الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نصر أحمر في نيكاراغوا والمعارضة تنكر الديمقراطية

فنزويلا الاشتراكية

2009 / 1 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


يغلب على العناصر اللاديمقراطية التي تسعى دوماً لفرض ذاتها بالقوة أن تتخبط بعد أي حالة فشل تجد نفسها فيها وأن تقوم، عبر ما تتسم به من تسلط وحب السيطرة، بمواجهة هذا الفشل من خلال توجيه التهم إلى الآخرين خاصة أن هذا الفشل عادة ما يكون حقيقي وصادق في الحالات اللاديمقراطية مما يجعلها عاجزة عن إيجاد أي وسيلة أخرى لتبرير نفوذها. في نيكاراغوا، ربما يشكل تاريخ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر مثالاً على هذا الموقف تقع فيه القوى الامبريالية في الولايات المتحدة ومن يتبعها من معارضة في نيكاراغوا.

إلا أن هذه الخطة التي تتبعها القوى الامبريالية قد لا تحقق نجاحا في كل الحالات خاصة وإن كانت أحداث الواقع مساعدة لإثبات عكس الإدعاءات التي تطلقها تلك القوى لتوجيه أصابع الاتهام على من يعاديها محاولة منها لتعتيم حقيقة فشلها أمام الإرادة الجماهيرية.

ولعل هذا هو الموقف الذي وجدت المعارضة النيكاراغوية نفسها فيه بعد فوز حزب السانديين اليساري الحاكم في الانتخابات البلدية التي جرت في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر ب105 مجالس بما فيها العاصمة ماناغوا من 146 مجلس بينما حصل الحزب الدستوري الليبرالي المعارض على 37 مجلس فيما حصلت الأحزاب الأصغر على المجالس الأربعة المتبقية حسب ما أعلن رئيس المجلس الانتخابي روبيرتو ريفاس قائلاً "لقد تم احترام إرادة الشعب."

بعد إعلان نتائج هذه الانتخابات التي شكلت أول اختبار لشعبية حكومة أورتيغا اليسارية في نيكاراغوا، سارعت المعارضة بإطلاق ادعاءاتها عن أن الانتخابات مزورة مؤكدة ذلك بحجة أن المراقبين الدوليين لم يسمح لهم بالإشراف على الانتخابات.

بعد قيام الرئيس اليساري النيكاراغوي دانييل أورتيغا الذي يحكم البلاد حالياً بانقلاب عام 1979 على الديكتاتور أناستازيو سوموزا وقيادة حركة مقاومة ماركسية ضد متمردي البلاد الذين كانت تدعمهم الولايات المتحدة وترأسه الحكومة لمدة 10 سنوات، شهدت نيكاراغوا عام 1990 عملية انتخابية فشل فيها الرئيس أورتيغا بالإرادة الشعبية وأعيد له الحكم بنفس الطريقة عام 2007 وحتى الآن. وهو ما قد يفند ادعاءات المعارضة الموالية لحكومة الولايات المتحدة والتي تتصيد الاتهامات فقط لتبرير فشلها شعبياً.

ولم تكتفي المعارضة بإطلاق ادعاءات هنا وهناك بل ذهبت إلى حد إثارة الفوضى في البلاد والمطالبة قانونيا بإلغاء نتائج الانتخابات. ناهيك عما صرحت وقامت به حليفتها وعدو كل إرادة شعبية والمتمثلة بالإدارة الامبريالية في الولايات المتحدة الأمريكية.

فبعد إعلان النتائج الشعبية، احتفل آلاف المناصرين للحزب اليساري الحاكم حاملين أعلام الحزب بألوانها الأحمر والأسود تعبيرا منهم عن شرعية الانتخابات وشرعية الحكومة. إلا أن المعارضة لم تتأخر بعد إعلان النتيجة وحشدت مسيرة من المعارضين الليبراليين توجها إلى العاصمة التي شهدت اشتباكات عنيفة بين مناصري الطرفين الحاكم والمعارض نتج عنها إصابات عدة.

أما قانونياً فقد طالب قياديو المعارضة بإعادة النظر في نتائج الانتخابات بحضور خبراء دوليين كما تقدموا بمشروع قانون لإلغاء هذه النتائج وهو ما أعلن الرئيس أورتيغا بمرسوم رئاسي أنه طلب غير دستوري قائلاً "إن السلطة القضائية الوحيدة التي تملك الحق بإلغاء نتائج الانتخابات هي المجلس الانتخابي الأعلى للبلاد."

