المحاباة ويضيع القانون اذ يصير تطبيقه انتقائياً، فهل الديمقراطية - اذن - ممكنة؟
ما دام التفكير العصبوي اسبق عند العرب من تفكير المساواة، ستتحول الديمقراطية في حال تطبيقها الى اداة للتنافس على اساس المجاميع العصبوية، لا على اساس الافكار والبرامج الوطنية، فأية ديمقراطية هذه؟ سيكون الفوز في الانتخابات الرئاسية او حتى البرلمانية شرف تطلبه القبيلة لتسود القبائل الاخرى دونما اعتبار لمصالح «الوطن».
هكذا فإن هذه الديمقراطية ستكون نتيجتها اعادة انتاج القمع واللاديمقراطية، وسيبدو العرب وكأنهم يدورون في حلقة مفرغة تبدأ بالتخلف الحضاري وتنتهي عنده. ولذلك فإن انجاز الديمقراطية يتطلب اولا اعادة صياغة الذهنية الاجتماعية باتجاه كسر التقليد الاجتماعي، واعادة ترتيب البنية الاجتماعية باتجاه اطلاق مبادرة الفرد، وهذه مهمة غير متاحة التطبيق على المدى القريب، فهي تتعلق بتلك الذهنية التي لم تتشكل بعد عند الاجيال الجديدة، التي ما زالت في مرحلة الطفولة.
لكن كيف يمكن توقع ان يقوم مجتمع يفكر بذهنية تقليدية بانتاج ذهنية جديدة عند الاجيال الجديدة؟ ان ذلك مستحيل، فلو تركت المهمة للمجتمع لاعاد انتاج ذهنيته نفسها عند هذه الاجيال، ولذلك فلا حل الا بغرس الذهنية الجديدة القادرة على انتاج الديمقراطية في عقول الاطفال رغم ارادة المجتمع. إن ذلك يتطلب نوعاً من «الاستبداد» ولكنه استبداد مخلص وعادل ورحيم وطموح، وهو ما لا يستطيعه الذين يتملقون التخلف ويعتاشون عليه.
ان استحالة الديمقراطية في الظرف العربي الراهن واضحة تماماً، ففي اربعينيات القرن العشرين علا نجم التبشير بالديمقراطية، ولما ثار العسكر في غير مكان عربي اعلنوا تمسكهم بتحقيق الديمقراطية، وحين ماتت الثورات اعلن البعض سعيهم للاصلاح من داخل الانظمة العربية بغية انجاز حلم الديمقراطية، فلماذا فشلت كل شعارات الديمقراطية وتكسرت مساعيها، ولماذا لم تنتزعها الشعوب العربية انتزاعاً؟ أليس السبب ان واقع هذه الشعوب يحول بينها وبين الديمقراطية؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرق الأوكراني في قبضة روسيا.. الجيش الأوكراني يواجه وضعا -


.. رأس السنوار مقابل رفح.. هل تملك أميركا ما يحتاجه نتنياهو؟




.. مذكرة تعاون بين العراق وسوريا لأمن الحدود ومكافحة المخدرات


.. رئيس الوزراء الأردني: نرفض بشكل كامل توسيع أي عمليات عسكرية




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام تنفذ سلسلة عمليات نوعية في جبالي