أما الراعي الأكبر لأي تحرك ضد الإرادة الشعبية والمتمثل بالولايات المتحدة، فبالطبع لم يقف مكتوف الأيدي أمام انتصار آخر يهدد مصالحه. إذ قامت كل من وزارة الخارجية الأمريكية ورئاسة منظمة الدول الأمريكية بالتعبير عن قلقهم من تصريحات المعارضة حول تزوير الانتخابات البلدية في نيكاراغوا مما دفع سفير نيكاراغوا لدى منظمة الدول الأمريكية دينيس مونكادا للذكر أمام مجلس المنظمة الدائم أن أمين عام المنظمة ووزارة الخارجية الأمريكية ميغيل إنسولزا قد تجاوز سلطاته وصلاحياته بتعليقاته على الانتخابات في نيكاراغوا. قال "إنه أمر غير مقبول أن يقوم الأمين العام باغتصاب سلطة دولة نيكاراغوا في الوقت الذي لم يتم منحه هذه الصلاحية من قبل حكومة وشعب نيكاراغوا."

وفي خطوة متوقعة، أعلنت الولايات المتحدة في أواخر شهر تشرين الثاني/ نوفمبر إنها، بحجة أن الانتخابات في نيكاراغوا كانت مزورة، قامت بتعليق صرف مبلغ 64 مليون دولار كان من المفترض أن يستكمل مشروع مناهضة الفقر الذي بدأ تنفيذه عام 2005 بقيمة 175 مليون دولار في نيكاراغوا وهو ما يكشف حقائق ونوايا المشاريع التي تقدمها أي جهة امبريالية عندما تربط مشاريعها الإنسانية بقرارها السياسي دون أدنى اكتراث بالقضايا التي تدعي أنها هدفا للمشاريع مما يدل على أن هذه المساعدات هي إحدى وسائل التدخل غير المباشر والرغبة بالسيطرة وليست لنوايا إنسانية فعلاً.

بعد هذه الخطوة ما كان للحكومة النيكاراغوية إلا أن توضح لمن يظن أنه بماله قد يتحكم بما يشاء أن نيكاراغوا قادرة وبسهولة على الحصول على مساعدة من جهة أخرى. قال رئيس صندوق الاستثمار الاجتماعي الطارئ التابع للحكومة النيكاراغوية نيلسون آرتولا "لدينا أصدقاء، لدينا حلفاء يمكنهم بتوقيع واحد أن يستبدلوا هذه التبرعات التي كانت تقدمها الولايات المتحدة من أجل التحكم والهجوم على البؤس والفقر في المنطقة."

ويعتبر هذا الموقف بمثابة التوكيد على سوء العلاقات بين حكومة نيكاراغوا اليسارية والولايات المتحدة على الرغم من أن العلاقة كانت في الأساس مشوبة بشكل غير مباشر خاصة وأن نيكاراغوا حرصت دوما على الحفاظ على علاقاتها مع خصوم الولايات المتحدة كفنزويلا وإيران وأيضاً منذ قيام الرئيس أورتيغا بملاحقة متمردي نيكاراغوا المدعومين من قبل الولايات المتحدة.

لم تكن ثقة الحكومة النيكاراغوية إلا في محلها عندما آمنت بأصدقاء وحلفاء يحيطون بها. فسريعاً مع بداية هذه الأزمة أعلن الرئيس أورتيغا أن فنزويلا عرضت على نيكاراغوا مبلغ 100 مليون دولار كمساعدة بديلة لتلك التي أوقفتها الولايات المتحدة عن نيكاراغوا. قال الرئيس أورتيغا "لقد عرض حليفنا اليساري الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز هذا العرض دون ابتزاز أو شروط من أي نوع."

في كل مرة يتراجع اليسار فيها لصالح خيار شعبي آخر يثبت أنه يسار ديمقراطي يسعى لتحقيق الانسجام مع الشعب بدلاً من اغتصاب أفكارهم. وها هي الوقائع المتتالية في قارة أمريكا اللاتينية تثبت بعد مرور الزمن بالطريقة الديمقراطية أنها فعلا تعمل في خدمة الشعوب والطبقات الفقيرة منها وبالتالي تسترجع شعبيتها بشرعية صادقة رغم كل محاولات التشويه.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديموقراطية والدولار
هندال سالم ( 2009 / 1 / 11 - 18:47 )
لا توجد ديموقراطية تحت ظل الدولار في أيٌ زمان ومكان ، وعبيده شاحذي الهمم دائما لمحاربة أحرار ألإنسانية الذين يستخدموه وسيلة لإسعاد شعوبهم.
إن هؤلاء العبيد يستخدوا كل وسائل المكر والتضليل لنصرته بما فيها جعل المقدسات ألإنسانية ستارا لمآربهم فلا نعجب لما تقوم به برجوازية العالم لتشويه ما حدث لإنتخابات نيكراغوا !!!
النصر لشعبها والشكر لكاتب المقالة لتسليط الضوء على ما حصل وشكرا ......

اخر الافلام

.. حادث مفاجئ جعله رئيساً مؤقتاً لإيران.. من هو محمد مخبر؟ | ال


.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني في تبريز| الأخبار




.. نتانياهو -يرفض باشمئزاز- طلب مدعي الجنائية الدولية إصدار مذك


.. مقتل الرئيس الإيراني: هل تتغيّر علاقات طهران بدول الخليج وال




.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس -إبادة جماعية- نحن نرفض ذلك